البحث عن ملامح جديدة للصناعة وتعزيز القدرات التنافسية وتنويع الاقتصادات

البحث عن ملامح جديدة للصناعة وتعزيز القدرات التنافسية وتنويع الاقتصادات

استهل قادة العمل الصناعي الخليجي مؤتمرهم في الدوحة بتفاؤل كبير بأن يتمكن المشاركون بتحديد الملامح العامة لمستقبل الصناعة وتفاعلها مع المتغيرات الاقتصادية وما تواجه الصناعة من منافسة وتحديات وبلورة ملامح جديدة لإعادة هيكلية الصناعات الخليجية للمحافظة على قيام صناعة خليجية قوية وناجحة لتعزيز قدراتها التنافسية حتى تستطيع الاستمرار في معترك المنافسة الإقليمية والدولية.
وقال عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون إن المؤتمر فرصة مميزة لمراجعة وتقييم إنجازات وأعمال هذا القطاع الحيوي في منطقة الخليج حفاظا على النمو، وطالب بضرورة تعميق الاستفادة الحقيقية من مفهوم المواطنة الاقتصادية الخليجية من خلال جني ثمار المكتسبات العائدة من جراء إقرار المساواة التامة في المعاملة بين المواطنين في جميع المجالات الاقتصادية وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني وقيام مشاريع إنتاجيه موجهة للتصدير قناعة مشتركة ومرنة. وأضاف الأمين العام لمجلس التعاون، أنه نتج عن كل ذلك عديد من الإنجازات من خلال المسيرة المباركة للمجلس سواء السماح لمواطني المجلس بالاستثمار في المجال الصناعي وبمساواة مواطني دول المجلس بمواطني الدولة العضو بالحصول على القروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء وكذلك المساواة بين مواطني الدولة العضو في المعاملة الضريبية والسماح للوحدات الإنتاجية بالتصدير لبقية دول المجلس إلى جانب اعتماد قانون موحد للتنظيم الصناعي وصيغة موحدة لترخيص طلب إقامة المشروع الصناعة، إضافة إلى عديد من الإنجازات الأخرى. وأكد أن دول المجلس تتطلع بنظرة تفاؤلية إلى القطاع الصناعي في دولها والذي يشهد مزيدا من التطور والنمو نتيجة للاستقرار الاقتصادي والمالي الذي تنعم به دول المنطقة والإجراءات الناجعة التي اتخذتها دول المجلس لمعالجة والحد من الآثار السلبية لمختلف التحديات والتقلبات الاقتصادية الحادة، حيث استطاعت إدارة سياستها بمهنية عالية لمواجهة تلك التقلبات مما أكسبها مزيدا من الثبات وبتأثيرات سلبية أقل عن أي دول أخرى مما يعد دليلا عمليا وملموسا على تحقيق تلك التطلعات. ولفت الدكتور محمد صالح السادة وزير الدولة لشؤون الطاقة والصناعة القطري إلى أن هذا المؤتمر يستمد أهمية إضافية من الأحداث المتسارعة في منطقتنا ومن حولنا وفي العالم أجمع، مشيرا في هذا الخصوص إلى ما حققته دول مجلس التعاون الخليجي من تقدم على صعيد إقامة السوق الخليجية المشتركة واقترابها من تحقيق اتحاد نقدي وما لذلك من تأثير إيجابي في مستقبل الصناعة في دول المجلس. وأشار إلى التحولات الجذرية التي طرأت على وضع التجارة الدولية بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حددتها منظمة التجارة العالمية وما ترتب على ذلك من مصاعب وتحديات للشركات وللمنتجات الصناعية الخليجية لا في الأسواق العالمية فحسب وإنما في أسواقنا المحلية حيث تعمقت تلك المصاعب والأزمات بدخول عامل إضافي لم يكن في حسبان أحد قبل عامين ألا وهو تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد العالمي.
من جانبها قالت الدكتورة لولوة المسند الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية بالإنابة، خلال السنوات العشر بين 1998 و2008 نما الاقتصاد الخليجي نموا تراكميا بما نسبته 65 في المائة وزاد عدد السكان ما بين العامين بمقدار عشرة ملايين نسمة ( 28 مليونا إلى 38 مليونا) ويتوقع أن يستمر الاقتصاد الخليجي خلال العقد المقبل حتى عام 2020 في النمو ليصل إلى تريليوني دولار في نهاية العقد أي سترتفع نسبة الناتج الاقتصادي الخليجي من الناتج الإجمالي العالمي من 1.1 في المائة في عام 2000 إلى 1.7 في المائة في عام 2020. هذا النمو سيكون مدفوعاً باستمرار الطلب للنفط والغاز من قبل الدول الصناعية الحديثة في آسيا ولذا فإن الشراكة التجارية الاستراتيجية مع هذه الدول ستتصاعد بالتدريج الأمر الذي يحتم أن توجه أنظارنا شرقاً وإلى الجنوب عند بناء أي استراتيجية صناعية للعقد المقبل.
وأضافت أن هناك معضلة حسابية تشير إلى أن مساهمة الناتج الصناعي من مجمل الإنتاج الكلي لم يراوح 10 في المائة خلال أكثر من عقد من الزمان، ولذا فإن الحلم الأكبر للصناعة الخليجية وهو خلق التنوع الاقتصادي المنشود سيكون مرهوناً بتزايد تحويل الأصول العينية من نفط وغاز إلى قيمة مضافة صناعية.
وأشار الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني الذي تحدث نيابة عن الدكتور عصام فخرو رئيس اتحاد الغرف الخليجية، إلى أن دول مجلس التعاون باتت من أكبر المنتجين للبتروكيماويات في العالم حيث تحظى هذه الصناعة باستثمارات كبيرة ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2010 وهو الأمر الذي يجعل من منطقة الخليج الموطن الطبيعي لصناعة البتروكيماويات في العالم، موضحا أنه وفقا لتقديرات عالمية فانه ستزداد المنتجات المشتقة من البوليوريثان في الشرق الأوسط بنسبة 20 في المائة، كما سوف تكون حصة هذه المنطقة في سوق الإثيلين 17 في المائة في عام 2010 مقارنة بـ 9 في المائة في عام 2004. وأضاف رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، ممثل الاتحاد العام لغرف دول مجلس التعاون، أن مصادر اقتصادية تتوقع أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد تشكل بداية الصناعات الكيماوية في الخليج وذلك بسبب سهولة الحصول على النفط والغاز بأسعار زهيدة وهو ما حث الحكومات الخليجية على استغلال هذه الميزة لمضاعفة الاستثمار في قطاع البتروكيماويات في السنوات الأخيرة مما زاد الإنتاج الإجمالي إلى 60 مليار دولار مع نسبة نمو سنوية تزيد على 9 في المائة وذلك منذ عام 1997. وقال إن حجم الاستثمار الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفع إلى 150 مليار دولار خلال الفترة من عام 1990 إلى 2008 وتضاعف عدد المصانع العاملة قرابة ثلاث مرات خلال الفترة نفسها إذ ازداد عددها من 4386 مصنعا إلى 12316 مصنعا مما أدى إلى ارتفاع قيمة الصادرات الصناعية غير النفطية من نحو سبعة مليارات دولار في عام 1990 إلى 25.5 مليار عام 2000 وإلى نحو 83 مليار عام 2008 وهو الأمر الذي أسهم في تحسين الأداء الاقتصادي لدول المجلس بشكل عام. وشدد على أن الصناعة وفي ظل الأزمة المالية العالمية وما تلاها من تقلبات لأسعار النفط تعتبر خيارا استراتيجيا لدول مجلس التعاون خاصة في قطاع البتروكيماويات للنهوض باقتصادياتها وتحصينها ضد الأزمات التي قد تحدث. ولفت إلى أن اتحاد غرفة دول المجلس وإيمانا منه بأهمية الصناعة بادر بالاهتمام بالقطاع الصناعي، حيث تم تأسيس اللجنة الخليجية للصناعة والترويج ممثلة فيها جميع غرف دول المجلس وتم توفير جميع الأسباب التي تساعدها على تحقيق الأهداف، مشيرا إلى أن اللجنة قامت بعدة مبادرات منها مراجعة الاستراتيجية الصناعية المقترحة من الأمانة العامة لمجلس التعاون.

الأكثر قراءة