محللون: رغم الضغط الائتماني.. دبي بمنأى عن الإفلاس
تستعد دبي لخوض واحدة من أكبر التحديات الاقتصادية التي واجهتها على مدى عدة عقود، عندما تجد نفسها أمام عدة خيارات للإفلات من مخالب الأزمة المالية العالمية، أحلاها قد يكون مرا وإن من الناحية النظرية.
وبحسب محللين عديدين فإن إمارة دبي لا تواجه خطر الإفلاس لكن الثمن المترتب للخروج من أزمتها المالية سيكون التخلي عن جزء من سيادتها الاقتصادية لصالح «الشقيقة الكبرى» أبو ظبي.
وأعلنت دبي الأربعاء عجزها في الوقت الراهن عن سداد ديون شركات تابعة لها، ما أثار ذعرا وتدهورا في العديد من الأسواق المالية الدولية وتراجع الكثير من السندات الإسلامية.
وأفادت دبي التي تأثرت مباشرة جراء الأزمة المالية بعد سنوات من الازدهار، في بيان الأربعاء بأنها سمحت لـ «صندوق دبي للدعم المالي» بإجراء عملية إعادة هيكلة لمجموعة «دبي العالمية» المالكة لكل من «موانئ دبي العالمية» ونخيل العقارية، وهي شركة يعتقد أن ديونها تشكل السواد الأعظم من ديون الشركات التابعة لحكومة دبي.
وقال البيان إن «دبي العالمية» ستطلب من جميع دائنيها ودائني شركة نخيل خصوصا «تجميد أو تأجيل تواريخ استحقاق الديون حتى 30 أيار (مايو) 2010 على الأقل».
من جهته، أكد عبد الله البراك ـ محلل مالي سعودي ـ أن «التحدث عن إفلاس دبي أمر غير وارد»، مستدركا في الوقت ذاته «القول إن دبي تمر بأزمة مالية.. هذا صحيح».
ويذهب مدير شركة ثراء للاستثمارات المالية، إلى أن «طلب دبي (من الدائنين) التريث.. يربك الأسواق وبخاصة أسواق السندات.. التخوف أمر طبيعي. وزاد أن دبي «مدينة ليست عادية.. إنها مركز رئيسي لوجستي للشركات حول العالم.. هذا من أهم الأمور في الاستثمار.. من الصعب أن تغير الشركات مواقعها.
ويقلل البراك من انعكاس الأزمة المالية في دبي على المنطقة معللا ذلك بأن «أبو ظبي والكويت والدوحة هيكلها الاقتصادي ليس مثل دبي...»، وأن «الأزمة ستؤخر نمو دبي مقارنة بنمو عديد من المدن في المنطقة.. نمو دبي في السنوات الماضية كان سريعا جدا.. متخذي القرار فيها كانوا متعجلين بعض الشيء متعجلين»، وعلى الرغم من ذلك فإنه يؤكد «عديد من الدول أن لديها استعداد الإقراض دبي.. لا قلق على هذه الإمارة.. عوامل النمو مجددا ما زالت حاضرة».
من جهته، يؤكد باسكال دوفو الخبير الاقتصادي في مصرف بي إن بي باريبا ان «دبي كامارة غير معرضة للإفلاس لأنها تحظى بدعم أبو ظبي».
وتابع «لكن هناك منافسة بين مختلف الامارات، وربما تجد أبو ظبي في ظل هذه الأزمة فرصة لاستعادة السيطرة على الإمارات.»
وتنافس دبي، وهي المركز الاقتصادي للإمارات، العاصمة أبو ظبي التي تنتج أكثر من 90 في المائة من نفط الدولة، في حين أن بترول دبي شارف على النضوب.
ولكن أبو ظبي سارعت الى تقديم المساعدة لدبي التي أطلقت مشاريع بناء ضخمة ترتبت عليها ديون طائلة، إذ ترافق إعلان حكومة دبي تأجيل سداد الديون مع إعلانها جمع خمسة مليارات دولار عبر بيع سندات عادية وصكوك إسلامية بالتساوي لمصرفين تابعين لحكومة أبو ظبي هما بنك أبو ظبي الوطني وبنك الهلال الإسلامي.
ويشكل هذا الإصدار الشريحة الثانية ضمن برنامج السندات البالغة قيمته 20 مليار دولار والذي أعلنت عنه دبي في شباط (فبراير) الماضي، علما أن المصرف المركزي الإماراتي سبق أن اكتتب بكامل سندات الإصدار الأول الذي بلغت قيمته عشرة مليارات دولار، ما فسر يومها على أنه دعم من أبو ظبي لدبي.
وقال إبراهيم خياط الكاتب والخبير في الشؤون الاستراتيجية والمقيم في دبي «لا يمكن لأبو ظبي أن تسمح بانهيار دبي»، مضيفا أنه وبالرغم من أن «هناك منافسة (...) لكن إذا انهارت دبي ستصاب أبو ظبي».
وتساءل «ما هو ثمن دفع الديون؟» متوقعا أن «تستعيد دبي ملاءتها لقاء حل سيرغمها على التخلي عن قسم من موجوداتها لصالح أبو ظبي».
لكنه أبدى ثقته بأن «دبي ستخرج من الأزمة في غضون سنتين، غير أن أبو ظبي ستشاركها السيطرة على جزء من مواردها».
وكان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد اعلن في خطاب نادر من نوعه في الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) أن «قوة دبي تكمن خصوصا في الاتحاد القوي مع إمارة أبو ظبي».
وأكد الشيخ محمد، وهو نائب رئيس الإمارات ورئيس وزرائها، في المناسبة ذاتها أن الإمارة ستتابع مشاريعها التنموية وستفي بالتزاماتها المالية في السنوات المقبلة.
وقدر إجمالي ديون دبي في 2008 بنحو 80 مليار دولار، 70 مليار دولار منها في ذمة الشركات العامة، من بينها 59 مليار دولار في ذمة مجموعة «دبي العالمية» وحدها.
ومن المفترض أن تسدد دبي في 2010 ديونا بقيمة 13 مليار دولار، وأن تسدد في 2011 ديونا أخرى بقيمة 19.5 مليار دولار.