رجال الأمن .. عين هنا وأخرى هناك وبينهما تتجلى شخصية «العراب»
ضربت السلطات السعودية أروع الأمثلة في تلاحم صور الشدة واللين في وقت متزامن، حيث أوجعت بإحدى يديها جنوح المتسللين على الشريط الحدودي وطهرته من براثن غدرهم، ومدت بيدها الأخرى صنوفا من الرفق واللين على الأراضي المقدسة في الحرمين الشريفين.
وساقت السعودية بهذا التزامن المفاهيم الدلالية لمفهومي الدفاع عن النفس بكل حزم وصرامة، والمفهوم الشرعي لتأصيل قدسية الحج وطهارته.
يد هنا ويد هناك، وعين هنا وعين هناك، وما بين هذا وذاك تتجلى شخصية القيادة السعودية الأمنية التي أعلنت مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة وعلى لسان عرابها الأول الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أنها لا تهادن ولا تتهاون مع كل من تسول له نفسه التعدي على شبر من أراضي المملكة مهما كان، وفي الوقت نفسه تعهدت بتقديم السبل التي تكفل لحجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، وقبل كل شيء تكفلها بمعونة الله بحفظ أمنهم وأمانهم وهذا ما درجت عليه المملكة منذ سنوات عديدة.
رجال يقفون على جبهتين مختلفتين، جبهة تحمل فيها سواعدهم الأسلحة يصوبونها تجاه ثلة من المخربين استهدفوا أمن بلادنا، ليرابطوا ويسهروا على تنظيف ما اجترته يد الغدر منهم، بينما في المقابل هنا يصطفون في تراص يحمون ضيوف الرحمن بما أملاه عليه دينهم الحنيف، يتسابقون إلى عمل الخير يعيدون التائه إلى مقر سكنه، أيديهم ممدودة للمساعدة في كل حين وطوال أيام الحج، يتعبون ويرهقون, لكن هناك طلب للشهادة في سبيل الله ثم حماية للوطن، وهنا طلب للأجر والثواب من الله.
إن ما تواجهه السلطات السعودية من تداخلات في عملها لهذا الموسم، وتشكيك البعض في عدم أداء أدوارها بالشكل المطلوب في مهام موسم الحج، نفاه الأمير نايف بن عبد العزيز جملة وتفصيلا عندما شدد على انفصال مهام التطهير التي تقوم بها المملكة عن مهام عملها في موسم الحج، لافتا إلى أن المملكة قادرة وتحت أي ظرف من الظروف أن تحمي أراضيها وفي الوقت نفسه تؤدي مهامها وواجباتها الأخرى، دون أن يضعف أو يوهن من عضدها هذه أو تلك. يشار إلى أن المملكة بدأت عمليات التطهير في الشريط الحدودي الجنوبي مطلع الشهر الماضي عندما تعمق ثلة من المتمردين داخل الأراضي السعودية وأحدثوا تخريبا محدودا شمل عددا من سيارات حرس الحدود ومقتل رجل أمن واحد، في الوقت نفسه تقوم المملكة بخدمة وحماية أمن أكثر مليوني حاج أتوا من مئات الجنسيات المختلفة الإسلامية وقفوا بالأمس الأول في عرفات وأتموا بالأمس رميهم لجمرة العقبة ونحر هديهم.