خادم الحرمين.. مزج الحلم بالهدف في معادلة خاصة من قلب المشاعر

خادم الحرمين.. مزج الحلم بالهدف في معادلة خاصة من قلب المشاعر

لحلم القادة أطياف تتسارع باتجاه الحقيقة، حيث تستبعد كل فرضيات الخيال الذي لا يتحقق، إلا برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبعين ثاقبة لا يمتلكها سواه، وبقلب المؤمن الذي ارتبط بمولاه.
ومن هذه الفلسفة، رتب الملك عبد الله تفاصيل حلمه الجديد المتمثل في إنشاء مدينة طبية عظمى، تحمل اسمه وتضاهي في مكانتها كبرى المدن الطبية العالمية، والتي قدمها قبل مغادرته البارحة الأولى للمشاعر المقدسة للمواطنين في مكة المكرمة وللزائرين لبيتها العتيق ولضيوف الرحمن كهدية أشبه بعطاء الوالد الحنون.
اللافت أن ملك الإنسانية أدرك معنى التفريق بين الحلم والهدف، ومزج بينهما معادلته الخاصة، فالأهداف لديه تتحدد والأحلام تتولى ولغة الإنجاز دائماً حاضرة في قاموس هذا الملك، وهاهي مدينته الطبية تقف شاهدة على ملامح الإصرار بأن ينعم الوطن وزائروه وضيوف الرحمن بأعلى سقف من الخدمات الصحية والأمنية والاجتماعية وكافة الخدمات الأخرى الأساسية منها والثانوية.
غادر خادم الحرمين الشريفين المشاعر المقدسة البارحة الأولى، وهو يعد بأحلام أخرى وإنجازات للمستقبل الصحي في المملكة، متعهداً بالاستمرارية في دعم القطاع من خلال المتابعة والتطوير والتجديد وفق رؤية استشرافية متكاملة ترعى حاجات وتطلعات المواطنين، ذلك بعد أن أشرف على ما قدم لحجاج بيت الله الحرام من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة، وكذلك بعد أن تابع مراحل الخطة العامة لتنقلات الحجاج.
وجاء حج هذا العام في وقت تمر فيه المملكة بتحد كبير أمام قوى سياسية خارجية على حد الأراضي الجنوبية تمارس فكرا مريضا لا مكان له أبدا بيننا، يقاومها أبناء الوطن بنسيج متماسك يستمد قوته من الإيمان بالله تعالى والعزيمة والإصرار على حماية المقدسات الدينية ومقدرات الوطن، وأمام تحدا صحي فرضته ظروف الوباء العالمي "إتش1 إن1"، الذي أبت المملكة أن يكون حاجزاً يمنع ضيوف الرحمن الراغبين في أداء نسك الحج من الدخول إلى أراضيها، حيث عملت منذ أن تفشى الوباء عالميا وقبل وصوله أليها على وضع الخطط والاستراتيجيات والاشتراطات الضامنة لسلامة وأمن الحجاج، وأمام قسوة طبيعة فرضتها الظروف المناخية التي تسببت في جلب سيول منقولة ضربت أجزاء شرقية وجنوبية وطرقا شريانية حيوية من محافظة جدة، المدخل الرئيسي إلى المشاعر المقدسة وبيت الله الحرام في مكة المكرمة.
لقد احتوى خطاب الملك السنوي الذي وجهه إلى حجاج بيت الله الحرام على قناعات جازمة بأن أمن الحجيج مسؤولية لا تقبل التراخي واللين، وعلى تأكيدات قطعية أنه لن يتم السماح لأحد بتعكير صفو شعيرة الحج المباركة، وسيتم التعامل دائما مع كل مارق خارج عن جادة الصواب بشكل جاد وحسم.
ويظل القائد يؤكد دوماً أن حجاج البيت هم فوق كل اعتبار وجزء لا يتجزأ من مسؤولية كبرى، وأنهم بالنسبة إليه معقد الأمانة والمحك الحقيقي لإثبات أن المملكة ماضية في تيسير السبل للحجيج كجزء من منهجها الذي يستشعر عظم الأمانة الملقاة على عاتقها، ويبرز مدى تقديرها لحجم مسؤوليتها وأهمية الاضطلاع به بما يرضي الله جل وعلا قبل كل شيء، محتسبة عند الله خدمة قاصديها من الحجاج والعمار والزوار دون أن تنتظر من أحد جزاء أو شكوراً.
وكما هي عادة المملكة دائما تذيب جليد الفروقات وتقصي العنصرية ومن يغذيها، ذكّر خادم الحرمين الشريفين في خطابه التاريخي بالحرمة العظيمة لموسم الحج، وأن الله جل وعلا أراد أن تكون هذه الفريضة السنوية ملتقى مشهوداً بين أبناء الدين الواحد تبرز فيه وحدتهم، وتتجلى فيها المعاني الإيمانية القادرة على إزالة كافة أنواع الفروق بين المسلمين، لتجعلهم في وحدة متكاملة شملت المظهر والمخبر، تطلب ما عند الله من الفضل والمغفرة.
ويعتبر خادم الحرمين الشريفين الذي يأتي من ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم والأول عربيا للعام الحالي كشخصية عالمية، القادر على التحرك في جميع الاتجاهات وقيادة حركة التسامح الدولي التي لم يسبق لقيادة سياسية أن قادتها، وهو ما جعل الرأي العام العالمي يكن كل احترام وتقدير لشخصيته، خصوصاً بعد قيادته للحوار بين أتباع الديانات السماوية وما تمخض عنه من مؤتمرات وضعت لبنة واضحة في مسيرة العلاقات الدولية الراهنة، ولتدفع العالم بالاتجاه الصحيح بدلاً من الصراع بين الحضارات التي نادى بها الفلاسفة، كما أنه اليد الحانية التي تقف أمام كل عمل من الممكن أن يقرب بين الأشقاء في ظل إدراكه التام أن الجهود يجب أن تحشد للبناء والتنمية التي يفترض أن يجند العالم الإسلامي والعربي كل مقدراته لها.

الأكثر قراءة