حجاج «حكواتية»استغلوا المعالم التاريخية لتدر عليهم دخلا
"هنا جلد بلال بن رباح بالسوط"، و"هنا قتل كفار قريش أسرة عمار بن ياسر أمام ناظريه"، "بل هنا سحق أبرهة وجيشه"، كل تلك عناوين بارزة جعلها ساردو قصص تلك الوقائع التي حدثت منذ بزوغ فجر الإسلام وعلى مر تاريخه، وسيلة جذب وتشويق للحجاج الراغبين في زيارة تلك الأماكن التاريخية التي تزخر بها العاصمة المقدسة.
الحكواتية الذين يلتف حولهم الحجاج، ليسوا سوى أناس من بني جلدتهم، تفتقت أذهانهم عن هذا المشروع الاستثماري الذي يدر عليهم دخلا ماليا مناسبا قد يغطي تكاليف حجهم أو يزيد، فانكبوا ينهلون من الكتب التاريخية التي تتحدث عن تلك الوقائع والأحداث التي خلدها الإسلام بين ثنايا ذاكرته من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتي سطرت عبر مجلدات كتبها المؤرخون وتناقلتها الأجيال، ساعدهم في ذلك إتقانهم اللغة العربية، وزياراتهم المتكررة التي جعلتهم يحفظون العاصمة المقدسة وأماكنها التاريخية عن ظهر قلب، وكأنهم من قاطنيها. يقول جليل الرحمن - باكستاني الجنسية - " لدي خلفية كاملة عن سيرة عدد من الوقائع التاريخية التي حدثت في عصر الإسلام، والسبب يعود إلى دراستي الجامعية وتخصصي في السيرة النبوية ما ساعدني على تقصي كثير من المعلومات، الأمر الذي جعلني أفكر في هذا المشروع الاستثماري". وزاد: "في بداية المطاف كنت أزور مكاتب البعثات وأعرض عليهم تلك الفكرة التي من شأنها جذب الحجاج إليهم وترغيبهم في بعثاتهم، البعض استحسن الفكرة ولكن عرض مبلغا ماليا على شكل راتب وبثثن بخس، رفضت ولم أيأس حيث كان مبدئي أن يستخدموني كتسويق لبعثاتهم، وفي المقابل أنا أحدد الأجر وأقبضه من كل حاج يرغب في معرفة تفاصيل تلك المواقع التاريخية".
وأردف: "ليس أنا الوحيد في هذه المهنة ولست الأول الذي ابتكر تلك الفكرة، كثير من أبناء جلدتي يعملون في هذا الجانب، البعض تلقى خبرته من خلال الكتب، أو كحالي من خلال دراسة علمية متخصصة، المجال أوسع وأرحب لاستيعاب أمثالي، حيث إن هذه المهنة لها فوائدها العظيمة كي يتعرف المسلمون من خارج هذه الديار على دينهم وأدق تفاصيل أحداثه". مكة المكرمة التي تجمع بين جنباتها كثيرا من الأماكن الزاخرة بالأحداث التاريخية الحاصلة فيها في عصور الإسلام كغار حراء الذي تعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ومسجد البيعة الذي بايع فيه المسلمون الرسول على الإسلام والنصرة وسميت "بيعة الرضوان" بعد أن منعتهم قريش من أداء مناسك حجهم، وبئر ذي طوى الذي بات عندها النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح واغتسل مائها بئره وصلى ثم دخل مكة المكرمة، وغار ثور الذي اختفى فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من المشركين حين أزمع الهجرة إلى المدينة وأقام فيه ثلاثة أيام ، مهاجرا بعدها إلى يثرب.