المتسرّبون إلى المشاعر.. كيف يتجاوزون نقاط التفتيش؟
بات الاتفاق المتعلق بأعداد الحجاج المتسربين إلى المشاعر المقدسة مؤكداً، على الرغم من عدم معرفة طريقة دخولهم، بعدما أعلن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، أمس أن عددهم يفوق 700 ألف حاج.
وتشير القراءات الرسمية الصادرة عن المعنيين بشؤون الحج، أن عدد الحجاج القادمين من الخارج بلغ 1.613.965 حاجاً يمثلون حجاج 183 جنسية من مختلف أقطار العالم، وعدد حجاج الداخل النظاميين يقدرون بنحو 160 ألف حاج هذا العام، وبأقل من العام الماضي بنسبة 20 في المائة. وأوضحت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، أن إجمالي عدد الحجاج بلغ 2.313.278 حاجاً.
#2#
ورصدت «الاقتصادية» في جولات ميدانية، أعدادا من المتسربين، الذين يصعب على الجهات الرقابية متابعتهم أو التمييز بينهم وبين الحجاج النظاميين، إلا أن من الممكن أن تتم مشاهدتهم بوضوح والتأكد من وجودهم أما من خلال رصد 1852 كاميرا تتبع لمركز القيادة للسيطرة، أو من خلال مشاهدتهم على الواقع عندما يحل المساء، ويفترشون الممرات والطرقات في رغبة منهم لافتراش الأرض وتوسد الأرصفة أو نصب الخيام البلاستيكية للخلود إلى النوم ولو للحظات معدودة قبل أن يتم منعهم وإيقاظهم من قبل العاملين في إدارة وتنظيم المشاة، التي تتجلى مهامها في منع الافتراش في أي جزء من المشاعر وخاصة مشعر منى والممرات المؤدية للجسر.
ووجد خلال الجولة، عدد كبير من الخيام البلاستيكية، تقدر بمئات الآلاف، وكانت البداية تشهد تسرب الحجاج إلى مشعر منى في يوم التروية على استحياء، حتى أصبحت بكثرتها في اليومين التاليين يوم عرفة ويوم النحر، وليواصل بذلك بعضها البقاء بقية أيام التشريق، واللافت أن غالبية الذين يحجون بهذا الأسلوب، سبق لهم الحج مرات عديدة، سواء لهم أو لغيرهم.
وعلى الرغم من أن المديرية العامة للجوازات وجهات أمنية أخرى فرضت أكثر من 70 نقطة أمنية أحاطت بمكة المكرمة ومداخلها في محاولة لمنع تسلل أي حاج غير نظامي بعد تسبب الحجاج غير النظاميين في حوادث كثيرة خلال الأعوام الماضية، وتمكنت من إعادة 71 ألف حاج عبر المنافذ الرسمية منهم 32 ألف سعودي، إلا أن هناك مئات الآلاف تمكنوا من التسرب والوصول إلى المشاعر بأعجوبة، كما أنها تمكنت من ضبط وإحالة 320 متورطا في تهريب ونقل حجاج مخالفين كانوا في طريقهم إلي المشاعر المقدسة، والآن تنتظرهم عقوبات مشددة تتنوع بيت السجن والغرامات المالية ومصادرة المركبة.
ويؤكد اللواء سعد الخليوي مساعد قائد قوات أمن الحج لإدارة وتنظيم المشاة، أن أبرز ملامح خطة تنظيم المشاة تتركز حول ثلاثة محاور، تتمثل في منع الافتراش والتحكم في تدفق المشاة والمحافظة على اتجاهات السير»الاتجاه الواحد»، مشيراً إلى أن الخطة كانت فرصة لتحقيق أولى تجارب معمل نظم المعلومات الجغرافية، وكانت الفائدة المرجوة من تطبيق تلك القوة، توزيع القوى البشرية المشاركة في تنظيم المشاة توزيعاً دقيقاً بحيث يكون لذلك التوزيع نمطان، «الأول» يركز على منع الافتراش، و»الآخر» يعنى بالتحكم في حركة المشاة وسيرهم في الاتجاه الواحد، والقدرة على الاتصال الإداري الفاعل من خلال تبليغ الأوامر والتعليمات لكل المراكز المرتبطة بنظم المعلومات ورفع الوقائع من خلال وسائل الاتصال الحاسوبية.
وكشف عن مضاعفة أعداد العناصر في قوات أمن المشاة هذا العام على جسر الملك خالد والنفق المؤدي إليه من العزيزية لمنع الافتراش على الجسر وداخل النفق، مبيناً أن القيادة استخدمت هذا العام البوابات البشرية التي تتكون من عناصر الأمن العام للتحكم في تدفق الحجاج نحو جسر الجمرات وإغلاق البوابات متى ما دعت الحاجة، وذلك في أول أيام عيد الأضحى واليوم الثالث الذي يشهد تدفقاً بشرياً كبيراً خصوصا في فترة الظهيرة.
وكان الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية، قد قال الأسبوع الفائت في حوار مع «الاقتصادية»: « إنه ليس هناك إنسان مسلم خالص النية لله سبحانه وتعالى يرغب في أن يسيء إلى أي مسلم آخر، وذلك من خلال اعتداء الحاج غير النظامي على مكان سكن وخدمات وطرق خصصت للحاج النظامي، كما أنه ليس هناك إنسان مسلم سعودي يرغب في أن يسيء إلى بلده بوجوده كمفترش في المشاعر المقدسة، خاصة أننا نعيش اليوم ونحن تحت رصد عدسات الكاميرات التي وفدت من مختلف دول العالم لمتابعة شعيرة الحج، والتي قد تكون أهدافها رصد تلك السلبيات، ونحن نرجو من كل سعودي ومقيم على أرض المملكة أن يحترم الأنظمة وحقوق المسلمين وحق الدولة لإبراز جهود الحكومة السعودية التي لم تبخل في تقديم كل ما من شانه أن يطور ويرتقي بمستوى الخدمات في الحج».
وأكد الخضيري أن من أكبر مشكلات الحجاج غير النظاميين قضية الافتراش، فهم يتسببون في إغلاق الطرق، ويضايقون الحجاج النظاميين في تحركاتهم، كما أن مضايقتهم للنظاميين تصل إلى الخدمات المقدمة لهم في مختلف أنحاء المشاعر، مفيدا أن «حملة الحج عبادة .. وسلوك حضاري»، كان لها ردود أفعال ممتازة، فجميع من كان لهم سابقة وخبرة طويلة في العمل خلال موسم الحج لاحظ انخفاض عدد الحجاج المخالفين للنظام عن الأعوام التي سبقته، وأن الخطة حققت نجاحا مميزا في بقية أعمالها.