مكة تودع ضجيج البشر وتستقبل هدير الآلات الثقيلة

مكة تودع ضجيج البشر وتستقبل هدير الآلات الثقيلة

من ضجيج البشر إلى هدير الآلات، قصة درامية تودع بها المشاعر المقدسة في كل عام أصوات التهليل والتكبير التي تنطلق من حناجر الحجاج، وذلك استعدادا لاستقبال أصوات الرافعات الثقيلة وغيرها من الآلات الإنشائية بعد أن هدأت محركاتها لأكثر من أسبوع، وقد أخذت قسطا من الراحة بعد أن أنهكها العمل طوال الأشهر الماضية على مدار الساعة، ولتفسح المجال حينها أمام بني البشر كي يقطنوا المشاعر المقدسة ويحيونها لتكون كأي منطقة سكنية أخرى ولكن لفترة وجيزة تحكمها شعائر النسك.
المشاعر المقدسة بمساحتها الإجمالية المقدرة بـ 33 كيلو مترا مربعا، عاشت خلال أسبوع واحد في منظومة الدولة داخل دولة، انتقلت إليها جميع الهيئات الرئاسية، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي حضر بنفسه في المشاعر المقدسة، وأقام فيها ليتابع ويشرف بنفسه على راحة ضيوف الرحمن، وليطمئن على أن كل الخدمات تصل إليهم، إضافة إلى كافة الجهات الحكومية من وزارية وإدارية. الكل وجد في المشاعر المقدسة بجميع أطقمهم العاملة، الأمن بكامل مسمياته كان هناك، التعليم سخر أبناءهم لخدمة الحجاج، الصحة الركيزة الأولى في أعمال الحج، وزارة العدل وجدت بقضاتها الذين يفصلون في الأحكام الجنائية، وغيرها كثير من الجهات الحكومية. الكل انفضوا من المشاعر المقدسة مع غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة، عادوا إلى مبانيهم في شتى مناطق المملكة، محملين بتجارب عملية وسط حشود فاقت الملايين في عددها، أكسبتهم خبرات في كيفية التعامل مع الجمهور، بالحسنى كان منهجهم، في مواجهتهم لحجاج بيت الله الحرام، إضافة إلى أن تلك الجهات الحكومية استطاعت أن تسير أعمالها ولم يعقها وجودها في المشاعر المقدسة.

الأكثر قراءة