الحارثي رقيب المدفعية المتقاعد: مللت الفندق .. أعشق الميدان
يحيى سليمان خلوفة الحارثي 44 عاما تقاعد من الجيش بعد خدمة دامت 25 عاما برتبة رقيب أول مدفعية متزوج ولديه تسعة أبناء ونشأ وترعرع في قرية المعرسة الجاثمة على الشريط الحدودي مع اليمن.
يقول الحارثي: يحد قرية المعرسة من الغرب جبل دخان ومن الشرق جبل الدود في الوقت الذي يقع جبل الرميح في الجنوب الغربي لها, وهي قرية حالمة جميلة يهتم أهاليها بالرعي والزراعة. ويستطرد الحارثي مؤكدا أنه وأسرته وأهالي قريته ودعوا قريتهم المعرسة قبيل رمضان بيومين بعد إنذار من قبل السلطات الأمنية بخطر يحدق بهم جراء الاشتباكات التي كانت تدور قريبا منهم داخل اليمن. وقال «لم نكن حينها نأمن على أرواحنا ولا على ممتلكاتنا جراء النزوح اليمني الكثيف إلينا ففي كل ساعة ولحظة نفاجأ بنازح يطلب العون أو المساعدة كان الخوف يخيم على نسائنا وأطفالنا فنحن لا ندري ماهية ذلك الآتي إلينا من عدمه».
وقال الحارثي إن قرية المعرسة شهدت قصفا من قبل طلقات مدفعية وهاون من الحدود اليمنية في وقت سابق وأمام كل هذا وذاك أخذت أمي وأختي التي تكبرني سنا وزوجتي وأبنائي وقررنا سرعة الخروج فالوضع لم يعد يطمئن ولا بد لنا أن نفر إلى بر الأمان تاركين وراءنا كل ما نملك كغيرنا من النازحين. وبين أنه لا ينسى صور الذعر والخوف والرعب التي عاشها كأن القيامة قد قامت والكل يركض, الكل يصرخ, الكل يهتف ويستنجد بأقاربه وربعه.
وروى كيفية عملية الانتقال إلى الخوبة فقال «انتقلنا إلى الخوبة وكانت أكثر أمانا من سابقتها إلا أنه بعد أسبوع من التصدي العسكري للمتسللين أنذرنا بالخروج بعد أن عشنا أسبوعا تحت قذائف الطيران والمدفعية كانت تلك الأصوات تقض مضاجعنا لم يتسن لنا النوم ولم نذق طعم الراحة كنا نفيق على سماع مصاب جلل. يستطرد النازح حديثه بالقول «غادرنا الخوبة بعد أن طلب منا الخروج منها كنا نعلم أننا نغادر منازلنا ولكن إلى أين لم نكن نعرف الوجهة ولا المكان إلا بعد أن استقبلنا الدفاع المدني في جازان ليقوم بتوجيهنا إلى السكنى في فندق يقع على طريق المطار. ويتذكر الحارثي أمه ذات الـ 80 عاما التي لم تعرف المدنية ولا الصخب ولا الضوضاء أصبحت مجبرة مكرهة ومغلوبا على أمرها بعد أن كانت ترعى قطيعها من الأغنام في سفوح جبل الدخان والدود والرميح لتستنشق مع كل خطوة تخطوها هواء طبيعيا لم يتعكره أدخنة المصانع هواء أخذ من كل شجرة عطرية ريحها لينعش المكان.
وأمام ترك مواشيهم خلفهم ذكر الحارثي وأمه المسنة أنه يأمل أن يلقي نظرة على منازلهم ويطمئنوا على مواشيهم إن كانت لا زالت على قيد الحياة فهي لا تقل شأنا في نظرهم عن أبنائهم. ويؤكد الحارثي أنه لن يرضى بالقصور بدلا عن منزله المتواضع في قريته المعرسة الذي بناه وشيد أركانه بعرق جبينه ويحدق بعينه ليقول تعب وشقا سنين ينتهي بين عشية وضحاها بفعل تسلل المتسللين واعتداء المعتدين مشاعر تفيض حزنا على فراق قريتنا وديارنا التي لا ندري ما هو مصيرها ومصيرنا بعدها فالحياة ليس لها طعم دون المعرسة.
وعن أهم المواقع التي يتذكرها ولن ينساها في قرية المعرسة يقول لن أنسى مواقع سياحية عدة طالما وقفت عليها منها ركاب عبده سعيد وهو مكان جميل تتجمع فيه المياه ويشكل لوحة سحرية من إبداع الخالق عز وجل إلى جانب غارب زريبه والمظلة لن أنسى ما حييت وادي المعين جنوب جبل دخان. ووجه الحارثي رسالة إلى الجهات المختصة يتمنى فيها إعادة تجنيده دون مقابل ليذود عن حمى وطنه فهو رقيب أول مدفعية ونال عددا من الأوسمة منها وسام حرب عاصفة الصحراء ووسام تحرير الخفجي ووسام تحرير الكويت.