خالد أبانمي: تطوير المنتجات ورفع مستوى الخدمات تحد تواجهه صناعة المصرفية الإسلامية
أصبح من الضروري البحث عن منتجات جديدة، وتطوير منتجات موجودة أصلا في السوق لتلبية الحاجات المتزايدة على المستويين العالمي والمحلي. وللوقوف على واقع هذا السوق المصرفي وما يحتويه من تنوع متزايد في منتجاته، والتعرف على القدرة التنافسية لتلك المنتجات الإسلامية مقابل المنتجات التقليدية، إضافة إلى التعرف على حجم سوق تلك المنتجات المصرفية وخصوصا في السوق المحلي, تستضيف مجلة "المصرفية الإسلامية" مدير المجموعة المصرفية في البنك العربي الوطني خالد أبانمي .. فإلى تفاصيل هذا اللقاء :
ما دور المصرفية الإسلامية في تحسين الوضع الاقتصادي اليوم؟
للمصرفية الإسلامية دور كبير في استقرار الاقتصاد وتحسينه من خلال توفير قنوات تمويل واستثمار متوافقة مع الضوابط الشرعية تتيح للمسلمين استثمار مدخراتهم في أدوات استثمار متعددة والاستفادة من أدوات تمويل متنوعة لتنمية أعمالهم، إلا أنه يمكن للمصرفية الإسلامية أن تؤدي دوراً أكبر من خلال اعتماد وتوفير أدوات استثمار وتمويل تنمي الاقتصاد بشكل أفضل مما هو عليه الآن في حال توافر التنظيمات التي تتيح ذلك. ومما يجب أن تعتني به المصرفية الإسلامية تمويل الأعمال الصغيرة, ما يساعد كثيراً على تحسين الوضع الاقتصادي, حيث إن الأعمال الصغيرة تمثل نسبة كبيرة جداً من حجم الاقتصاد وتؤثر فيه بشكل كبير. ويمكن للمصارف دعم هذا التمويل بأدوات تحوط تساعد على خفض المخاطر بدرجة كبيرة وبالتالي يمكن التوسع فيه بشكل كبير.
كيف ترون حجم نمو منتجات المصرفية الإسلامية، ومدى قبول العملاء لتلك المنتجات وخصوصا المستثمرين؟
تضاعفت منتجات التمويل والاستثمار المتوافقة مع الضوابط الشرعية خلال السنوات القليلة الماضية لدى معظم البنوك المحلية, مما يؤكد الطلب المتزايد على هذه المنتجات من قبل قاعدة عريضة من العملاء سواء كانوا أفراداً أو شركات, كما أصبحت المنتجات الجديدة تغطي متطلبات العملاء الأكثر تعقيداً مثل المشتقات المالية وأدوات التحوط.
في تقديركم ما حجم المصرفية الإسلامية من حجم المؤسسات المالية في السوق المحلي حاليا، وحجم النمو السنوي المتوقع لها؟
يوجد في السعودية أربعة مصارف إسلامية وثمانية تقليدية لديها نوافذ توفر من خلالها المنتجات المصرفية المتوافقة مع الضوابط الشرعية, وتمثل الأعمال المتوافقة مع الضوابط الشرعية في المصارف التقليدية ما بين %45 و %50 من إجمالي أعمالها, وبالتالي يمكن أن يصل حجم العمل المصرفي الإسلامي في المملكة ما بين %55 و %60 من إجمالي أعمال المصارف, وهي تمثل ما يقارب %90 من تمويل الأفراد و %35 إلى %40 من تمويل الشركات. ويتوقع استمرار النمو من خلال توجه الشركات للاستفادة من المنتجات المتوافقة مع الضوابط الشرعية بشكل أكبر, حيث أصبحت المصارف قادرة على تلبية جميع احتياجات الشركات التمويلية والاستثمارية بطريقة متوافقة مع الضوابط الشرعية.
ومع زيادة الوعي بالمصرفية الإسلامية سيزيد الطلب على المنتجات المتوافقة مع الضوابط الشرعية مما يدعم الاستثمار في تطوير مزيد من المنتجات. لذا يمكن للمصارف أن تزيد من وتيرة النمو بالتعاون مع وسائل الإعلام في توعية المساهمين في الشركات بأن يصروا على الالتزام التام من قبل شركاتهم باستخدام أدوات التمويل والاستثمار المتوافقة مع الضوابط الشرعية فقط.
ما مدى توافر الكفاءات البشرية في السعودية التي تمتلك القدرة على إدارة تلك المنتجات الإسلامية؟
تحتاج المصارف الإسلامية مثلها مثل المؤسسات المصرفية التقليدية إلى التدريب وتطوير مهارات العاملين فيها, ومع الأسف فإنه يوجد نقص كبير في الكفاءات التي تجمع بين العلم الشرعي والعلم المالي التطبيقي, مما يجعل تطوير المنتجات الإسلامية وإدارتها يواجه قدرا من الصعوبة. و تحاول بعض المصارف دمج متخصصين شرعيين مع متخصصين ماليين في فرق تطوير المنتجات وفرق الرقابة بحيث يتم تبادل الخبرات بينهم على المدى الطويل. وللجامعات دور كبير في هذا المجال من خلال توفير تخصصات تعنى بالمصرفية الإسلامية تخرج كادرا متخصصا وملما بجوانب العمل المصرفي والجوانب الشرعية معا.
أين يمكن أن تستثمر المصارف الإسلامية أموالها والودائع التي لديها؟
تستثمر المصارف الإسلامية جزاء كبيرا من أموالها والودائع التي لديها في تمويل عملائها من خلال منتجات التمويل الإسلامي المختلفة وكذلك استثمار بعض هذه الأموال في المنتجات الاستثمارية المتوافقة مع الضوابط الشرعية مثل المرابحات الإسلامية.
عدم تعامل المصارف الإسلامية بالربا يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي الأسعار وعلى العكس من ذلك تتعامل البنوك التقليدية بالربا, وهذا يؤدي بالتالي إلى تضخيم التكاليف وارتفاع الأسعار، ما رأيكم في ذلك؟
هذا غير صحيح تماماً. فإذا أخذنا في الاعتبار أن المصارف الإسلامية في الغالب توفر التمويل من خلال عقود البيع والإجارة مع أخذ هامش ربحي فإن النتيجة تكون مماثلة, ولكن يجب على المصارف الإسلامية أن تؤدي دورا أكبر في خدمة المجتمع وأن تسعى إلى إيجاد وابتكار منتجات تقوم على المشاركة بين المصرف والعميل, مع العمل على خفض المخاطر التي قد يتحملها المصرف.
هل يوجد لدى المصارف المحلية برامج تدريبية لإعداد موظفيها للعمل بالمصرفية الإسلامية؟
يعد التدريب المصرفي عموماً من أهم الأمور التي تساعد على تأهيل الكوادر وتحقق مستوى الكفاءة لدى العاملين في المجال المصرفي، ولذلك نجد البنوك تعقد عشرات الدورات بين الحين والآخر وتخصص الميزانيات من أجل تدريب موظفيها والارتقاء بمستوياتهم، لذلك توجد برامج تدريبية داخلية لدى معظم المصارف المحلية, كما أن بعضها يستفيد من البرامج المقدمة من قبل المعهد المصرفي, كما تحرص المصارف على انتقاء الدورات التدريبية المتخصصة داخل المملكة وخارجها لتدريب كوادرها.
ما الدور المطلوب من القائمين على المصرفية الإسلامية حاليا لتفادي الانتقادات الموجهة إليها؟
بدايةً، المصرفية الإسلامية لها رسالة يجب أن تلتزم بها, وهذه الرسالة هي تجنب الربا والمعاملات المحرمة وإيجاد البدائل الشرعية لتوفير ما يحتاج إليه المسلم من أدوات تتيح له المشاركة الفاعلة في الاقتصاد من خلال استثمار مدخراته وحصوله على ما يحتاج إليه من تمويل لتنمية أعماله وتلبية احتياجاته المعيشية. كما يجب على المصارف الإسلامية أن تسهم في توعية المجتمع بالمصرفية الإسلامية ومنتجاتها وضوابطها وأن يقوم المسؤولون في هذه المصارف بشرح المنتجات وآليات تنفيذها للعملاء بشكل دقيق وواضح وأن يستثمروا في تدريب الموظفين وفي تطوير نظم آلية تنضبط من خلالها إجراءات تنفيذ المعاملات.
ما أبرز المميزات التنافسية للمصرفية الإسلامية مقارنة بالمصرفية التقليدية؟
الميزة التنافسية الرئيسية لصالح المصارف الإسلامية هي الإقبال المتزايد من قبل المسلمين على التعامل معها, مع العلم أن المصارف التقليدية لديها مرونة أكبر في طرح المنتجات وتنوع الاستثمارات وأدوات التحوط المتاحة لها. لذا يجب على المصارف الإسلامية الاستمرار في تطوير المنتجات ومستوى الخدمات كي تحافظ على هذه الميزة التنافسية.