قصص ومآسي الكارثة تنتقل لشقق الإيواء .. والمتضررون ينتظرون الإعانات
مازالت انعكاسات الأزمة التي عاشها سكان الأحياء المنكوبة في جدة عالقة في أذهانهم وعواطفهم وانتقلت معهم من أحيائهم إلى مراكز الإيواء المنتشرة في أنحاء المحافظة.
قصص مأساوية وحديث عن الخسائر في الأرواح والأموال هي كل ما يدور الحديث حوله في مراكز الشقق المفروشة التي تؤوي متضرري السيول التي ضربت جدة الأسبوع الماضي.
ويبدو أن العمائر التي يسكنها المتضررون لم تعد مرغوبة لدى العامة ومن يأتي لجدة بغرض السياحة، خوفا من تأثرهم من الموقف وعدم تحملهم رؤية من تأثر بفقد قريب أو تدمير مسكن.
وفي جولة قامت بها «الاقتصادية» في عدد من الشقق المفروشة التي تستضيف الأسر التي أجلتها إدارة الدفاع المدني رصدت حالة من الهدوء في تلك الشقق وعدم مغادرة النزلاء لها، حيث قال صالح بالبيد موظف الاستقبال في شقق ثريا التحلية، إن غالبية من سكن لديهم من متضرري السيول لم يغادروا شققهم منذ دخولها، وأرجع ذلك لتأثرهم بالموقف الذي عاشوه وعدم رغبتهم في الخروج للتنزه أو للتسوق، كغيرهم من النزلاء الذي يأتون للسياحة فقط.
وأضاف بالبيد «تمر علينا عينات غريبة من النزلاء واعتدنا التعامل معها مقدرين حجم المصيبة التي حلت بهم وانعكاساتها النفسية عليهم».
وزاد»أحد النزلاء الشباب أتى للسكن لدينا بعد توجيهه من الدفاع المدني وكان يتعامل معنا بطريقة غير لائقة ولاحظنا تصرفات غريبة تصدر منه، إلا أن شقيقه أخبرنا بأنه كان من بين الموجودين في شارع جاك بحي قويزة وقت نزول السيل، وعندما أحس بالخطر صعد إلى أعلى شجرة في الشارع ولاحظ طفل جيرانه وأمسكه وأبعده عن الخطر وبعد ذلك جرف السيل وايت ماء وعند اصطدامه بالشجرة سقط الطفل وحمله السيل إلى جهة غير معلومة وعثرت عليه فرق الدفاع المدني من ضمن المفقودين وأعلن اسمه أمس معهم».
ولفت بالبيد إلى أن ذلك الموقف كان له الأثر في نفس النزيل وسبب له حالة نفسية من الصعب أن يخرج منها دون عرضه على إخصائيين.
وفي مركز الفيصلية السكني التقت «الاقتصادية» بخالد السلمي احد الذين أجلتهم فرق الدفاع المدني من حي بريمان الشعبي وبدا عليه الرضا، بعد أن تسلم مبلغ 2800 ريال أمس الأول، من إدارة الحماية في الدفاع المدني وأكد أن المبلغ الذي تسلمه خفف من معاناته كثيرا حيث ظل طوال الأيام الثمانية الماضية بلبس جيرانه ولا يملك قوت 12 من البنين والبنات هم مجمل أولاده.
وقال السلمي إن منزله الشعبي تعرض للانهيار وقت نزول السيل وساعده جيرانه المصريون حتى أخرج زوجته وأبناءه من بين الأنقاض حيث زادت إعاقته عن المشي من حجم الكارثة، مشيرا إلى أن الكهرباء أصابتهم بعد أن تماست مع الماء ونقلهم جندي من الدفاع المدني بعد ذلك إلى شقق مفروشة في شارع التحلية ومازال يقيم فيها.
ولفت إلى أن الإعانة التي تسلمها مقابل أسبوعين وسيراجع مجددا للحصول على إعانة أخرى لحاجته الماسة إليها، لأن راتبه الشهري لا يتجاوز 1700 ريال والمسكن الذي كان يملكه وكلفه 370 ألف ريال انهار بالكامل ويحتاج إلى إعادة بنائه، إضافة إلى سيارة نقل صغيرة جرفها السيل كان يعتمد عليها في التسبب عبر نقل البضائع للمحال التجارية وأصبح بلا وسيلة نفل وبلا مصادر دخل إضافية.
وشدد السلمي على تأثير أوامر خادم الحرمين الشريفين الإيجابية في نفوس المنكوبين، وقال إنها خففت عنه مصيبته في فقد سيارته ومنزله وفقد مجوهرات زوجته ويعرف الكثير ممن فقدوا عائلهم شكروا موقف المليك في تعويضهم ومدى شعوره وإحساسه بمعاناتهم.
من جانبه، قال عبد المجيد العمودي «الإعانة المالية تسلمتها شقيقتي وأبنائها لأنها تحمل سجل عائلة منفصل، أما والدي فما زال يتابع مع الدفاع المدني ووزارة المالية من أجل أن يتسلم إعانته».
وأضاف»نسعى لتسلم الإعانة وبدء عمليات الترميم لمنزلنا الذي تضرر كثيرا من السيل ويحتاج لإعادة تأثيث من جديد عدا ثلاث سيارات تعود لأسرتنا جرفها السيل وتحطمت تماماً».
واتفق جميع المتضررين الذين تم إجلاؤهم إلى شقق مفروشة على أهمية دور الدفاع المدني ووقوفه بجانبهم في الأزمة وقالوا إن التقصير لا بد أن يحدث، ولكن بالنظر إلى حجم الكارثة فالإنجازات كانت أكبر وأكدوا أن الشقق التي وفرت لهم جميعها مناسبة وقدم لهم رجال الدفاع المدني بعض المأكولات الخفيفة والمشروبات.