النقيب الدوسري يرفض النقاهة ويغادر لمسرح العمليات
عندما تريد أن ترى صورا للإيثار تتجلى على أرض الواقع، فلابد أن توجه رادار النظر ومؤشر البوصلة إلى مسرح العمليات العسكرية لردع جماعة المتسللين المسلحين القائم على الشريط الحدودي للسعودية مع اليمن الجارة والصديقة، فهناك بكل تأكيد سترى ما يؤكد لك أن جنداً بواسل مؤمنين بالله افتدوا حماية ثغور الوطن بأجسادهم وأرواحهم، وصامدين أمام أي عدو يريد أن يقتحم أي شبر من أراضي المملكة.
من تلك النماذج النقيب محمد بن يوسف الدوسري أحد الضابط بالقوات الخاصة البحرية، والذي تعرض وهو يحمي أحد الثغور أثناء تأديته لمهامه المنوطة به لإصابة شظايا الذخائر في رقبته ويده وكتفه منذ نحو 20 يوماً، لينقل على أثرها إلى مستشفى الملك فهد في جازان لتلقي العلاج اللازم، إلا أن الحاجة لإجراء عملية جراحية عاجلة استدعت إخلاءه طبياً إلى مستشفى القوات المسلحة في الرياض.
لم يتوقف الأمر هنا مع النقيب الدوسري، إذ أجبر الطبيب المعالج أن يسمح له ويمنحه الإذن للعودة إلى مسرح العمليات بعد أسبوع واحد من استراحته المرضية التي قرر طبيبه بأن تكون مدتها 30 يوماً.
يقول الدوسري عن سبب رفضه لإجازته المرضية وعودته إلى مسرح العمليات قبل اكتمال مرحلة الشفاء التام وارتدائه للزي العسكري مجددا:» إنني أعود هنا على الرغم من أنني لم أستكمل بعد فترة النقاهة التي منحني إياها الطبيب المعالج، وأن عودتي إلى المسرح بهذا الوقت الوجيز تعود إلى إصراري للدفاع عن أرض الوطن، ونحن أبناء هذا الوطن الذي إن لم ندافع عنه بأرواحنا وأجسادنا فمن سيكون له سوانا»، مشيرا أن التقدم المميز الذي تحققه القوات السعودية في مسرح العمليات يعمل على زيادة الرفع من روحهم المعنوية، كما أن عودة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام أعطت دفعة معنوية لأبنائه من جنود القوات المسلحة ومنحتهم عزيمة أكبر وفرحة غامرة عمت جميع الجنود المشاركين في العمليات الحربية.
ويبلغ الدوسري من العمر 33 عاماً وهو متزوج ولديه أطفال وقادم من محافظة الخرج، يتميز بدماثة الخلق والابتسامة العريضة التي لا تفارق محياه، ودماثة الخلق التي جعلت من زملائه يحتفون به ويحملونه على الأعناق عند عودته مرحبين به ومعززين من روحه المعنوية في مسرح العمليات، كما أن الدوسري عند إصراره على رفض فترة النقاهة الطبية كان يبحث إلى إيصال رسالة إلى زملائه تتمثل في قوله: « زملائي ولله الحمد معنوياتهم مرتفعة، ولكنني أوصيهم ألا يسمحوا لأي شخص أن يتلاعب في أفكارهم أو أن يحط من معنوياتهم ويدمر نفسيتهم، وأن عليهم أن يثقوا بما يقومون بتأديته في مسرح العمليات، وأنه يأتي في سبيل الدفاع عن أراضي الوطن الغالي، الذي يعد الدفاع عنه شرفا ووساما على صدورنا جميعاً».
ويقول الرائد علي الفيفي عن زميله الدوسري وعن بقية زملائه اللذين تعرضوا للإصابة وعادوا إلى مسرح العمليات العسكرية مجدداً خاصة أن الكثير منهم رفض إجازة النقاهة: « لا أستطيع أن أصف مشاعر زملائنا وإخواننا المصابين والذين لايزال البعض منهم في المستشفيات يكملون مراحل العلاج، فالجميع هناك يقف على أعصابة راغبين في العودة السريعة والعاجلة إلى مسرح العمليات العسكرية ليكمل الركب مع بقية زملائه المتواجدين في جميع الخطوط العسكرية، وأنهم يبثون إلينا رسائل عاجلة للصمود والوقوف على أرض العمليات العسكرية وأن ما نقوم بتأديته هو شرف لنا للدفاع عن ممتلكات وطننا الغالي».
وأكد الفيفي أن على الرغم من انقضاء نحو شهر ونصف على بدء العمليات وغالبية الجند متواجدين في أرض العمليات العسكرية إلا أنهم لا يشعرون بالفتور أو الملل، فالحماس يتزايد يوما بعد آخر لا يمكن له أن يتناقص خاصة وأن الجميع يعمل كيد واحدة ولهدف شريف واحد يتمثل في حماية الأراضي السعودية الطاهرة، لافتاً إلى أن عودة الأمير سلطان إلى أرض الوطن منحت القوات دافعاً قويا لتقديم جميع ما لديها حتى لو كان ذلك على حساب التضحية بالأرواح والأجساد.