ماذا يمكن أن تفعله هيئة الإسكان؟!
تزداد الفجوة الإسكانية بين ممتلكي مساكنهم ومستأجريها استفحالا مع مرور الزمن. والإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن 62 في المائة من السكان لا يملكون مساكنهم, وهي ترتفع باستمرار, وقد تكون الآن أعلى من هذه النسبة. وهذه النسبة المرتفعة تعكس أن درجة استقرار أفراد المجتمع تتعرض لمخاطر قد تؤثر في تفاعلاته وعطاءاته وتماسكه وأمنه الاقتصادي.
البنوك التجارية وغيرها من الشركات المالية التي تريد المحافظة على ربحيتها وسيولتها وانخفاض المخاطر في أصولها لن تقدم على إقراض مواطنين دخولهم تقل عن خمسة آلاف ريال .. وإذا كان 80 في المائة من دخول الموظفين لا يتعدى هذا المستوى الدخلي, فإن مشكلة الإسكان لن يسهم في حل أي جزء منها برامج البنوك التجارية أو البنوك الاستثمارية المتخصصة, يضاف إلى ذلك أن معظم أصحاب الدخول الذين رواتبهم بين خمسة آلاف و20 ألفا أو أكثر قد تحملوا مديونيات بنكية سابقة معظمها استهلاكي (شراء سيارات، سياحة،.....) وبعضها بسبب أزمة السوق المالية في شباط (فبراير) 2006, ولهذا فإن نظام الرهن العقاري بعد صدوره لن يمكن من الاقتراض إلا شريحة بسيطة جدا من المواطنين لأن شروط الملاءة للاقتراض مع رهن الأصل العقاري قد طبقت وأعطى من استطاع الحصول على القرض نصيبه مسبقا .. وما سيعمله نظام الرهن العقاري الجديد هو زيادة أمان البنوك والشركات المقرضة لتقوم على إقراض الأشخاص المستوفين لشروط الملاءة المالية.
إذا كيف يمكن الخروج من مأزق توفير تمويل الإسكان؟ ما المطلوب توفيره لتتم معادلة الاقتراض ويحصل المواطنون على مساكنهم؟ لو افترضنا أن القرض المطلوب هو مليون ريال فإن التالي تتطلبه معادلة الاقتراض.
1. حماية رأس المال (مليون) من خطر عدم الوفاء, وهذا يتم توظيفه بواسطة الرهن العقاري .
2. حماية تدفق سيولة مقداره 5 في المائة تقريبا (50 ألفا) سنويا ليتم الوفاء بأصل القرض خلال 20 سنة. والذي سيتم تطوير نظام أكثر فاعلية له سيصدر قريبا.
3. حماية سيولة مقدارها 5 في المائة تقريبا 50 ألف ريال ليتم الوفاء بعائد ربحي مناسب للبنك.
المشكلة الرئيسة هي في الشرطين رقم 2 ورقم 3 اللذين لن يستطيع معظم المواطنين استيفاءهما, فقليل من المواطنين يملك الرواتب أو الدخول الكافية لضمان ــ كما أشرنا أعلاه ــ عدم انقطاعهم من الوفاء خلال الـ 20 سنة من عمر عقد الإقراض .. هنا لا بد من تدخل الحكومة عبر أجهزتها المختلفة لتكوين برامج دعم وضمان وإعانة حكومية مناسبة كالتالي:
1. أصحاب الدخول المرتفعة نسبيا (أكثر من عشرة آلاف ريال) وهؤلاء قد يكون معظمهم ـ كما أشرنا ـ قد ربطت دخولهم بقروض غير إسكانية, ومع ذلك يمكن استقطاع جزء منها وجزء آخر بالسماح برفع نسبة الاستقطاع من 30- 40 -50 في المائة.
2. أصحاب الدخول المنخفضة ــ خمسة آلاف و أقل ــ وهؤلاء لا بد من دعم مباشر وكامل لقروضهم الإسكانية وذلك بتكوين لجان في كل محافظة تنظر في طلبات دعم قروض الإسكان بدراسة أوضاعهم المالية ومقدراتهم وتقدم إلى لجنة مركزية قوائم أسماء من يستحقون الدعم الإسكاني الكامل أو الجزئي ليتم ترتيب مناسب بين برامج دعم الإسكان الحكومي (بنك الإسكان، الجمعيات التعاونية، برامج وزارة المالية المباشر لدعم المساكن... إلخ) وبين البنك المركزي لإتمام دفعات منتظمة إلى برامج البنوك التجارية التي تقدم القروض الإسكانية للمواطنين.
3. تقوم برامج الدعم الحكومي بالترتيب للاتفاق مع عدد من شركات التطوير العقاري ليحول إليها دفعات بناء مساكن المواطنين ولينسق المواطنون مواقع أراضيهم والتصاميم المناسبة لبناء منازلهم.
4. أما المواطنون الذين لا يملكون أراضي, وهم الأكثر, فإنه لا بد من أن تقوم اللجان المحلية في المحافظات أيضا بدراسة طلبات المواطنين للأراضي السكنية وإعطاء المستحق منهم وغير المقتدر أو غير المالك لأصول عقارية أراضي في مواقع مناسبة ومطورة من حيث توافر الخدمات.