«شاعر المظلات».. أبياته «الساخنة» تتردد على خط النار
«قوموا على زمرة الطاغوت .. حربٍ على غير ماويه»
مطلع أبيات لوقفة شعرية مكونة من خمسة أبيات، ينشدها ويرددها جند القوات المسلحة على الثغور في ميدان العمليات العسكرية على الشريط الحدودي الجنوبي، التي من خلالها يؤكدون ارتفاع الروح المعنوية داخل أوساط الجيش السعودي.
ويلاحظ المتوغل إلى داخل تلك المناطق الجنوبية في السعودية أن المواجهات مع عناصر المجموعات المسلحة لم تعد محصورة في ميدان القتال الذي يشهد معارك تستخدم فيها مختلف الأسلحة والآليات الحربية الثقيلة، بل انتقل إلى ميادين أخرى عديدة.
فالمواجهات باتت فكرية وثقافية وإعلامية، بل إن الشعراء أيضاً انصهروا داخل تلك المنظومة، وما الشاعر الشعبي والرقيب المظلي مشاري بن مسفر الغامدي، إلا شاهد على ذلك التوجه.
حيث إنه لم يتوان لحظة في توظيف خيال الشاعر الذي يتجاوز مدى الوجود بين أصوات القذائف وتحرك الآليات وتنقلاتها وتحرير الأراضي السعودية من كل آثم تعدى عليها.
كل ذلك يقوم به الغامدي ليحدد واقع مجريات العمليات العسكرية للقوات السعودية على الشريط الحدودي، وليصف النصر الذي تحققه وتمكنت من خلاله من تدمير كافة مواقع العدو ووأد أي محاولات هجومية يقومون بها.
القصائد الشعرية التي كتبها الغامدي تصف حاله وحال زملائه وتبرز واقع معنوياتهم العالية وهزيمة المتسللين المسلحين وانكسار شوكتهم وهم يرددون كلمة « الله أكبر» مع كل عملية إطلاق للنيران وقصف للمواقع بلغت في عددها ثلاث قصائد.
والقصائد قبل نشرها تعرض على قائده اللواء الركن مظلي سعيد الغامدي، الذي بدوره يجيزها، لتبحر سريعا وتتردد في فترات الاستراحة بين الأفراد لتصل كسرعة الريح إلى الخطوط الأمامية التي ما تفتأ أن ترددها وتتناقل اسم مؤلفها في محاولة جادة إلى توحيد ترديدها بصورة متناغمة بين الجميع ليتذوقوا ما فيها من معان سامية تصف العزة والقوة والروح المعنوية العالية.
يقول الغامدي عن نفسه: «إن أغلبية القصائد التي ألفتها في ميدان العمليات العسكرية كانت عبارة عن وقفات شعرية، وجميعها تتكون من نحو خمسة إلى ستة أبيات، وهي تحكي عن واقع العمليات العسكرية ومدى تفوق القوات السعودية في ميدان العمليات العسكرية، وتصور مدى عزيمة زملائي المرابطين على الثغور لحماية الأرض الغالية، أرض المملكة العربية السعودية من أي عدوان غاشم، كما أن القصائد التي ألفتها عن سير العمليات العسكرية باتت تتردد بين زملائي، وهو الأمر الذي أسعدني كثيراً، خاصة أنني من السابق كنت أنشر قصائدي خارج أرض الوطن، وتحديداً في دولة الأردن التي حصلت فيها على عضوية رابطة الثقافة والفنون، إضافة إلى عدة عضويات أخرى ومنها، نادي أصدقاء الكتاب أيضا في مملكة الأردن، كما أن لي نشر إعلامي موسع في عدة صحف ومجلات شعبية خارجية».
وأوضح الشاعر الغامدي القادم إلى ميدان العمليات العسكرية من منطقة تبوك أنه لم يبخل على ذويه هناك وخاصة على زوجته بإرسال القصائد لهم، التي تعبر عن مدى اشتياقه لهم ورغبته في العودة إليهم، إلا أن واجبه الوطني يدفعه للبقاء للذود عن حمى الوطن والدفاع عن حرمة أراضية من أي اعتداء عليها من أي جهة تسول لها نفسها اختراق شريطها الحدودي.
وكشف الغامدي أنه سيصدر ديوانا شعريا في القريب العاجل، وسيكون مزوداً بجميع القصائد التي تم تأليفها في ميدان العمليات العسكرية، إلا أنه لم يحدد بعد الموعد الرسمي لإصدار الديوان، وذلك لانشغاله خلال الفترة الحالية بالذود عن حمى الوطن، مشيرا إلى أن أغلبية قصائده المنشورة الآن موجودة على صفحات الإنترنت.
أما الرائد عبد الرحمن بن سعيد الشهراني قائد السرية التي يعمل تحت مظلتها الشاعر الغامدي فيقول عن شاعر سريتهم: « إن مشاري هو أحد أفراد السرية ويتمتع كباقي زملائه بدماثة الخلق وحسن التعامل وإنه بشوش المنظر وتقر به الأنفس عندما تستمع إلى شعره»، مبيناً أن أشعاره يغلب على طابعها الحماس، وأنها كثيرا ما تتطرق في وصفها للوطن ومدى حب الجميع له، كما تبين الرغبة ومدى الحرص الذي يبرزه الشاعر في قصائده للدفاع والذود عن الوطن وعن أهله ورفع راية التوحيد لترفرف على سمائه.
وأفاد الشهراني أن الغامدي لم يقتصر على مجال معين في الشعر، بل إنه طرق أبواب الغزل والمدح وغيرهما من الأبواب، التي من خلالها ظهر مدى الإمكانات والموهبة التي يتميز بها الشاعر، التي جعلت منه شاعرا للواء المظلات الذي ينضم تحت لوائه، لافتاً إلى أن القصائد التي يؤلفها الغامدي تنتقل إلى الخطوط الأمامية فتعطي مردديها وقعاً حماسيا يسهم من رفع معنوياتهم, خاصة أن مؤلفها أحد زملائهم الذي يعيش واقعهم ويصور قصائده من أرض العمليات العسكرية، كما أنها تبرز وتظهر مدى قدرة الشعر في مثل هذه المواقف كأحد المحفزات المعنوية للجند العاملين على حراسة الثغور.
ودعا الشهراني الشاعر الغامدي إلى مواصلة الكتابة الشعرية عن جميع ما يتعلق بميدان العمليات العسكرية، وبث قصائده نحو الخطوط الأمامية، التي بدورها سيتم ترديدها تلقائيا بين أفراد القوات لتزيد من روحهم المعنوية.
إلى ذلك يقول الرقيب عمر السليماني، الذي يعمل في الوحدة العسكرية ذاتها التي يعمل فيها الشاعر «إن زميله الغامدي الذي يشاركه العمليات العسكرية منذ بدء الأزمة على الحدود يعد من أبرز زملائه الذين يلتفون حوله في أوقات الاستراحة للاستماع إلى ما ينثره من أبيات شعرية تعبر عن مدى حرصه وحرص زملائه على تحرير أرض الوطن من أي تعد عليها»، مبيناً أنه بالرغم من أن لديه أربعة أطفال إلا أنه لم تكن لديه الموهبة التي تمكنه من الكتابة الشعرية ليصف مدى شوقه للقائهم بعد أن يحققوا النصر لبلادهم.