تداعيات الأزمة باقية.. ولا توقعات بتعديل أسعار الفائدة في الربع الأول
## هل تتوقعون أن يكون هذا العام 2010 هو عام توديع تداعيات الأزمة المالية حول العالم.. أم أن هناك نارا باقية تحت القشة ربما تنفجر في أي وقت وتعيد الاقتصاد العالمي إلى نقطة أيلول (سبتمبر) 2008؟
لا أعتقد أن عام 2010 هو عام توديع لتداعيات الأزمة المالية العالمية، نظراً لكون تبعات هذه الأزمة لا تزال يتوقع لها أن تطول عديدا من القطاعات والأنشطة الاقتصادية على مستوى العالم، التي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها المصارف والمؤسسات المالية، التي قدمت قروضا للشركات وللمؤسسات، التي تضررت من تبعات وتداعيات الأزمة المالية، حيث يتوقع لهذه المؤسسات بحكم تأثر أنشطتها بتبعات تلك الأزمة ألا تتمكن من سداد التزاماتها المستحقة للبنوك، مما سيعرض المزيد من البنوك على مستوى العالم إلى حالات جديدة من الإفلاس والانهيار، الأمر الذي يؤكده ارتفاع عدد البنوك والمؤسسات المالية، التي تعثرت فقط على مستوى الولايات المتحدة قد تجاوز عددها في العام الماضي 2009 الـ 120 مصرفا، بينما قد بلغ عددها في عام 2007 (ثلاثة) مصارف وفي عام 2008 (28) مصرفا، مما يؤكد استمرار تفاعل تبعات تلك الأزمة في العام الحالي، ولا سيما أن خطط الإنقاذ المالية التي انتهجتها حكومات الدول المختلفة على مستوى العالم، ينظر إليها البعض, وأنا منهم, على أنها لم تأت بحلول جذرية لجذور مشكلة الأزمة، حيث إنها لم تتعد كونها مسكنات ومهدئات وحلول مؤقتة للمشكلة، وحتى ولو افترضنا جدلاً أن تلك الخطط وجدت في الأساس لمعالجة المشكلة، فلا بد من منحها بعض الوقت لتأتي بآكلها وبنتائجها الإيجابية، الأمر الذي يحتاج إلى بعض الوقت، كما أن هناك بعض المؤشرات الاقتصادية على المستوى الدولي، التي لا تزال لا تظهر بوادر تحسن، مثال معدلات البطالة التي تجاوزت نسبتها 10 في المائة العام الماضي. أخيرا وليس آخرا إن تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة، سيظل أمراً مرهوناً بتعافي الاقتصاد الأمريكي وخروجه من الأزمة باعتباره هو أساس وموطن المشكلة، التي أدت إلى حدوث الأزمة، كما أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال, رغم تداعيات الأزمة, الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم، والمحرك الرئيسي لبقية اقتصادات دول العالم، وبالتالي في حالة عدم تعافي الاقتصاد الأمريكي هذا العام، يعنى ذلك عدم تعافي الاقتصادات العالمية الأخرى.
## كيف تقيسون توجهات الاقتصاد السعودي في هذا العام (2010).. هل تتوقعون العودة إلى مستويات النمو للاقتصاد الكلي للاقتراب من معدلات 2007 و2006 وكذلك توجهات الاقتصاد الخليجي؟
توجهات وأداء الاقتصاد السعودي بما في ذلك الاقتصاد الخليجي، يعتمد إلى حد كبير على توجهات وسلوكيات أسعار النفط العالمية خلال هذا العام، حيث لا تزال إيرادات النفط تمثل المصدر الرئيسي لدخول اقتصادات دول المجلس بما في ذلك السعودية، حيث على سبيل المثال يمثل وزن النفط من ثقل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية أكثر من 30 في المائة، ويمثل أكثر من 90 في المائة من الموازنة العامة، ولكن وعلى الرغم من ذلك لا أتوقع تأثر النمو بدول المجلس في هذا العام وبالذات الاقتصاد السعودي، وذلك لعدد من الأسباب، أولهما: توقع استمرار نمو الاقتصادات الناشئة مثال الاقتصاد الصيني والهندي، وبالتالي سيكون هناك طلب مستمر على النفط، مما سيحافظ مستوى على الأسعار العالمية، وثانيهما: أن سياسات التنويع الاقتصادي التي انتهجتها حكومات دول المجلس ستكون أكثر تفاعلا مع القاعدة الاقتصادية وتعزيز الإيرادات العامة للدولة، وثالثهما: النمو الجيد المتوقع للقطاع الخاص بسبب استمرار سياسة الإنفاق التوسعية التي انتهجتها حكومات دول المجلس، حيث على سبيل المثال قد تعهدت السعودية بضخ 400 مليار دولار أمريكي في شريان الاقتصاد السعودي خلال خمس سنوات لتعزيز مسيرة التنمية، رابعاً: حجم الاحتياطيات الكبيرة التي تمتلكها دول المجلس، التي تمثل بالنسبة لدول المجلس وسادة يمكن الرجوع إليها في حالة الحاجة للإنفاق على مشاريع التنمية في دول المجلس واستمرارية وتيرة التنمية.
نخلص إلى القول إن الاقتصاد السعودي بما في ذلك بقية اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر بشكل كبير نتيجة لاستمرار تبعات الأزمة المالية العالمية هذا العام نتيجة وكما أسلفت لاستمرار الطلب على النفط من قبل اقتصادات الدول الناشئة وحجم الاحتياطيات وسياسات التنويع الاقتصادي التي انتهجتها السعودية ودول المجلس.
## القطاع المالي السعودي محجم عن الائتمان الأمر الذي دفع الحكومة ممثلة في صناديق التمويل (الصناعي والتنمية والاستثمار) إلى رفع تمويلاتها للمشاريع.. هل تتوقعون استمرار هذا النهج خلال هذا العام أم أن البنوك ستعاود نشاطها الائتماني؟
لا أتفق بأن القطاع المالي السعودي المتمثل في البنوك السعودية محجم عن الائتمان، الأمر الذي يؤكده نمو محفظة الإقراض بالبنوك السعودية خلال العام 2008 وهو العام الذي تفجرت فيه الأزمة المالية العالمية، بنحو 27 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله، وحتى في العام الماضي (2009) لم تحجم البنوك السعودية عن الإقراض حيث ما قد حدث في بعض شهور العام هو انخفاض في معدل نمو القروض وليس إحجاما من البنوك، وذلك نتيجة للانخفاض في معدل الطلب على التمويل من قبل بعض أنشطة القطاع الخاص، بسبب تقلص حجم تلك الأنشطة، كما أن البنوك السعودية تعتمد في منحها للتمويل على ما يعرف بالجدارة الائتمانية والدراسة الجيدة للمخاطر والموازنة فيما بينها وبين العوائد المتحققة، وبالتالي لا أعتقد أن البنوك السعودية، ستتردد أو تمتنع في هذا العام عن تقديم القروض للأنشطة والقطاعات الاقتصادية المختلفة، طالما أن ذلك يتوافق مع متطلبات الجدارة الائتمانية ويلبي حاجة التعامل مع المخاطر، وبالذات في ظل جهود مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الرامية لتوفير السيولة اللازمة للبنوك السعودية للتعزيز من قدرتها الائتمانية وتقديم القروض للأنشطة والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
## ما توقعاتكم لاتجاه الدولار خلال هذا عام 2010 وبالتالي انعكاسه على حركة السياسة النقدية في العام بما فيها السعودية؟
حركة وتوجهات الدولار خلال هذا العام ستعتمد إلى حد كبير على مدى تعافي الاقتصاد الأمريكي وخروجه من الأزمة المالية التي يعشها، وبالتالي في حالة استمرار التراجع في أداء الاقتصاد الأمريكي واتساع فجوة العجز في الميزانية العامة لأمريكا هذا بدوره ينذر بضعف قيمة الدولار لتمويل هذا العجز، مما سيؤثر بالتالي في الاقتصاد السعودي، وبالذات بالنسبة للسلع والخدمات التي تستوردها السعودية من خارج القارة الأمريكية، حيث إن انخفاض قيمة الدولار الأمريكي سيرفع بالتالي من فاتورة الاستيراد السعودية من الدول الأخرى خلاف أمريكا وذلك بسبب ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.
## الفائدة لدينا حاليا في أدنى مستوياتها تاريخيا.. هل تتوقع رفعها تدريجيا لمواجهة الضغوط التضخمية المرتقبة وكذلك فتح قنوات استثمارية لإبقاء أموال البنوك في الداخل؟
لا أتوقع أن أسعار الفائدة ستشهد ارتفاعاً تدريجياً خلال هذا العام بسبب رغبة السلطة النقدية والسلطة المالية في السعودية المحافظة على استمرارية نمو الاقتصاد الوطني وعدم إدخاله في نفق الركود أو في حالة من الكساد الاقتصادي نتيجة لتبعات الأزمة المالية العالمية، وبالذات في ظل عدم وجود ضغوط تضخمية يعانيها الاقتصاد وكما كان عليه واقع الحال خلال عام 2008 عندما تجاوزت معدلات التضخم نسبة الـ 10 في المائة، وبالتالي لا أتوقع أن نشاهد ارتفاعا في أسعار الفوائد حفاظاً على نمو الاقتصاد واستمرار وتيرة التنمية الاقتصادية.