الانتعاش في دول الخليج سيكون بمعدلات أسرع من الاقتصادات المتقدمة
## هل تتوقعين أن يكون هذا العام 2010 هو عام توديع تداعيات الأزمة المالية حول العالم؟ أم أن هناك نارا باقية تحت القشة ربما تنفجر في أي وقت وتعيد الاقتصاد العالمي إلى نقطة أيلول (سبتمبر) 2008؟
لقد أحرز الاقتصاد العالمي تقدما منذ بداية الأزمة، حيث تحسنت الأوضاع المالية بصورة ملحوظة منذ شهر أيلول (سبتمبر) 2008. وبالرغم من أنه لم يتم إخماد اهتزازات هذه الأزمة بالكامل، إلا أن حدتها تنحسر شيئا فشيئا، مما يجعل نهاية الأزمة أقرب وفي الأفق. كذلك فإن اقتران التدخل السريع من جانب الكيانات صانعة السياسة المالية إلى جانب السياسات العامة القوية لم يقتصر على المساعدة في تجنب انهيار النظم المالية فحسب، بل ساعد على التخلص من مخاوف زيادة حدة الركود الاقتصادي. حيث ستستمر العوامل الخارجية السلبية في الانكماش خلال عام 2010، مما يشير إلى حدوث تعاف معتدل قد لا يكون متساويا في شتى المناطق ولكنه يبدو في الطريق.
فقد بدأت الاقتصادات المتقدمة التي نشأت منها الأزمة في توضيح طريق التعافي. وتوضح البيانات الاقتصادية ربع السنوية المتاحة عن الاقتصاد الأمريكي واقتصاد منطقة اليورو تحول نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي إلى المنطقة الموجبة خلال العام الأخير. ومع ذلك يتمثل التحدي في دعم استدامة النمو الاقتصادي خلال الأعوام المقبلة.
## كيف تقيسين توجهات الاقتصاد السعودي في هذا العام (2010).. هل تتوقعين العودة إلى مستويات النمو للاقتصاد الكلي للاقتراب من معدلات 2007 و2006؟ - وكذلك توجهات الاقتصاد الخليجي.
بالرغم من أن الدعم الحكومي وتعهدات زيادة الإنفاق العام كان عامل استقرار مؤثرا في وقاية الاقتصاد من الانهيار والركود، إلا أن تحفيز استثمارات القطاع الخاص لا يمكن التقليل من أهميته لما يشكله القطاع الخاص من دور حيوي في الاقتصاد. ونحن نعتقد أن السعودية ستشهد نموا اقتصاديا متوسطا بمعدل 3.0 في المائة في عام 2010. وتعتمد وجهة النظر هذه على توقع استمرار التحسن في الاقتصاديات العالمية، ارتفاع الطلب العالمي على النفط، عودة الثقة للمستثمرين تدريجيا، وارتفاع الاستهلاك الخاص. ووفقا للمجموعة المتنوعة من التحديات التي تواجهها اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي، ستتنوع بالتالي وتيرة التقدم الاقتصادي للاقتصاديات كل على حدة، إلا أنه بوجه عام يتوقع لاقتصاديات مجلس التعاون الخليجي أن تنتعش بمعدلات أسرع بالمقارنة بالاقتصاديات المتقدمة.
القطاع المالي السعودي والخليجي أيضا محجم عن الائتمان، الأمر الذي دفع الحكومة ممثلة في صناديق التمويل (الصناعي والتنمية والاستثمار) إلى رفع تمويلاتها للمشاريع.. هل تتوقعين استمرار ## هذا النهج خلال هذا العام أم أن البنوك ستعاود نشاطها الائتماني؟
سيظل الإقراض المصرفي أداة حيوية مهمة لأي اقتصاد، وبالرغم من أن النظام المصرفي السعودي مراقب بشكل جيد، فإن البنوك مازالت تتبع منهجا حذرا للغاية للإقراض في أعقاب الأزمة المالية العالمية واضطرابات الائتمان المتصاعدة الناشئة من مجموعات سعد والقصيبي. ومستقبلا ستنحسر الشكوك والتخوفات الائتمانية تدريجيا ويتوقع أن تستعيد البنوك السعودية الثقة والبدء في التوسع في محافظ إقراضها، إلا أن البدائل أمام البنوك في منح خطوط ائتمانية جديدة ستكون ذات قدر كبير من الانتقائية. ووفقا لأحدث البيانات من مؤسسة النقد السعودية؛ أظهرت المطالبات المصرفية على القطاع الخاص تزايدا ثابتا منذ حزيران (يونيو) 2009، إلا أن المعدل لم يكن متساويا عبر الشهور وهو ما يشير إلى التوسع الحذر في منح الائتمان داخل السوق.
ومن وجهة نظرنا، فإن التباطؤ في الإقراض المصرفي ليس مسألة نقص أو تقييد للسيولة ولكنه نتيجة للانتقائية في منح الائتمان. وبالرغم من عدم توقع تحقيق مستويات الإقراض المرتفعة المسجلة خلال عام 2008 مرة أخرى في المستقبل القريب، إلا أن تعافى الائتمان قد يبدأ في الصعود كما سيتضح خلال عام 2010.
## ما توقعاتك لاتجاه الدولار خلال عام 2010 وبالتالي انعكاسه على حركة السياسة النقدية في العام بما فيها السعودية؟
ينبغي ألا يتم اعتبار ضعف قيمة الدولار الأمريكي وكأنه لا يخضع لرقابة الحكومة الأمريكية، وهو ما تم التأكيد عليه في بيانات الحكومة كذلك. وبالرغم من صعوبة التوصل لتصريح مستقبلي قاطع حول الدولار الأمريكي في هذه المرحلة، في ظل صعوبة وجود أي مساحة لمزيد من خفض أسعار الفائدة، فإن أي توقعات لمزيد من الانخفاض المؤثر للدولار في عام 2010 لا تبدو محتملة. وعموما فقد كانت السلطات السعودية تراقب بحذر وتيقظ تطورات السوق واتخذت قرارات وقتية لتوفير الدعم اللازم للاقتصاد المحلي.
فقد تم تخفيض معدل الريبو الرسمي بمقدار 350 نقطة أساس خلال الفترة من أيلول (سبتمبر) 2008 وحتى كانون الثاني (يناير) 2009 وتمت المحافظة عليه عند هذا المستوى حتى الآن. كذلك تم خفض معدل الريبو المعاكس بمقدار 175 نقطة خلال الفترة من أيلول (سبتمبر) 2008 وحتى حزيران (يونيو) 2009. وقد أسفرت تلك السياسة النقدية التوسعية المتبعة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي عن النتائج المرغوبة على نطاق واسع، ويتوقع لسياسات الفائدة هذه أن تسهل عملية التعافي الاقتصادي في المستقبل القريب. أخيراً لا نتوقع تغيرا كبيرا في السياسة النقدية المتبعة في المدى القريب لتستمر السياسة النقدية السعودية في مراقبة التطورات الاقتصادية وتعديل سياستها وفقا للحاجة.
## الفائدة في معظم دول الخليج حاليا في أدنى مستوياتها تاريخيا.. هل تتوقعين رفعها تدريجيا لمواجهة الضغوط التضخمية المرتقبة وكذلك فتح قنوات استثمارية لإبقاء أموال البنوك في الداخل؟
لقد كان للإجراءات المتبعة من قبل البنوك المركزية والجهات المختصة بالغ الأثر في استعادة الثقة بالقطاع المصرفي مرة أخرى. فقد شهد القطاع المصرفي تخفيضا كبيرا لأسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، ضخ مزيد من السيولة عن طريق أساليب تقليدية وغير تقليدية، ضمان المؤسسات المالية لتجنب تسابق المودعين لسحب أموالهم من البنوك وكذا الدعم الائتماني المتواصل. ومستقبلا نرى أن البنوك المركزية حول العالم وكذا في السعودية ستستمر في تعديل سياساتها بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية. فعلى صعيد التضخم؛ نرى أن هناك اعتقادا شائعا بأن الضغوط التضخمية لا تطرح أي مخاوف مباشرة حاليا مما سيحفز التعافي الاقتصادي، إلا أنه بالرغم من ذلك نجد أن البنوك المركزية على مستوى العالم ستظل حذرة تجاه التطورات الاقتصادية التي تتطلب سياسات مناسبة لردود الفعل وفقا لما يستجد من تطورات.