الأزمة العالمية جلبت الاكتئاب إلى حياة الناس

الأزمة العالمية جلبت الاكتئاب إلى حياة الناس

بطريقة أو بأخرى، جلبت الأزمة العالمية الاكتئاب إلى حياة الناس، سواء كان ذلك في صورة فقدان الوظائف، أو تدني الأجور، أو خسائر الاستثمارات. وهناك قليلون من أصحاب الحظ الذين تتعزز نشاطاتهم العملية حين يتراجع الاقتصاد. ويتضمن هؤلاء من اشتروا الموجودات بأسعار متدنية للغاية، حيث يربحون نتيجة الأزمة، إذ يحفزهم السبب ذاته الذي يحرك صائدي الصفقات، بحيث يحصلون على عروض رخيصة في ظل مبيعات تحترق فيها الأسعار باتجاه الهبوط. والسؤال الكبير الذي يواجههم الآن هو: هل نشتري الآن، أم نؤجل ذلك إلى وقت آخر؟
ويرى إدوارد ألتمان، أستاذ العلوم المالية في جامعة نيويورك أن في الإمكان نصيحتهم بالانتظار. وهذا الأستاذ خبير في حالات إفلاس الشركات، والسندات عالية المردود، والديون المرتفعة، وتحليل مخاطر الائتمان. ويقول ''إن مطلوبات الإفلاس هي المواد الخام للمستثمرين المحبطين. وكانت هنالك مطلوبات في إطار عمليات الإفلاس بأكثر من 700 مليار دولار في الولايات المتحدة في عام 2008. وهو رقم كبير في عام واحد، ولكن أكثر من 600 مليار دولار منها كانت تخص بنك ليمان براذرز، حسبما أورده ألتمان خلال عرض رئيسي في مؤتمر استثمار الموجودات المتعثرة التي نظمته فاينانس آسيا، وأسيان إنفستورز.
وأضاف ''سوف يكسر هذا العام الأرقام القياسية للمطلوبات، ويمكن أن يشكل ذلك، بالطبع، فرصة للمستثمرين، ولكن القضية هي أنك إذا اشتريت ديوناً ناجمة عن موجودات متراجعة القيمة، ودفعت 25 سنتاً مقابل سند قيمته الأساسية دولار واحد، أو 40 سنتاً مقابل ما قيمته دولار من القروض، فهل من المتوقع ارتفاع السعر خلال 12 شهراً؟. من الواضح تماماً أن الموجودات لن ترتفع قيمتها إذا كان معدل العجز عن السداد في ارتفاع بوتيرة عالية. ويمكن للعرض والطلب أن يعنيا أن الأسعار يمكن أن تهبط ، بدلاً من أن ترتفع خلال فترة تمتد بين ستة إلى تسعة أشهر. ولذلك ما زال من المبكر لعمليات شراء الأوراق المالية المتراجعة أن تدخل بقوة في دائرة الموجودات التي تعاني الجهات المالكة لها من عجز عن السداد''.
ويلاحظ ألتمان كذلك أن هنالك ''كميات زاحفة '' من الموجودات متدنية الأسعار، في آسيا، حيث يقول ''نتوقع ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أكثر من 10 في المائة. ويعني ذلك فقدان ستة ملايين وظيفة أخرى في الولايات المتحدة وحدها. ومن الواضح تماماً أن نظرية الانفصال عن الدولار التي راجت بقوة، ولعدة سنوات، قبل هذا الانكماش، كانت على خطأ. ولذلك أتوقع مزيدا من فرص عرض الموجودات المتعثرة في آسيا، وفي أماكن مثل هونغ كونغ، وبالذات أن الأمر ما زال في بداياته''.
وبالاستفادة من الأمثلة في بلدان ماليزيا، وإندونيسيا، فإنه يلاحظ ''أن من المستحيل عملياً في كوالالمبور، أن تحصل أي مؤسسة ذات تصنيف أقل من AA، أو AAA على أي ائتمان. ولم تعد المؤسسات التي تقل تصنيفاتها على AA قادرة على إصدار سندات لبيعها في الأسواق ''.
''أما في جاكارتا، فهنالك مزيد من الائتمان المتاح، نظراً لوجود إقراض من جانب البنوك التي تمتلكها الدولة، وذلك للشركات التابعة للدولة كذلك. إلا أن هنالك مزيدا من عرض الموجودات متراجعة القيمة كذلك. وعلى الرغم من توقعات بلوغ النمو الإندونيسي ما نسبته 4 في المائة، إلا أنه يقل بكثير عن نسبة الـ 7 في المائة التي كانت متوقعة، ويمكن كذلك أن تتراجع النسبة في نهاية العام، بينما يقوم المسؤولون بمراجعة التقديرات''.
ومن المنتظر كذلك أن تزداد معدلات العجز عن الوفاء في الولايات المتحدة بنسبة تراوح بين 15 و18 في المائة في عام 2009، مقابل زيادة بلغت 4,6 في المائة في عام 2008. وبالتالي، فإن كميات هائلة من الديون ستظهر في الأسواق، طبقا لألتمان.'' إن معادلة العرض والطلب للموجودات المتعثرة خارجة عن خطها في الولايات المتحدة في الوقت الراهن. ونقدر أن تظهر في الأسواق ديون متعثرة بقيمة تريليوني دولار، بما في ذلك التزامات المؤسسات العاجزة عن الوفاء. ونتوقع كذلك دخول ما قيمته 250 مليار دولار في الولايات المتحدة تحت مظلة الإدارة الجبرية. ويمثل ذلك تغيراً هائلاً عن الوضع الذي كان قائماً منذ عامين فقط، حيث كانت معادلة العرض والطلب مختلفة تماماً''.
هنالك ديون خطرة في الولايات المتحدة، في الوقت الراهن، بما يصل إلى 2,7 تريليون دولار، وهي تشمل 1,6 تريليون دولار من القروض و1,1 تريليون دولار من السندات مرتفعة المردود. ويقول ألتمان'' اعتدنا على أن نسبة الموجودات ذات التصنيف المتدني، أي CCC، لم تكن تتجاوز 3- 4 في المائة، حيث كانت تلك هي الشريحة الأشد خطورة. وأما الآن، فارتفعت تلك النسبة إلى 27 في المائة. ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع لتصل إلى ما يتراوح بين 35- 40 في المائة خلال 12 شهراً''.
وفيما يتعلق بمشاكل قطاع السيارات في الولايات المتحدة، قال ألتمان ''نستطيع توقع إما صفقة ما، أو حالة إفلاس، فيما يتعلق بشركة كرايزلر، خلال أسبوع، والأمر ذاته بالنسبة إلى جنرال موتورز، خلال شهر''. ويتطلب هذا العدد المتزايد من الأوضاع اليائسة مزيداً من التركيز على ضرورة تحسين أساليب التوقع. ويتم على نطاق واسع استخدام نموذج Z الذي طوره ألتمان في عام 1968، وذلك في قياس توقعات وصول شركة ما إلى مستوى الإفلاس.
ويضيف ألتمان ''مرّ نحو 42 عاماً منذ أن بدأ استخدام هذا النموذج، ولذلك فإننا نعمل على تطوير نموذج جديد. ونهدف في توجهنا هذا إلى توفير نماذج ليست صالحة فقط للقياس، ولكنها تمثل نماذج معادلة للتصنيف، بحيث تستطيع الشركات الفردية على النطاق العالمي استخدامها، والتوصل إلى تقدير صحيح لاحتمالات العجز عن السداد، بالطريقة ذاتها التي يمكنك فيها استخدام فروق مقايضات العجز الائتماني، أو فروق المردود، في أسواق الائتمان، وكذلك مؤشرات معدلات العجز عن السداد، واحتمالات ذلك العجز''.

الأكثر قراءة