إلى أين تتجه «جنرال إلكتريك» الآن؟

إلى أين تتجه «جنرال إلكتريك» الآن؟

''المستثمرون يحبون اليقين، ولكنني لا أعتقد أننا سنعيش في زمن ''يحيط به اليقين''، كما يقول جيف إيميلت، رئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي لـ ''جنرال إلكتريك''، معلقاً على بيئة النشاط العملي الحالية، وكيف أن لاعبي النشاط العملي الناجحين بحاجة إلى ثقافة شركات، وإلى عملية استراتيجية مرنة يمكن تكييفها بسرعة.
وخلال زيارة أخيرة إلى سنغافورة، مر إيميلت بغرفة مزدحمة في فندق رافلز، بابتسامة عريضة على وجهه، وكأنه نجم روك في منتصف العمر، حيث أثبت نفسه فعلياً، مع استعداد لإظهار أن لديه المزيد ليقدمه. إن شخصيته السلسة، وأسلوبه المنفتح ينسجمان في الحقيقة مع كونه وفقاً لمجلة ''فوربس''، قبطان الصناعة، حيث يدير أكبر شركة في العالم (بلغت أرباح الربع الثالث لعام 2009 نحو 2.5 مليار دولار، برغم أنها تراجعت نحو 51 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي)، وهي تمتلك نشاطات عملية متنوعة، مثل الأدوات الطبية، ومحركات الطائرات، والتمويل، ووحدات الطاقة الذرية، والمنافذ الإعلامية، والبلاستيك، إضافة إلى أشياء أخرى. لقد تحدث إلى أكبر حشد عملي عن الوضع الاقتصادي، وكيف تعمل ''جنرال إلكتريك'' على مركزة نفسها في العالم، وكذلك عن قيم القيادة، والتجمع في جنوب شرق آسياً، تحت قيادة آسيان – ASEAN. وكان سريعاً في الإشارة إلى أن ''جنرال إلكتريك'' تحقق ما يزيد على نصف إيراداتها السنوية من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
''الجميع لديه الخطة، إلى أن يتلقوا ضربة في الوجه''، كما يقول. وإن هذا الاقتباس الذي يقصد به السخرية استمده من ''الفيلسوف الأمريكي العظيم، مايك تايسون، الملاكم''، ليضحك المتجمهرين. ولكن المغزى الذي تم تحقيقه: ''نحن نعيش في وقت غير مؤكد، وأحداث غير مؤكدة''.
وبينما كان موظفاً لدى ''جنرال إلكتريك'' منذ عام 1982، فقد ترقى إيميلت إلى منصب رئيس مجلس إدارة، ورئيس تنفيذي، في أيلول (سبتمبر) من عام 2001. وخلال 27 عاماً من عمله في الشركة شهد كثيرا من الصعود والهبوط. وقد بدأ ـ تعليقاته بذكر الركود العالمي، والإشارة إلى أن صناعة الخدمات المالية تتم إعادة تشكيلها، وهيكلتها حول العالم. وأشار إلى أن حالات الركود الأربع الأخيرة في فترة 1974 - 75، و1980 – 81، و1990 – 91، و2001 – 01، تمت إعادة هيكلتها بصورة كبيرة باستخدام الائتمان لتحقيق الانتعاش والتعافي الاقتصادي. ''بمجرد أن تصبح الفائدة صفراً، لا يمكنك أن تنحدر أكثر من ذلك''، كما يقول إيميلت. ''وهو نوع من الحالة التي نعيشها اليوم. وبالتالي فإن مطرقة الائتمان على الأرجح لا يمكن تطبيقها بصورة ليبرالية نظراً للعجز الذي تعانيه الولايات المتحدة الأمريكية''. وبالنظر إلى ذلك، كما يقول، فإن الانتعاش الاقتصادي سوف يبدو مختلفاً، ويعتمد أكثر على مبادئ روح المشاريع الحرة الجريئة.
وبالنظر إلى التشابك الذي يشعر الجميع بأنه هو المسؤول عن الانهيار العالمي، كما يقول، فإن فك ارتباط الاقتصادات يحدث فعلاً، مبيناً أن محركات نمو الاقتصاد تبرز حول العالم، وهي مثيرة وأكبر مما كنا نعتقد. وهو يشير إلى أن الصين بقيت قوية عن طريق الحكومة التي تولد ''روحاً استهلاكيةً محليةً عظيمة''، وإن الدول الغنية بالموارد بقيت قوية أثناء فترة الانكماش. ''وبالتالي فإن اقتصادات العالم كانت قادرة على شحن نموها، والازدهار بفعل الاستهلاك''.
وعلى الرغم من تلك الروح التقدمية، كما يشير، فإن الدول حول العالم (وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية)، تتحرك نحو عصر من الحكومة الناشطة. ''أعتقد أن التفاعل بين الحكومة والنشاطات العملية الكبيرة جذري أكثر في أيامنا هذه، مقارنة بأي وقت مضى في حياتي المهنية، وأنا لا أرى أن هذا التفاعل سوف يتقلّص''. ويقول إيميلت: ''يمكنني أن أقدم لك عديدا من الأسباب التي تؤدي إلى تضاؤله، ويمكنني أن أقول لك إنني فعلاً أتمنى أن يتضاءل ويزول، ولكنني لا أعتقد أنه سيفعل''، وهو يرى أن الشركات سيتحتم عليها أن تكون ذات فهم جيد للتشريعات، وتأثير الحكومة اللاحق.
وهنالك ما يزيد على 300 ألف موظف لدى ''جنرال إلكتريك'' يتطلعون إليه من أجل التوجيه، حيث يظل إيميلت يفكر كثيراً بشأن ''ماذا بعد'' بالنسبة للشركة. ''لذا، عندما أجلس لوضع خطة لـ ''جنرال إلكتريك''، فإن أول شيء أفكر فيه هو أن عليك أن تحظى بنشاط عملي جيد تكرس نفسك بالكامل له، وينبغي أن تكون راغباً في الاستثمار فيه، وتنميه، وتحارب، وتتنافس، وتذهب إلى كل زاوية في العالم به''. ''إن لم تكن لديك رباطة جأش للنشاط العملي الذي تعمل فيه، فإنك في النشاط العملي الخطأ''.
وإضافة إلى هذه الأمور العملية، فإن إيميلت مؤيد لـ:
ـ اللعب بجميع النقاط السعرية، (وليس مجرد التخلص من التقدم المتناهي)، والتركيز على حصة السوق.
ـ أخذ فرص النمو العالمي الحالية بعين الاعتبار (جنرال إلكتريك تنظر إلى مكامن النمو المستقبلية، مثل آسيا الصاعدة).
ـ تكريس جذري وقيادة للتكنولوجيا الناشئة والخدمات في هذا العصر الذي يعتمد على ''المنتج''، بمزيد من المنتجات بأسعار متباينة، بحثاً عن ميزة التكلفة التنافسية في كل شيء.
ـ التفكير التنظيمي لمواكبة المستثمرين والتكنولوجيا، والتكيف مع الأنظمة والحلول، والتعرف على كيفية الاستفادة من خلال حل المشكلات.
وتحدث الرئيس التنفيذي لـ ''جنرال إلكتريك'' كذلك عن بعض القيم الجوهرية لـمجموعة شركات عمرها 130 عاماً. وأكد أن الالتزام بالنزاهة يأتي أولاً، مشيراً إلى أن الشركة أهم من الأفراد، وأن على الجميع أن يجسد أفضل الممارسات المتعلقة بالالتزام. وأكد كذلك على الالتزام بالأداء، حيث إن الأفراد أصحاب الأداء المتميز يركزون على النتائج. وأخيراً، ''الالتزام بالتغيير، حيث ليس للمعرفة تاريخ انتهاء''. ويضيف:''إن لم تعمل على إعادة هيكلة نفسك، أو تحاول القيام بأمور جديدة، تصبح ساكناً، وتُهزم سريعاً من قبل المنافسة''. وبالحديث بصورة خاصة عن جنوب شرق آسيا كمكان للقيام بالنشاطات العملية، يقول إيمليت إنه ''قبل من 5 إلى 10 سنوات، إذا كنت تنظر إلى إحدى الخطط الاستراتيجية لـ ''جنرال إلكتريك''، فإننا كنا نتوقع التلاشي لإقليم آسيان، بحيث تعلو الصين العملاقة على المنطقة، وتجعل التنمية ليست إقليمية بصورة أساسية''. وأما الآن، وكما يعتقد، فإن عديدا من الدول (خارجا الصين والهند) لديها القدرة على تحريك النمو على مدار الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة، وإنه من ''المثير'' ''التفكير'' بآسيان على أنها تكتل تجاري يتألف من 600 مليون شخص.
وفي الحديث عن استثمارات ''جنرال إلكتريك'' حول الإقليم، يشير إيميلت إلى أن المشاريع في ماليزيا، وفيتنام، سارت على نحوٍ جيد. ''لقد حان الوقت على الأرجح للقيام بما هو أكبر في ''إندونيسيا''. وفيما يتعلق باستراتيجية الاستثمار لدى ''جنرال إلكتريك''، التي تجعل من مثل هذه الغزوات أمراً ممكناً، يقول إيمليت إن الشركة كبيرة بما يكفي للمجازفة ببعض المخاطر المالية الكبيرة في بعض الأسواق الناشئة غير المؤكدة بعد، ولكنها غير قادرة على المجازفة بأي مخاطرة في سمعتها، ''لا يمكننا أن ندخل في النشاط العملي الذي لا يمكن القيام به على نحوٍ سليم، ولا يمكن القيام به بشفافية. وإن ذلك حتماً هو ما يمنعنا من الاستثمار فيه''.

الأكثر قراءة