رغم الأزمة المالية .. الشركات تستثمر 130 مليار دولار في التعليم والتطوير
أكد توني بنجهام الرئيس التنفيذي للجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD أنه على الرغم من تأثير الأزمة المالية العالمية إلا أن أغلب الشركات الأمريكية لم تلغ ميزانيات برامج التدريب أو تخفض من مخصصاتها، مؤكدا حرص الشركات على تدريب موظفيها وتطويرهم. وعن واقع التدريب في الشرق الأوسط قال توني بنجهام إن هناك التزامًا شديدًا للغاية في إكساب المواطن السعودي المهارات والمعرفة، معربا عن تقديره لالتزام الحكومة السعودية في دعم التعليم والتدريب.
وشدد على أهمية أن يتفق التعلم والتدريب اللذان يتلقاهما الموظف تماما مع أهداف وظيفته أو دوره ومع استراتيجيات مؤسسته .. إلى الحوار..
كيف تقيِّمون واقع التدريب في العالم بعد الأزمة المالية العالمية؟
أثرت الأزمة المالية العالمية في الكثير من الشركات حول العالم. ولكن على الرغم من أن الشركات تتبع سياسات خفض النفقات، فإنها لم تقم بإلغاء ميزانيات برامج التدريب أو تخفض من مخصصاتها إلى المستوى الذي خفضتها فيه خلال فترات الأزمات المالية السابقة (بين عامي 2001 و2002، على سبيل المثال). وفي النسخة الأخيرة من تقرير الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD الذي جاء تحت عنوان حالة الصناعة ـ وهو تقرير صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي 2009 يوضح بالتفصيل الاستثمارات والتطبيقات التي تمت في مجال التدريب لـ 300 مؤسسة أمريكية ـ تشير البيانات إلى أنه على الرغم من التحديات المالية فقد تم استثمار 130 مليار دولار في تعليم وتطوير الموظفين خلال عام 2008. وذلك يوضح لنا أن الإدارة العليا في المؤسسات ترى التدريب عاملا مهمّاً من عوامل نجاح المؤسسة.
هل ترون أن المؤسسات الناجحة بحاجة إلى المزيد من البرامج التدريبية أكثر من أي وقت مضى؟
إن وجود الموارد البشرية ذات المعرفة والمهارة في المؤسسات سيساعدها على أن تضع نفسها على طريق النجاح بعد التعافي الاقتصادي. فضمان وجود الموظف المناسب ذي الكفاءة المناسبة في الوظيفة والتوقيت المناسبين مهمة رئيسية من مهام قطاع التعليم والتطوير. وفي البيانات السنوية المقدمة في تقرير حالة الصناعة الصادر عن الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD، نجد أن المؤسسات الرائدة ـ خاصة الأعضاء في منتدى معايير الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD أو الحاصلة على جوائز BEST التي تمنحها الجمعية ـ تستثمر باستمرار في التدريب مبالغ أعلى من المتوسط. ففي التقرير السابق، رأينا أن الشركات الأعضاء في المنتدى أنفقت في عام 2008 على التدريب ما يفوق المتوسط بـ48 في المائة، بينما أنفقت الشركات الحاصلة على جوائز BEST 22 في المائة أكثر من المتوسط. وقد أوضح التقرير أن المؤسسات الحاصلة على جوائز BEST تربط بفاعلية بين التعليم والنتائج المؤسسية، كما أنها تفهم كيفية تحقيق ذلك باستخدام موارد البشرية ذات معرفة ومستوى مرتفع من المهارة.
برأيكم، كيف ترون واقع إقبال المؤسسات في الشرق الأوسط على البرامج التدريبية؟ وهل هناك اقتناع من هذه المؤسسات بالتدريب؟
لا يوجد لدى الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD بيانات محددة عن المؤسسات العاملة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، نرى أن هناك التزامًا شديدًا للغاية بإكساب المواطن السعودي المهارات والمعرفة، ونعرب عن تقديرنا لالتزام الحكومة السعودية بدعم التعليم والتدريب.
هل يمكنكم تلخيص المعايير العلمية التي تضعها الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD لتقييم البرامج التدريبية؟
تساعد الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD أعضاء الجمعية وإخصائيي التعلم على القيام بتقييم فاعلية البرامج التدريبية. وقد أصدرنا الكثير من المطبوعات على مدار السنين حول الاستراتيجيات والأدوات الفعالة لقياس وتقييم التدريب. والهدف الرئيسي هو ضمان أن استثمارات وبرامج تعليم الموظفين متفقة تماما مع استراتيجيات و أهداف المؤسسة. ولكي نضمن ذلك، يتم قياس هذه الاستثمارات والبرامج وفق معايير شديدة الأهمية لمؤسستنا ـ مثل رضا العميل والإنتاجية والربحية.
كثير من المؤسسات والبنوك وكبريات الشركات اليوم تعاني أزمات في المنافسة وغيرها.. برأيكم، هل يمكن أن يسهم التدريب في التغلب على التحديات التي تواجه هذه المؤسسات؟
يجب أن يتوافر لكل المؤسسات، وخاصة تلك العاملة في قطاع الخدمات المالية، موارد البشرية عالية المهارة لكي تنمو هذه الشركات وتنجح. إلا أن برامج التدريب بمفردها ربما لا تساعد المؤسسات على النجاح؛ فمن المهم ضمان حيازة الموظفين في كل المستويات الإدارية للمعرفة والمهارات اللازمة لتأدية مهامهم بنجاح. فإذا ما كانت هناك فجوة في المهارات، يجب أن تعمل إدارة التدريب على تقييم الفجوات وتحديد البرامج أو فرص التطوير التي يمكن أن تسد تلك الفجوات، وتمهد طريق التعلم أمام الموظفين. وإضافة إلى ذلك، يجب أن تطور المؤسسات بتطوير جيلا ثانيا من القادة لضمان توافر المهارات اللازمة للقيادة الآن وفي المستقبل.
يتطلب التدريب مخصصات مالية، إلا أن الكثير من الشركات لا ترغب في الإنفاق على التدريب ودائما ما تبحث عن الكفاءات الجاهزة. ما رأيكم في ذلك؟
عندما ننظر إلى كامل عملية إدارة المواهب ـ من أول التعيين إلى الحفاظ على الموظفين ـ من المهم أن تحدد الشركات المعارف والمهارات والقدرات الأكثر أهمية التي يجب أن يتمتع الموظفون بها عندما ينضمون إلى المؤسسة. وفي الكثير من الأحوال، قد يتعين على الموهبة التي قاموا بتعيينها وتقوم المؤسسات بتطوير مهارات متوافرة لديها بالفعل أو تعمل على اكتساب مهارات جديدة. وسيساعد اختصاصيو التعلم والتطوير في المؤسسة المديرين على تحديد أفضل الوسائل لتطوير تلك المهارات استنادا إلى تقييم المهارات المهمة المطلوبة للوظائف في الشركة، وذلك بما يتفق مع استراتيجيات وأهداف المؤسسة. وينبغي أن تستند الاستثمارات التي تضخها المؤسسات في تدريب موظفيها على ما يستغرقه الأمر لتحديث أو تطوير مهارات الموارد البشرية .
هل ترون أن التدريب أثناء العمل أفضل من التفرغ للتدريب؟
يجب أن يحدد القادة والمديرون والموظفون معا في أية مؤسسة أي أنواع التدريب أكثر فاعلية فيما يتعلق بنجاح الوظيفة، فلا ينبغي أن يتبع التدريب أسلوب «نوع واحد يناسب الجميع» ـ فيجب أن يتفق التعلم والتدريب اللذان يتلقاهما الموظف تماما مع أهداف وظيفته أو دوره ومع استراتيجيات مؤسسته. ويجب أن تقيس المؤسسة نتائج أنشطة أو برامج التعلم لضمان اتفاق هذه الأنشطة أو البرامج مع الغايات المطلوب تحقيقها زيادة واضحة في المعارف أو المهارات أو تغيير السلوك، وغيرها.
أطلقتم شراكة مع «ارتياد للتدريب» في السعودية (الممثل الرسمي لمعهد ديل كارنيجي العالمي و العديد من معاهد التدريب العالمية في المملكة). كيف تنظرون إلى هذه الشراكة وإلى ماذا تتطلعون من ورائها؟
تقيم الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD شراكة مع مؤسسات خارج الولايات المتحدة لنقل خبرة مجتمع ASTD لخبراء ومؤسسات التعلم في الدول الأخرى. وتتعاون ASTD وشركاؤها الدوليون معا في واحد أو أكثر من المجالات التالية:
مطبوعات ASTD: إتاحة المزيد من الفرص للدخول على محتويات مكتبة الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD وبحوثها عالمية المستوى.
البرامج التعليمية: إتاحة الفرص لتقديم برامج الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD التعليمية وشهادات الأفراد التعليمية خارج الولايات المتحدة.
دعم إضافي للوفود الدولية التي تحضر المعرض والمؤتمر العالمي السنوي للجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD.
عضوية واجتماعات محلية: أفضل التطبيقات في مجال تعيين واستبقاء الموظفين.
فعاليات إقليمية: دعم إضافي من الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD لهذه الفعاليات.
ونحن سعداء للغاية بهذه الشراكة الرسمية مع ديل كارنيجي السعودية (ارتياد) وفق قواعد الشراكة الدولية للجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD، كما تعمل المؤسستان معا في كل المجالات المذكورة سابقا.
هل ترون أن برامج التدريب في العالم تختلف من دولة إلى أخرى؟ وإن كان الأمر كذلك، فما الاختلافات؟
يمثل برنامج شهادة اعتماد «المحترف المعتمد في التعلم والأداء» CPLP برنامجا معتمدا لإخصائيي التعلم يقدمه معهد التأهيل التابع للجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD. ويشمل البرنامج عديدا من المهارات، كما أنه يغطي تسعة مجالات من مجالات التخصص كما حددها نموذج الكفاءة الذي أعدته الجمعية، وهذه المجالات هي: تخطيط الحياة المهنية وإدارة المواهب، والتوجيه، وتصميم التعلم، وتقديم التدريب، وتحسين الأداء البشري، والقياس والتقييم، وتيسير التغير المؤسسي، وإدارة وظيفة التعلم، وإدارة المعرفة المؤسسية. وتتطلب عملية اختبار الكفاءة في برنامج CPLP من المرشحين أن يجتازوا اختباراً معرفياً و تقييماً لمشروع تم إنجازه في بيئة العمل لكي يحصل الأفراد على شهاداتهم. كما يجب الحصول على وحدات تدريبية لتجديد استحقاق الحصول على الشهادة كل ثلاثة أعوام. ومنذ انطلاق البرنامج في عام 2007، حصل 850 إخصائيّاً في التعلم والتطوير على شهادات اعتماد CPLP من البرنامج. ويخبرنا الإخصائيون الحاصلون على شهادة برنامج CPLP أن حصولهم على تلك الشهادة المعتمدة ساعدهم في تمييز أنفسهم عن الآخرين وإثبات قيمتهم للإدارة العليا ولأقرانهم ولعملائهم. كذلك، فإن الإخصائيين الحاصلين على شهادة برنامج CPLP يتمتعون بالمعارف والمهارات الضرورية لمساعدة مؤسساتهم على النجاح.
في ظل الأزمة المالية العالمية، رحت الكثير من المؤسسات بعضا من موظفيها، هل هناك برامج تدريبية تساعد المؤسسات على مواجهة آثار التسريح سواء على الموظفين أو على المؤسسة نفسها؟
تنفذ المؤسسات عمليات خفض العمالة بأكثر الطرق ملامة للمؤسسة ولثقافة الشركة. وهناك الكثير من المؤسسات التي تعمل جاهدة على تجربة مصادر تطوير مهني وظيفي ومهني وتقديمها للموظفين الذين تم تسريحهم لمساعدتهم في الاستعداد سريعا لعملية البحث عن وظائف جديدة. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، تستقدم بعض الشركات مؤسسات متخصصة في برامج التطوير الوظيفي كبرامج ورش عمل عن كيفية إعداد السير الذاتية وبرامج توجيه للتعامل مع المقابلات الوظيفية. كذلك، توجد في الولايات المتحدة مراكز تدريب وظيفي تتلقى تمويلاً حكومياً لمساعدة الأشخاص في إيجاد عمل. وتعمل الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD حاليا مع «مجالس الاستثمار في القوى العاملة» في بعض المناطق في الولايات المتحدة، لتقديم برامج الجمعية المعتمدة كمصادر.
وإضافة إلى ذلك، رأينا زيادة في الاهتمام ببرنامج المحترف المعتمد في التعلم والأداء CPLP، الذي يقدمه معهد التأهيل التابع للجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD. وسواء كانوا يعملون الآن أو يبحثون عن وظائف جديدة، يسعى إخصائيو التعلم إلى أن يجدوا وسيلة لكي يميزوا أنفسهم عن الآخرين في سوق العمل التنافسي. ومن بين الوسائل لتحقيق ذلك أن يكون لدى الفرد في سيرته الذاتية شهادة من برنامج معتمد في هذا المجال.