«الزقاق» و«التعيين» يجمعنا
هذه كلمة عن إنسان لم تربطني به أيةُ علاقة شخصية سوى ''الزقاق'' ''والتعيين''. والزقاق تطلق على منازل متجاورة قريبة من بعضها البعض مثل المجمع السكني، لكنه من غير حراس ولا أبواب. وقد جمعتنا الأقدار، وتجاورنا في منطقة '' جبل عمر'' في مكة، وتجاورنا في التعيين من وزير التجارة الأستاذ عبد الله زينل في مجلس إدارة غرفة جدة. ومن جيلي نشأنا نقرأ، ونسمع عن الشيخ صالح عبد الله كامل اقتصادياته وكلماته في الصحافة المحلية والعالمية، ولقد شكَّل في أذهاننا انعطافة مهمة في تطور الاقتصاد في بلادنا، كما أنه دشن مرحلة مهمة في الاقتصاد السعودي التي تمتزج فيه التجربة الذاتية مع الاستشارة العالمية، وفتح مفهومًا اقتصاديًّا أمام الجيل الناشئ. وإذا كانت الأقدار جمعتني مع رجل عرفه الاقتصاد، كان الإصغاء إليه محاضرا أو متحدثا أو خطيبا، بهجة الاعتزاز.
إن الشيخ صالح لم يركن إلى التنظير والتفسير الاقتصادي، بل تجاوزهما إلى واقع أمته ووطنه؛ فشارك في بنائها الاقتصادي، وأفعاله تسبق أقواله، فتنقل في صناعة الإعلام والمال والأعمال.
ثم إن الذين عرفوا الشيخ، مختلف الأجيال يتحدثون عن مواهبه المتعددة، وتظل أحلام الغرفة التجارية الإسلامية وحلم ''فيزا مكة'' الموحدة لدول الإسلامية التي تتيح لأصحاب الأعمال التنقل بين الدول الإسلامية والاستفادة من الفرص في تلك الدول ظلت – ومازالت - مسيطرةً على نفسه التي يؤرقها، ولا ينسى في غمرة حياته الوظيفية أن يتذكر الآخرين، فيشارك بكلماته وتجاربه محليا وعربيا وعالميا، ويدعم الشباب، ويلتقيهم، ويتحدث العارفون عنه، فيقولون: إن الشيخ صالح لا يبخل بجاهه في الوقت الذي يهرب فيه البعض من عمل إنساني كهذا، فيكونون بذلك هم الخاسرون. ولا يخنق ثقافة مجاري التعبير، ولا يغلق سريان أكسجين الحرية في الحوار، ولا يسد منافذ الفهم، ولا يعتبر الآخر لا يفهم ولا يعرف، بل يحسن الإصغاء له ولهن.
ولا يسعني في خاتمة هذا المقال إلا أن أدعو، ويدعو معي المحبون - أيضا – بأن تستفيد غرفة جدة من وجود تلك الهامة الاقتصادية، وأن نتعلم من الشيخ صالح كامل من قريب ومن بعيد.