البنوك تلتف على فتوى تحريم التورق المنظم
أبلغ «الاقتصادية» مصدر غربي قريب من المجالس الشرعية لبعض المؤسسات المالية، أن البنوك وجدت مخرجا من «الحرج الفقهي» الذي وقعت فيه أمام عملائها عقب فتوى تحريم التورق المنظم الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي، وذلك عبر الالتفاف عليه من خلال الاستعانة بفتوى أجازت هذا النوع من التورق وصادرة منذ فترة ليست بالبعيدة من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.وفي إشارة ضمنية لها في حالة التزمت بعض البنوك الخليجية بفتوى التحريم الصادرة من مجمع الفقه، حذرت شركة المحاماة دنتون وايلد سابت في مذكرة بحثية لها بأنه «إذا تم سحب التورق فجأة، فإن من شأن هذا الإجراء أن تكون له نتائج عكسية، لأن كثيراً من العاملين في التمويل الإسلامي يستخدمون هذا الهيكل بصورة روتينية كوسيلة لإدارة السيولة، ولإعطاء عملائهم تسهيلات لرأس المال العامل».
في مايلي مزيد من التفاصيل:
فقهاء الوزن الثقيل من هيئة المحاسبة يتزايدون ويعلنون معارضتهم العلنية لفتوى تحريم التورق المنظم الصادرة من علماء مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
أبلغ «الاقتصادية» مصدر غربي قريب من المجالس الشرعية لبعض المؤسسات المالية أن البنوك وجدت مخرجا من «الحرج الفقهي» الذي وقعت فيه أمام عملائها عقب فتوى تحريم التورق المنظم الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي وذلك عبر الالتفاف عليه من خلال الاستعانة بفتوى إجازة هذا النوع من التورق والصادرة منذ فترة ليست بالبعيدة من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
#2#
#4#
وفي إشارة ضمنية لها في حالة التزمت بعض البنوك الخليجية بفتوى التحريم الصادرة من مجمع الفقه، حذرت شركة المحاماة دنتون وايلد سابت في مذكرة بحثية لها بأنه «إذا تم سحب التورق فجأة، فإن من شأن هذا الإجراء أن تكون له نتائج عكسية، لأن كثيراً من العاملين في التمويل الإسلامي يستخدمون هذا الهيكل بصورة روتينية كوسيلة لإدارة السيولة، ولإعطاء عملائهم تسهيلات لرأس المال العامل».
وتجاهل مدسر صديقي، محام أمريكي وفقيه شرعي لدى دنتون وايلد، الإجابة عن سؤال «الاقتصادية» إذا ما كانت هذه النتائج العكسية تعني انهيار صناعة التورق العالمية التي تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار.
وبحسب «رويترز»، فقد حذر أهل الصناعة من نتائج كارثية إذا تم الالتزام بالفتوى بصورة حرفية.
## 3 فقهاء يشككون
#3#
من جانبه تراجع يوسف طلال ديلرنزو، أحد أكبر فقهاء أمريكا الشمالية وأكثرهم تأثيرا على الصعيد المصرفي، عن موقفه الحيادي حول التورق المنظم، وأعلن عبر «الاقتصادية» انضمامه إلى جانب نظام يعقوبي بعد أن كشف الأخير حيثيات صدور الفتوى المستعجلة من مجمع الفقه.
وقال ديلورينزو المتخصص في قانون المعاملات الإسلامية والعضو في مجالس في إدارة 15 مؤسسة إسلامية، أنه هو الآخر»يشكك في فتوى المجمع الفقهي»، وبذلك يصبح ديلرنزو الفقيه الثالث من هيئة المحاسبة الذي ينظم إلى جانب نظام يعقوبي ومحمد داود بكر والذين يشككون في فتوى تحريم التورق المنظم الصادرة من مجمع الفقه.
ويطرح ائتلاف الفقهاء الثلاثة تساؤلات في إذا ما كان ذلك الموقف يمثل الموقف الرسمي لهيئة المحاسبة نفسها.
«الاقتصادية» بدورها نقلت تلك التساؤلات إلى محمد نضال الشعار ــ الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، والذي فضل تجاهل تلك التساؤلات المباشرة واكتفى بالتصريح بأن: «هيئة المحاسبة لن تعلق أبدا على أعمال المؤسسات الأخرى.
فنحن نحترم جميع الأعمال الأكاديمية التي تتعلق بالتمويل الإسلامي والصيرفة. ونحن نرى أن مجمع الفقه سيكون مصدرا رئيسا لأبحاثنا وقراراتنا».
وفي أيار (مايو) من السنة الماضية، اهتز قطاع المصرفية الإسلامية حين أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى تقضي بتحريم عمليات التورق المنظم، وهو ما أدى بدوره إلى موجة أولى قوية من الجدال والمناقشات، ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه القضية قد تشير إلى «توتر صامت»، ومحتمل بين مجمع الفقه وبين هيئة المحاسبة، وهي جهاز مقره البحرين ويضع معايير الصناعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
يذكر أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي هو مبادرة انبثقت من منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي منظمة إسلامية دولية تتمتع بنفوذ كبير في العالم الإسلامي.
لكن ضمن قطاع المصرفية الإسلامية، فإن النفوذ الأقوى والاحترام الأكبر هو من نصيب هيئة المحاسبة، وذلك بحسب ما تراه صحيفة «ذي ماليزيان ريزيرف» الماليزية.
وكان يعقوبي قد فجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد، بحسب وسائل الإعلام الماليزية، أن الـ 17 بحثاً التي ارتكزت عليها فتوى التحريم الصادرة من مجمع الفقه تكشف عن إجازة هذا المنتج بدلا من تحريمه.
وقال يعقوبي خلال توضيحه الطريقة السريعة التي توصل إليها المجمع نحو قرار التحريم: «إذا كان هناك بحث تم إعداده على عجل وقُدِّم إلى المؤتمر قبل ساعة واحدة من انعقاد الجلسة، فكيف يستطيع الحاضرون قراءته؟ لاحظ أنه كان هناك 17 بحثاً حول التورق مقدمة إلى المجمع.
وواصل: «لقد انتهيت من مراجعة هذه الأبحاث الآن». ومعظم من كتبوها يقولون إن التورق جائز شرعاً. وهم لا يقفون ضده.
## فتوى بديلة
عما إذا كانت هيئة المحاسبة قد أصدرت فتوى خاصة بها حول التورق المنظم، قال الشعار إن هيئة المحاسبة قد «أصدرت معيارها (الخاص) حول التورق». وأشار إلى أن هذا المعيار «واضح جدا» ويمثل موقفهم من القضية».
ويرى ديلرنزو أنه كان على مجمع الفقه أن يتروى، كما اقترح الشيخ نظام، ويمعن النظر في الموضوع قبل أن يعلن عن قرار جاء معاكسا للفتوى الصادرة في السابق عن هيئة المحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية.
وفي محاولة لتهدئة مخاوف المستثمرين قال ديلرنزو إن التورق يكون جائزا إذا طبق بشكل صحيح.
وأضاف العالم الأمريكي «من وجهة نظري أجرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بحوثا دقيقة وشرحا وافيا للتورق».
وواصل الرئيس التنفيذي لشؤون التدقيق والرقابة الشرعية في شركة شريعة كابيتال طورت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية معيارا من خلال منهجيتها الخاصة الشاملة وهذا المعيار .. على حد علمي .. ما زال ساريا.
هناك سوء فهم كبير في السوق ناجم عن انعدام التواصل بين علماء الدين المنخرطين بنشاط في مجال التمويل والعلماء غير المنخرطين».
## مسوغات التشكيك
يحاول ديلرنزو استخدام الحجة العقلية من أجل التشكيك في فتوى تحريم التورق المنظم. حيث يقول: هناك اتفاق واسع على أن بعض أنواع التورق جائزة شرعا.
إذا كانت هناك إشكال من التورق أصبحت موضع شبهة، فإنه كان ينبغي على المجمع أن يدرس المسألة ليقرر ما الأشكال غير الجائزة شرعاً وفي ظل أية ظروف.
لكن لأن هناك شبهة ما حول التورق فإن من غير المنطقي أن نستنتج أن كل شيء حول التورق غير جائز شرعاً وبالتالي تحريم جميع أشكال التورق.
ويتابع الفقيه، في مقابلته مع «الاقتصادية»:»هذا الأمر يشبه قولنا إنه إن كانت العوائد في شكل معين من أشكال المضاربة مضمونة من قبل المضارِب فإن كل أنواع المضاربة حرام.
حتى وإن كانت العوائد غير مضمونة وهذا هو الوضع في جميع الحالات تقريباً.
وواصل العالم الشرعي الذي وقف خلف أسلمة مؤشرات داو جونز الأمريكية: «لقد أوضحت موقفي وقلت إن فتوى مجمع الفقه - يقصد الخاصة بالتورق المنظم- أصبحت مثل قولنا أن جميع الصكوك محرمة بسب الأدلة التي لدى الشيخ عثماني والتي تفيد بأن بعض المؤسسات المالية كانت تصدر صكوكا بطريقه غير صحيحة (يقصد من الناحية الشرعية).
ماذا يمكن أن يحدث لو أن المجمع الفقهي أصدر على هذا الأساس فتوى تقول إنه بما أن بعض الصكوك غير جائزة شرعاً فإن جميع أنواع الصكوك بالتالي غير جائزة شرعاً. في رأيي إن الأمر هو نفسه في الحالين.
## العواقب الكارثية
التورق أحد أسس صناعة التمويل الإسلامي البالغ حجمها تريليون دولار ويستخدم على نطاق واسع كأداة للتمويل وإدارة السيولة.
غير أن تزايد الخلافات بشأن جواز بعض أشكال التورق بموجب أحكام الشريعة أثار حالة من التشويش في السوق وحذر مؤيدون من عواقب كارثية إذا تم إلغاء هذا الهيكل.
كما أن التورق في شكله البسيط هو شراء سلعة بثمن آجل ثم بيعها وتحصيل ثمنها نقدا. والتورق المنظم مشابه لذلك غير أن المعاملات تتم من خلال البنوك.
ولا يختلف التورق العكسي عن التورق المنظم إلا في أن المشتري يكون مؤسسة مالية تسعى لتدبير سيولة.
وكان مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي قد اعتبر التورق المنظم والتورق العكسي «تحايلا» بهدف وضع قناع على استخدام الربا.
وتفاقم تعقيد وضع هذا الهيكل، نظرا لأن الامتثال لمعايير الهيئات المنظمة لصناعة التمويل الإسلامي مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية طوعي ولا توجد جهة تحكيم نهائية.