معضلة العرض والطلب
نسمع بين الحين والآخر آراء وأطروحات ونظريات كثيرة حول العرض والطلب للسوق العقاري وكلما طرح الموضوع كانت الحساسية فيه عالية جداً، إذ إن الأغلبية وخصوصاً مما لا يستطيعون شراء عقارات لهم بسبب انخفاض إمكانياتهم أو بسبب ارتفاع قيمة العقارات تجدهم يهاجمون كل من يردد أن هناك طلبا على الوحدات العقارية ويقبلون أي شخص يتحدث عن العكس وكأن الأمر شيء غير ظاهر أو مخفي أو معلومة يصعب الحصول عليها.
عزيزي القارئ، إن الطلب والعرض للوحدات العقارية لا يمكن أن ينكره أو يقره أي شخص بمجرد أنه يتحدث برأي شخصي أو منظور مجموعة من الأشخاص مهما كانت خبرته، فهو أمر واضح وجلي للعيان فهناك اليوم إحصاءات يومية عن عدد الصفقات العقارية معلنة من قبل كتابات العدل الرئيسية كما أن تلك الإحصاءات لا تجامل ولا تملك مصالح مشتركة مع أي جهة سواء حكومية أو أهلية فهي تبين الواقع الفعلي لعدد الصفقات العقارية وبالتالي أي حديث عن العرض والطلب دون الأخذ بعين الاعتبار تلك الإحصاءات هو محض رأي شخصي لا يمت للواقع بصلة.
إن شح العرض للوحدات العقارية في السوق العقارية السعودية أمر موجود منذ زمن وهو أمر لا يختلف عليه اثنان وقد ذكرت سابقاً سبب هذا الشح الذي يعود لعدة أسباب من أهمها افتقارنا لشركات التطوير العقاري وعدم وجود التمويل المناسب لمطوري تلك المشاريع واتجاه معظم المستثمرين العقاريين في السابق للمضاربة السريعة في أسعار الأراضي, أما عن حجم الطلب فهو أمر أيضاً واضح للعيان فهناك حجم ضخم ومتزايد للطلب على الوحدات العقارية على المدن الرئيسية وأيضاً له أسبابه ومن أهمها الهجرة العكسية للمدن الرئيسية والزيادة الكبيرة في عدد المواليد وهذا الأمر أيضاً مدعم بإحصائيات رسمية لا يختلف فيها شخصان.
أما عن الحديث عن تلك الفجوة فليس هدفه كما يظن البعض للتطبيل أو لرفع أسعار العقارات ولا حتى تبريرها فنحن اليوم يجب أن نعرف العلة لنعرف العلاج بكل بساطة فلو لم نعرف المشكلة بكل شفافية ومصداقية كيف لنا أن نعالجها، كما أن علاجنا لها يجب أن يكون بشكل احترافي مبنيا على وقائع وحقائق وليس فرضيات وآراء شخصية الغرض منها كسب تعاطف الأغلبية من المتضررين، فعند الحديث على سبيل المثال عن شح العرض في دولة ضخمة مثل السعودية يتحدث الكثير عن ملكيتها لمسافات ومساحات شاسعة من الأراضي فكيف لنا أن نتحدث عن شح في العرض وسط تلك المساحات وهذا الرأي خاطئ، فلا يمكن قياس حجم العرض بحجم الدولة ومساحاتها وللتأكيد على ذلك أسألكم كم هو سعر متر الأرض على مسافة 40 كيلومترا خارج المدن الرئيسية ستجد أن السعر منخفض جداً وبالتالي فإن المقارنة في أسعار العقارات تكون ضمن نطاق المدن المخدومة وليست الصحاري والأراضي القفار.
نعم عزيزي القارئ كلنا نأمل أن نجد حلولاً لمشكلاتنا باستمرار ولكن طريقة التعاطي مع المشكلات يجب ألا تحكمها العاطفة والمجاملة.