اقتصاد السعودية يؤهلها للاستفادة من تقنية المعلومات في الشرق الأوسط

اقتصاد السعودية يؤهلها للاستفادة من تقنية المعلومات في الشرق الأوسط

أكد البروفيسور سومطرة دوت المتخصص في قطاع الأعمال والتكنولوجيا في جامعة إنسياد العالمية لإدارة الأعمال وعميد العلاقات الخارجية فيها، أن على السعودية أن تهيئ فرصا لتقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط نظرا لحجم اقتصادها الكبير، وأن تكون القائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات معتبرا قطاع المعلومات من أهم مصادر الدخل الاقتصادي للدولة.
وقال في حوار مع «الاقتصادية» بمناسبة زيارة وفد جامعة إنسياد الأسبوع الماضي، إن السعودية لديها فرصة لتغير من اعتمادها الكلي على قطاعي الغاز والنفط، مشيرا إلى أن جامعة إنسياد تعتزم توسيع مشاركتها في التعاون مع المؤسسات والجهات الموجودة في المملكة في مجال التدريب على الإدارة ونظم المعلومات.
وأكد أن التعليم العالي في العالم العربي بحاجة إلى تطوير كباقي القطاعات، إلا أن التطوير في قطاع التعليم لا يتوقع أن تظهر آثاره بسرعة، بل نحتاج لما لا يقل عن خمس سنوات لنلاحظ فائدة التغيير على تفكير وتفاعل الجيل مع المجتمع.
ورحب بترجمة ونشر كتبه في تكنولوجيا المعلومات إلى اللغة العربية، حيث تحتاج الجامعات العربية لمثل هذه الكتب وما ستضيفه من معلومات لهذا القطاع الحديث في مصادر الدخل.
وكشف أن الجامعة تعمل على برامج مسؤولية اجتماعية في الشرق الأوسط تعتمد على إعداد وتأهيل أفراد المجتمع لتنفيذ مشاريعهم الخاصة وليس فقط تقديم أموال أو منح دراسية للطلبة المحتاجين فإلى نص الحوار:

حدثنا عن جامعة إنسياد؟
نحن جامعة فرنسية متخصصة في إدارة الأعمال أنشئت قبل 50 عاما من قبل الغرفة التجارية الفرنسية بمساعدة جامعة هارفارد الأمريكية لإدخال وسائل الإدارة الحديثة إلى أوروبا، لمنح درجة الماجستير في إدارة الأعمال ونتخصص في تصميم برامج إدارية تلبي احتياجات الشركات والبنوك وقطاعات أخرى حكومية إضافة إلى التدريب. ونعتبر كلية دولية نصف طلابنا من أوروبا والنصف الآخر من بقية أقطار العالم، وتصنف جامعتنا في الوقت الحالي في المرتبة الأولى خارج أمريكا في مجال إدارة الأعمال والثانية على المستوى العالمي بعد جامعة هارفارد. ولكننا نتميز على هارفارد بأن نسبة الطلاب في كلية مثل هارفارد 70 في المائة منهم أمريكيون بينما في كلية إنسياد نسبة الطلاب الذين يمثلون بلدا واحدا لا تزيد على 10 في المائة، لذا لا توجد في الكلية ثقافة واحدة مسيطرة. لأنه إذا كان 60 في المائة من الطلاب في صف واحد ومن بلد واحد فإنهم في النهاية سيفرضون وجهة نظرهم وثقافتهم وطريقتهم في التفكير، سواء كانت أمريكية أو فرنسية أو غيرها. وذكر أن أعضاء هيئة التدريس هم من مختلف الجنسيات وليست حكرا فقط على الفرنسيين.

عملت في قطاع تكنولوجيا ونظم المعلومات منذ 20 عاما، فما تقييمكم لهذا القطاع في المملكة؟
في رأيي أن المملكة ككيان اقتصادي تستطيع أن تكون القائدة في هذا المجال وصانعة له في منطقة الشرق الأوسط وليس فقط مستخدمة لمنتجات هذا القطاع، فعلي المملكة أن تخلق تقنية المعلومات ولكن هذا لا يأتي فجأة فالمملكة لا يمكن أن تكون قائدا في تكنولوجيا المعلومات فجأة فلا تستطيع القفز من حرف الألف إلى حرف الياء مباشرة دون المرور ببقية الحروف لذا فإننا بحاجة لمراقبة معيار التكلفة وبناء بنية تحتية في بقية المجالات كالماء والطاقة والكيمياء، ومن ثم الوصول لقطاع المعلومات والاقتصاد الرقمي.

في رأيك كيف تلعب التكنولوجيا ونظم المعلومات في تطوير تقدم الاقتصاد السعودي؟
السلبية الشائعة والمعروفة عن الاقتصاد السعودي هي اعتماده أولا وأخيرا على قطاعي الغاز والنفط، وأعتقد أن النظر لتكنولوجيا المعلومات والتقنية والعمل على إضافتها لمصادر الدخل والاقتصاد، خاصة أن هذا القطاع مستمر ويتحدث باستمرار ولا يتعرض للنفاد والانتهاء.

كيف يمكن تطوير هذا النوع من الاقتصاد في رأيك؟
الثقة برأس المال البشري وإعداده وتدريبه أول مرحلة في تنمية هذا القطاع، إضافة إلى السعي والابتكار والعمل الجاد، ففي دولة اليابان مثلا ربما تكون مواردها قليلة ولكنها استطاعت بالعمل الجاد وبالثقة بكوادرها البشرية أن تحتل المراتب الأولى في هذا القطاع الحيوي.

أنت تشارك في هيئة الاتصالات والمعلومات في قطر فهل تخطط لأن تشارك بأبحاثك لهيئة الاتصالات في المملكة؟
إلى الآن أنا لا أشارك بخطط وأبحاث مع هيئة الاتصالات هنا ولم أتلق عروضا في هذا, في قطر أعددت العديد من الأبحاث والدراسات في هذا المجال مما جعلني عضوا معهم في الهيئة وفي رأيي أن هذه الهيئة في أي دولة هي العامل الرئيسي في تحقيق أهدافنا وخططنا في مجال تقنية المعلومات والوصول به كمورد معهم في مصادر الدخل وزيادته إلى عوائد الاقتصاد.

ما رأيك في التعليم العالي في العالم العربي؟
كغيره من القطاعات بحاجة إلى تطوير وتنمية، أعتقد أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن نموذج يحتذى به في التعليم، ولكن علينا أن نلاحظ أنه مهما غيرنا وطورنا في قطاع التعليم فإن آثاره على الجيل والاقتصاد لا تظهر إلا بعد مدة طويلة ونحتاج إلى ما يقل عن خمس سنوات للبدء في تغيير الجيل، لذا فعلينا ألا يصيبنا الملل ونعمد لتبديل الخطط التعليمية بعد وقت قصير إذا لم تحقق النتائج المرجوة منها.

هل شاركت في تدريس طلاب عرب؟ وما رأيك بالطالب العربي بصفة عامة؟
بالتأكيد شاركت في تدريس عرب ولكني لم أتعامل إلا مع صفوة النتاج التعليمي، لذا فمن الصعب أن أحكم على من أشرفت على تدريسهم بصفتهم طلابا عربا، أعتقد أنني لو تعاملت مع نتاج التعليم الحكومي وعامة الطلاب سيكون حكمي مختلفا ومغايرا.
هذا يعني أنك تشجع الجامعات على قبول وضم طلاب التعليم العام وليس الصفوة فقط؟
بالتأكيد يجب على الجامعات أن تستقطب الفئات العادية، فالتكنولوجيا والتقنية يجب ألا تكون حكرا على طبقة معينة بل يجب أن تصبح مهارة لجميع الطبقات، وأن مهمة الجامعات تنحصر في تدريب وتأهيل الأفراد أيا كان مستواهم التعليمي والاجتماعي وربما تساعد الدورات القصيرة التدريبية التي تعقدها الكليات والجامعات والتعاون مع شركات مختلفة في قطاعات متعددة على النجاح بهذا الهدف، وهذا ما نحاول في كلية إنسياد تنفيذه من خلال توسيع عدد الشركات السعودية العربية التي نتعامل معها وتنظيم الدورات التدريبية لها.

كيف يمكن لمؤسسات التعليم أن تلعب دورا في المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع؟
سأعطيك مثالا، نحن في «إنسياد» نقوم بدورنا بالمسؤولية الاجتماعية ليس فقط في فرنسا بل في مناطق متعددة في الشرق الأوسط ربما يكون من أهم ما ننفذ هو عقد ورش ودورات تدريبية تؤهل الشباب للبدء بعملهم الخاص والتجاري وإدارته وليس فقط إعطائهم مال أو نقود مثلا، في رأيي أن دور مؤسسات التعليم العالي عليه أن يركز على الإعداد والتدريب والتأهيل للشباب وأفراد المجتمع.

لماذا اخترتم أبو ظبي مقرا لمكتبكم في الشرق الأوسط، وهل تفكرون في افتتاح مكتب في المملكة؟
جاء افتتاح مكتبنا في أبو ظبي نظرا لحاجة الجامعة لدولة تتمتع بسهولة الحركة والسفر إليها وكونها مركزا لعديد من الشركات والمؤسسات العربية، لا أعتقد أننا نفكر حاليا في افتتاح مكتب هنا. لأن فرعنا في أبو ظبي يخدم المنطقة هنا بشكل جيد ويوجد تعاون مستمر بيننا وبين الجامعات والمؤسسات هنا وإعداد العديد من الدراسات التي تخدم قطاع التكنولوجيا وإدارة الأعمال.

ألفت كتبا عديدة، فهل ترجمت إلى العربية، وهل تأمل في هذا العمل؟
إلى الآن لم تترجم كتبي إلى اللغة العربية ولكني أتمنى أن يبادر أحد بهذا العمل، فالمكتبة العربية بحاجة لمثل تلك الكتب في مجال يعتبر مهما وحيويا كتقنية المعلومات، وهو الرافد المستقبلي لاقتصاد الدول.

ما نصيحتك للشباب العربي؟
أن يكون واثقا بنفسه وقدراته، هذا أهم عنصر للنجاح لبناء المجتمع والدولة بشكل سليم.

الأكثر قراءة