لماذا يحتل صوت الصين أهمية كبرى في أجندة الطاقة الخضراء العالمية؟

لماذا يحتل صوت الصين أهمية كبرى في أجندة الطاقة الخضراء العالمية؟

هل كانت هنالك مبالغة في الآمال التي عقدت على مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي اختتم خلال الفترة الأخيرة في كوبنهاجن؟ يعتقد اثنان من خبراء الطاقة شاركا في أسبوع الطاقة الدولي الذي تم تنظيمه خلال الفترة الأخيرة في سنغافورة أن الجواب على هذا السؤال هو نعم.
وتوقع دانيال ييرجن، رئيس أبحاث الطاقة في أبحاث كامبرج للطاقة، والحائز على جائزة بولتزر عن كتابه «الجائزة: السعي الملحمي وراء النفط، والمال، والسلطة»، أن محادثات المناخ لن تكون عملية ملزمة رئيسية، لكنها بدلاً من ذلك سوف تكون «عملية تسير على الطريق».
تشابهت كذلك توقعات بيل هوجان، الأستاذ في كلية كينيدي في جامعة هارفرد، مع هذه التوقعات، حيث قال إنه كان يتوقع من قمة كوبنهاجن «إعلاناً للنجاح وأشياء قليلة دون ذلك». وأبلغ مجلة إنسياد نولدج أنه «ربما يشهد مؤتمر المكسيك المقبل لشركاء الطاقة، شكلاً من اتفاقية أقوى». وكان يتحدث على هامش المائدة المستديرة للطاقة الكهربائية في سنغافورة.
وتمكنت خمسة بلدان في قمة كوبنهاجن من بينها الولايات المتحدة، والصين، من الاتفاق على تقليص الانبعاثات الغازية، إلا أن المؤتمر ككل فشل في التوصل إلى اتفاقية شاملة وملزمة. فهل يعني ذلك أن كل هذه المحادثات العالمية حول التغير المناخي كانت عبثاً؟.
ويرى ييرجن أن لهذه القضية قوتها الدافعة الخاصة بها. «لم يسبق لنا أن شهدنا مثل هذا التركيز على قضايا الطاقة من قبل. ونحن نعلم أن هنالك جهوداً لم يسبق لها مثيل فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة. ولا أعتقد أن من المناسب إطلاق وصف طاقة الريح كطاقة بديلة، إذ يزداد استعمالها على نطاق واسع في توليد الكهرباء. وأما الطاقة الشمسية، فلها منطقها الخاص بها، وإن كانت ما زالت متخلفة نسبياً، كما أن تكاليفها في حاجة إلى تحسين. وإن الموضوع الساخن في أيامنا هذه هو كيف برزت البطاريات، والسيارات الكهربائية إلى الواجهة».
ويعتقد ييرجن بالفعل أننا انتقلنا من عصر النفط إلى قرن ابتكارات الطاقة، كما يقول إن الاندفاع المكثف نحو الابتكار تحركه قوتان كبيرتان، هما السعي إلى طاقة نظيفة، والحاجة إلى تزويد النمو الاقتصادي بما يتطلبه من الطاقة.
ويوضح كذلك أنه ربما يكون أهم ابتكار على صعيد الطاقة في هذا العقد الزمني هو تطوير استخراج الغاز الطبيعي من رمال القار. وعلى الرغم من أنه كان من المعروف أن هذا يمثل مصدر طاقة مهم محتمل منذ عدة سنوات، إلا أنه يقول إن التكنولوجيا الخاصة به ظهرت في الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة فقط.
غير أن هوجان يرى أن الابتكار يمكن أن يحدث حالة من الفوضى في الترتيبات القائمة على صعيد الطاقة، وهو يرى كذلك أن اكتشاف تكنولوجيا ملائمة لاستخراج الغاز من رمال القار غيّر مزيج الطاقة في الولايات المتحدة. وقد أدى إنتاج الغاز بكميات كبيرة بهذه الطريقة إلى تغيير كبير في توقعات استيراد الولايات المتحدة لمصادر الطاقة، حيث كان من المتوقع على نطاق واسع أن تستورد الولايات المتحدة كميات هائلة من الغاز الطبيعي سنوياً. غير أن التكنولوجيا الحديثة غيّرت من مثل هذه الاحتمالات.
مع ذلك، فإنه يعتقد أن منافع التكنولوجيا المبتكرة تتفوق على كثير من عوامل عدم اليقين إزاءها، ويؤكد أن الابتكار سوف يكون المحرك الرئيسي فيما يتعلق بتشجيع أجندة الطاقة الخضراء، هذه الطاقة التي تركز في بعض جوانبها على توليد الكهرباء، وتحظى بحصة معتبرة من أبحاث مصادر الطاقة في جامعة هارفرد.
وبما أن توليد الطاقة الكهربائية يعد أحد الأسباب الرئيسية للانبعاثات الغازية السامة، فإن هوجان يعتقد أن إعادة هيكلة أسواق الطاقة الكهربائية، وتطبيق نظام «الشبكة الذكية»، سوف تكون له أهمية خاصة في الحد من الانبعاثات الغازية. وهو يؤكد أهمية وجود أسواق واضحة للطاقة الكهربائية، وإشارات يمكن استخدامها للتنبؤ باتجاهات الأسعار، بحيث تنعكس على واقع الأمور. كما يرى أهمية خاصة للتنظيمات المتعلقة بكل هذه القضايا.
وهنالك كثير من الحديث عن إقامة «الشبكات الكهربائية الذكية» التي تعني كثيرا بالنسبة إلى كثير من الناس، مثل تلك الأمور الخاصة بالمعلومات، ووجود عدادات ذكية لقياس كمية الكهرباء المستهلكة، الأمر الذي يمكننا من استمرار متابعة اتجاهات الاستهلاك. وتتضمن كذلك أدوات ذكية بإمكانها استخدام تلك المعلومات. لكن إذا كانت لديك شبكات ذكية، في ظل أسعار لا يمكن التنبؤ بها، فإنك لن تمنح الناس حافز الاستفادة من الفرص المتوافرة في ذلك الأمر. ولذلك أعتقد أن من الأمور الحيوية للغاية تحسين نماذج الأسعار التي نستخدمها.
ويقول هوجان إن الطريقة الأخرى المفيدة للغاية فيما يتعلق بتقليص الانبعاثات الغازية هي في التعامل مع الكربون نفسه، حيث إن السؤال الأهم بهذا الخصوص هو: هل نستطيع بالفعل أن نحجز الكربون، ونقدم بتخزينه، وننجح في حل كل المشكلات المتعلقة بهذا الأمر في عالم اعتدنا فيه استهلاك كميات كبيرة من الفحم؟ يعتقد هوغان أن هذا يعد بين عوامل تغيير اللعبة التي نحن في حاجة إليها. ولا بد كذلك من أن نتأكد من فرص النجاح، ومن مدى القدرة على المنافسة، حيث إن كل هذه الأمور تظل في عداد القضايا المفتوحة.
إن هذا العالم يفضل فكرة تحديد أسعار للكربون لتحفيز الناس على تحسين كفاءة استهلاك الطاقة. ويؤكد أن وجود تسعيرة كربونية، ليس على نطاق أوروبا فقط، وإنما كذلك في الولايات المتحدة، والصين، وسنغافورة، وأماكن أخرى، سوف يكون بمثابة حافز قوي للابتكار، وظهور تقنيات طاقة أنظف سوف تعمل على تحويل مهم في طريقة عمل النشاط العملي. وهنالك أهمية خاصة بهذا الصدد للتطورات التي يمكن أن يشهدها قطاع توليد الكهرباء.
قد تكون أسواق الطاقة في وضع أفضل مما يعتقده الكثيرون. ويشرح ييرغن ذلك بقوله «حين تنظر إلى كفاءة استهلاك الطاقة، وتتطلع نحو الأمر بمكوناته المتعددة، فإنك لن تجد أن الأمور دراماتيكية بقدر ما يتصورها الكثيرون. وإذا كان الأثر الإيجابي لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة سوف يكون دراماتيكياً، فقد آن الأوان لكي تقوم الشركات بإعادة تنظيم نفسها، وتدرس أنواع الاستثمارات اللازمة لها. وهذه أمور رئيسية تتطلب بالفعل مزيدا من الاستثمار.
ولم نشهد بعد مصفاة تعمل بمبادئ كفاءة استهلاك الطاقة، لكن ذلك يعد من العمليات التي يحددها التسعير، والسياسات، والتفويضات الناجمة عن التنظيمات، وشؤون الأمن والسلامة، وسرعة الابتكار التقني، كما أن قيمنا تشكل جانباً مهماً من كل ذلك، إضافة إلى العوامل المتعلقة بالمناخ.
وعلى الرغم من أن اتفاق الساعة الأخيرة في كوبنهاجن لم يرق إلى مستوى الاتفاق العام الملزم كما كان كثيرون يأملون، فإن قضية التغير المناخي هي الآن في صلب اهتمام العالم، كما أنها تتقدم إلى الأمام، وهو أمر يعني استمرار التقدم، وإن كان قد تأخر.
لماذا يحتل صوت الصين أهمية كبرى في أجندة الطاقة الخضراء العالمية؟
في ظل النمو الاقتصادي الصيني الحالي بمعدل يقترب من 9 في المائة سنوياً، بينما ينمو الإنتاج الصناعي فيها بنسبة 16 في المائة سنوياً، فإن الصين سوف تظل متعطشة لمصادر الطاقة، بما في ذلك النفط. وعلى ذلك، فإن ما سوف تسفر عنه أزمة الطاقة سوف يعتمد بشدة على الإجراءات التي تتخذها الصين، أو على عدم اتخاذها لأي إجراء.
إن الصين سوف تلعب دوراً أكثر أهمية في الطلب على الطاقة. ومن أمثلة ذلك الزيادة الكبرى في أعداد السيارات على الشوارع الصينية حيث بلغت الزيادة أربعة ملايين سيارة بين عامي 2008 و2009. ونظراً للزيادة الكبيرة في مستوى دخل الأسر الصينية، فإنك تتوقع أن الكثيرين سوف يعملون على اقتناء السيارات في الصين.

الأكثر قراءة