احموا حقوق حملة الصكوك المتعثرة كما تفعلون مع حملة السندات الربوية
عندما تكون الجهة المصدرة للصكوك عاجزة عن تسديد الدفعات المترتبة عليها، فما التعويضات المتاحة أمام حاملي الصكوك أو المستثمرين؟
هل ينبغي معاملة المستثمرين بطريقة تشبه معاملة حاملي السندات التقليدية، أم أنه ربما ينبغي معاملتهم على نحو مختلف إلى حد ما؟
إذا أردنا أن نعتبر الصكوك على أنها البديل الإسلامي للسندات التقليدية كما ذكر أعلاه، فإن حاملي الصكوك ينبغي أن تكون لهم حقوق وتعويضات مماثلة لما يتمتع به حاملو السندات التقليدية حين تصاب الجهة المصدرة للسندات بالتعثر، رغم أن الحقوق والتعويضات التي من هذا القبيل بطبيعة الحال بحاجة إلى أن تتم هيكلتها على نحو يتفق مع الأحكام الشرعية.
على سبيل المثال، إذا كان هيكل الصكوك والمستندات القانونية المصاحبة لها لا تقدم أي ضمان قانوني بخصوص الموجودات التي تقوم عليها الصكوك (مثل القروض السكنية في الصكوك القائمة على موجودات عقارية) فإنه يكون للمستثمرين في هذه الحالة مطالبة غير مؤَمَّنة على الجهة المصدرة للصكوك بصورة عامة، على نحو يماثل وضع الدائنين الآخرين غير المؤَمَّنين تجاه تلك الجهة.
في المقابل، إذا تم خلق ضمانة قانونية على الموجودات التي تقوم عليها الصكوك (حسبما هو مذكور في هيكل الصكوك المذكورة والمستندات القانونية المصاحبة لها)، فإن حاملي الصكوك في هذه الحالة يتمتعون بمطالبة مؤمنة وحقوق خاصة بالموجودات التي تقوم عليها الصكوك، وتكون لهم الأولوية على المطالبات التي يتقدم بها الدائنون الآخرون غير المؤَمَّنين تجاه الجهة المصدرة.
الحقوق والتعويضات التي من هذا القبيل بحاجة إلى أن تكون ملتزمة بقانون واجب التطبيق فيما يخص تعاملات الصكوك.
في هذا المقام لعله من المفيد أن نذكر أن المنهج المتخذ بخصوص الحقوق والتعويضات التي يتمتع بها حاملو الصكوك في الحالات التي تصاب فيها الشركات بالتعثر (كما ذكرنا أعلاه)، هذا المنهج سيُنظَر فيه في جميع الحالات من أجل دراسته واعتماده من قبل المستشارين الشرعيين المعينين، والذين يقع عليهم واجب دراسة المنهج المذكور والنظر فيه على نحو يتفق مع المبادئ والأحكام الشرعية.
هناك من يرى أن حاملي الصكوك ينبغي أن يكون لهم نوع من المطالبة والحق بملكية الموجودات التي تقوم عليها الصكوك، بصرف النظر عما إذا تم خلق أية ضمانة قانونية بخصوص تلك الموجودات. يمكن أن نرى الأصل الذي تستند عليه وجهة النظر هذه في الفكرة القائلة إن المقصود بالصكوك هو أن تكون مختلفة عن السندات التقليدية.
لكن لاحظ أن وجهة النظر هذه لا تأخذ في الحسبان السبيل التي تتم بها في العادة هيكلة الصكوك وإعداد مستنداتها وتسويقها والتداول بها من الناحية العملية من قبل المتعاملين في صناعة المصرفية الإسلامية، ولا تضع في الحسبان وجهة النظر التي تأخذ بها الأجهزة التنظيمية التي تشرف على نشاطات المؤسسات المالية فيما يتعلق بالصكوك، وكذلك موافقة المستشارين الشرعيين بخصوص المنهج المتبع بصورة تقليدية في الحالات التي يكون فيها إعسار في الصكوك.
هل ينبغي أن يحصل المستثمرون على المزيد من الحماية في حالة تعثر الصكوك؟ إذا أردنا أن ننظر إلى الصكوك على أنها المكافئ الوظيفي للسندات التقليدية، فإن من الممكن في هذه الحالة الحصول على حماية إضافية، شريطة أن تكون الإجراءات التي من هذا القبيل متمشية مع التعويضات المتاحة حالياً لحاملي السندات التقليدية.
من جانب آخر، إذا أردنا اعتبار الصكوك بصورة خالصة على أنها استثمار في حقوق الملكية أو المشاركة في نشاطات تجارية وعملية على نحو يتفق مع الأحكام الشرعية، فإن من الممكن في هذه الحالة أن تبدو الضمانات الزائدة المقدمة للمستثمرين على أنها تناقض فكرة اقتسام المخاطر الكامنة في المشاريع التجارية، وهي فكرة أساسية في الهياكل الشرعية التي من قبيل المشاركة أو المضاربة أو الإجارة.
وجهة نظري الخاصة هي أنه استناداً إلى المنظور الشرعي، فإن الصكوك تعتبر أساساً شكلاً من أشكال الاستثمار في حقوق الملكية. لكن بالنظر إلى الإطار القانوني والتنظيمي في معظم مناطق الاختصاص القضائي فإن هيكلة الصكوك تتم أساساً بالطريقة نفسها التي تتم بها هيكلة السندات التقليدية.
ما التحديات الناتجة عن الأخذ بوجهة النظر الأولى والثانية؟
بالنسبة لوجهة النظر الأولى، فإن التحدي في هذه الحالة هو في النظر في الخيارات الممكنة لإصلاح المنهج المتبع في حالات إعسار الصكوك، في ضوء المناهج المتبعة حالياً فيما يتعلق بحالات الإعسار في السندات التقليدية. إضافة إلى ذلك لا بد أن تكون إجراءات الإصلاحات التي من هذا القبيل متمشية مع المبادئ والأحكام الشرعية.
بالنسبة لوجهة النظر الثانية، فإن التحدي في هذه الحالة هو أن نجعل المشاركين في السوق وكذلك الأجهزة التنظيمية أن تنظر إلى الصكوك بالمعنى الواسع على أنها استثمارات في حقوق الملكية أو في المشاريع التجارية، وليس اعتبارها مجرد بديل عن السندات التقليدية. سيكون من شأن ذلك أنه ينبغي أن يُنظَر إلى الصكوك من قبل جميع الأطراف على أنها فئة أخرى من فئات الموجودات، تختلف عن السندات التقليدية أو الأدوات الحالية في تعاملات حقوق الملكية (مثل الأسهم).