شركات التأمين التكافلي السعودية تتجه للاستثمار في السندات الإسلامية بعد خسائرها في العقارات والأسهم
توقع خبراء وتنفيذيون في المصرفية الإسلامية أن «تتحالف» صناعة التأمين التكافلي السعودية، التي تشهد نموا قويا وسريعا، مع الصكوك في السوق المحلية، مرجحين أيضا أن تبدأ شركات التكافل هذه في منافسة صناديق التحوط الغربية، والبنوك الخليجية في عملية الاستحواذ على النصيب الأكبر من نسبة إصدارات الصكوك السعودية، التي عادة ما تحظى بتصنيف ائتماني عال.
وأرجع الخبراء سبب هذا «التوجه الاستثماري» الحديث إلى عاملين: الأول أن شركات التأمين التقليدية والإسلامية تعد من الجهات الاستثمارية المهمة في أسواق الدخل الثابت التي تعد السندات، والصكوك، والعقار أحد أركانها، حيث جرت العادة أن تستثمر شركات تكافل الرسوم التي تحصل عليها في الأسهم والقطاع العقاري، إلا أن النظرة تغيرت في هذا القطاع بعد الانحدارات الحادة في هذه الأصول العقارية.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
في الوقت الذي تلعب فيه صناعة الصكوك لعبة الانتظار والترقب لما يجري لحالها في الأسواق الرأسمالية الإسلامية، فإن شركات التكافل، على الجانب الآخر، تبدو أكثر تفاؤلاً وانفتاحاً.
توقع خبراء وتنفيذيون في المصرفية الإسلامية أن «تتحالف» صناعة التأمين التكافلي السعودية، والتي تشهد نموا قويا وسريعا، مع الصكوك في السوق المحلية، مرجحين أيضا أن تبدأ شركات التكافل هذه في منافسة صناديق التحوط الغربية، والبنوك الخليجية على عملية الاستحواذ على النصيب الأكبر من نسبة إصدارات الصكوك السعودية، التي عادة ما تحظى بتصنيف ائتماني عال.
وأرجع الخبراء سبب هذا «التوجه الاستثماري» الحديث إلى عاملين: الأول أن شركات التأمين التقليدية والإسلامية تعد من الجهات الاستثمارية المهمة في أسواق الدخل الثابت التي تعد السندات، والصكوك، والعقار أحد أركانها، حيث جرت العادة أن تستثمر شركات تكافل الرسوم التي تحصل عليها في الأسهم والقطاع العقاري، إلا أن النظرة تغيرت في هذا القطاع بعد الانحدارات الحادة في هذه الأصول العقارية.
أما السبب الثاني فيرجع إلى التعليمات الصادرة من الجهات التنظيمية، التي تفرض على شركات التأمين إبقاء 70 في المائة من موجداتها القابلة للاستثمار مقومة بالريال السعودي، في محاولة للجم مغادرة سيولة «أدوات الدخل الثابت» خارج السعودية. بمعنى أن أسواق الدخل الثابت الخليجية لن تستفيد من هذا النمو القوي لشركات التأمين السعودية، وذلك على أثر تجاهل السيولة الاستثمارية السعودية إصدارات الصكوك والسندات المقومة بالدولار أو بإحدى العملات الخليجية.
يقول أنطوان عيسى، كبير التنفيذيين في شركة أليانتز السعودي الفرنسي: «من المؤكد أن النمو في القطاع سيساعد صناعة السندات المحلية».
وفي السياق ذاته، قال جون ساندويك، مستشار إدارة الأصول والثروات الإسلامية في شركة John A Sandwick ، إن التنظيمات المتشددة منعت شركات التكافل السعودية من الاستثمار في الموجودات ذات الخطورة العالية. وتابع في مقابلته مع رويترز:» الأزمة الحالية في قطاع العقارات الخليجي ستَظهر آثارها في نتائج شركات التكافل لعام 2009 وعام 2010».
وأضاف أنه في حين أن قطاع التكافل السعودي سيخرج من الأزمة نسبياً دون أضرار، إلا أن شركات التكافل في البحرين أو الإمارات يمكن أن تعاني خسائر في محافظها.
أسباب تنظيمية للمشكلة
وقال الخبراء إن شركات التكافل في المنطقة استثمرت معظم موجوداتها في العقارات والأسهم، وليس في الصكوك، وتعود بعض الأسباب في ذلك إلى عدم وجود موجودات إسلامية من الدرجة الاستثمارية الممتازة.
يعلق على ذلك ساندويك بقوله: «جزء من هذه المشكلة يعود إلى أسباب تنظيمية، حيث إن شركات التكافل في مناطق الاختصاص غير المتشددة سُمِح لها بالاستثمار في قطاعات بعيدة تماماً عما يمكن أن نعده استثماراً حصيفاً في التأمين التقليدي».
لكن عيسى قال إن العوائد على السندات هي في الوقت الحالي دون المستوى اللازم، كما أن هناك عدداً أقل من المطلوب من الإصدارات المطروحة في السوق، حيث إن المنافسة الشديدة بين البنوك القوية بالأموال النقدية تعني أن القروض تبقى هي الخيار المفضل للتمويل بالنسبة للشركات السعودية.
قال أشرف بسيسو، كبير الإداريين في الوكالة في شركة سوليدارِتي، الذراع المتخصصة في التكافل والتابعة للبنك البحريني إثمار: «السعودية هي أكبر سوق للتأمين وأقلها تطوراً من بين أسواق المنطقة».
وتابع بسيسو: «لا أستطيع أن أضع جميع أموالي في اثنين أو ثلاثة من الصكوك.» يذكر أن شركة سوليدارتي مُنِحت ترخيصاً مبدئياً للعمل في السعودية في عام 2008، وتعتزم جمع نحو 200 مليون ريال سعودي حين تطرح أسهم شركتها التابعة في السعودية في اكتتاب عام أولي على مدى الأشهر القليلة المقبلة.
معدلات متدنية
معدلات التغلغل السوقي للتأمين في المملكة هي في مستويات متدنية، لكن الجهود الحكومية الرامية إلى جعل التأمين الصحي إلزامياً أدت إلى تحقيق نمو سنوي بنسبة تزيد على 20 في المائة، حيث إنها زادت من مقدار الوعي بالمنتجات التأمينية الأخرى كذلك، كما قال التنفيذيون في الصناعة.
بلغ إجمالي أقساط التأمين في المملكة 1.7 مليار دولار في عام 2007، وفقاً لتقرير من شركة إرنست آند يانج نشر في السنة الماضية، يمثل نحو نصف أقساط التكافل في العالم.
ويحذر الخبراء من أن من الصعب التمييز بين شركات التأمين الإسلامية والشركات التقليدية في السعودية، على اعتبار أن شركات التأمين التقليدية تشغل أنموذجاً للتأمين التعاوني يشبه التكافل.
التكافل العالمي.. الزحف بتردد
وكان الكاتب الاقتصادي مايك جالاجر قد تناول في مقال له أبرز القضايا الكبيرة التي تمس عالم شركات التكافل، وهي تدخل عام 2010 بخطى مترددة. وذكر أن من هذه القضايا هي: إطلاق المنتجات، والافتقار إلى التغلغل السوقي في شمال إفريقيا، وعدم وجود مجموعة واحدة من معايير الحوكمة في الشركات.
وكان الزخم من جانب شركات التكافل في العام الماضي أكثر ثباتاً من قطاع السندات الإسلامية، حيث تستمر شركات التكافل في استكشاف أسواق جديدة، في الشرق الأوسط وفي جنوب شرق آسيا.
وبدأ بنك قطر الإسلامي وشركتا جنرالي Generali وبيما Beema الإيطاليتان محادثات مبدئية بهدف إنشاء مشروع مشترك في أعمال التكافل، من خلال الاعتماد على خبرة بنك قطر في قطاع المصرفية الإسلامية، ومعرفة جنرالي ومهاراتها في سوق التأمين وإعادة التأمين، والحضور المحلي والخبرة لشركة بيما.
في الوقت نفسه تقريباً، ذكر تقرير من الشركة الأمريكية إيه إم بيست AM Best أن تكافل إنترناشنال، المدرجة في البورصة البحرينية، قالت إنها وقعت اتفاقية مع شركة هانوفر ريتكافل لزيادة تغطيتها في قسم التأمين العائلي لتصل إلى خمسة ملايين دولار للفرد، سعياً منها لتحسين خدماتها التأمينية وتوسعة محفظتها.
ومنذ فترة والشركات الأخرى تطلق منتجات جديدة في الوقت الذي تسعى فيه لزيادة حصتها من محافظ العملاء. فقد أعلن بنك دبي الإسلامي إطلاق منتج تكافل باسم «رعايتي»، الذي يصفه بأنه يقدم خطة تأمين شاملة تغطي العجز والوفاة الناتجين عن حادث، «حيث يتوافر مقابل قسط سنوي معقول للغاية».
منتجات تكافلية للصم
وفي سريلانكا ذكرت تقارير إعلامية أن «أمانة لتأمين التكافل» بدأت في تقديم التغطية للصم بالاشتراك مع مجموعة لذوي الاحتياجات الخاصة في جنوب الجزيرة. ستقدم التغطية في البداية إلى نحو 1500 شخص من الأعضاء في «رابطة الصم في المنطقة الجنوبية». وقالت التقارير الإعلامية إن أعضاء الرابطة يعملون في صناعات من قبيل الغزل والنسيج، والنجارة، والأعمال الكهربائية.
في الوقت الذي نجد فيه أن شركات التكافل مشغولة بالبحث عن أسواق جديدة في الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، ليس هناك عدد كبير من الشركات التي تعطي اهتماماً كبيراً لمنطقة شمال إفريقيا، رغم العدد الكبير للسكان، ومعظمهم من المسلمين.
يقول جالاجر من مجلة إسلامِك بزنِس آند فاينانس: «يظل مستقبل التأمين الإسلامي أمراً لا يمكن توقعه. من الناحية النظرية، يفترض أن تكون منطقة شمال إفريقيا أرضاً خصبة لشركات التكافل، إذ يبلغ مجموع السكان في الجزائر وليبيا والمغرب وتونس نحو 80 مليون شخص، كما أن الإسلام هو الديانة المهيمنة في المنطقة. وإن التغلغل السوقي ومستويات الكثافة في تصاعد سريع. من الناحية العملية، يبدو أن الشركات المتخصصة فقط في التأمين الإسلامي غائبة عن المغرب وتونس. وفي ليبيا والجزائر تأسست في الفترة الأخيرة بعض الفروع لشركات كبيرة في الشرق الأوسط».
من جانب آخر، فإن مصر، رغم أن الحديث عنها في تقرير التكافل العالمي لعام 2009 من شركة أرنست آند يانج يدرج مصر مع شبه القارة الهندية وإندونيسيا، وتركيا، ويعدها من أقل الأسواق الإسلامية من حيث تغلغل شركات التكافل، إلا أنه لا يزال يُنظَر إليها على أنها أفضل الدول من حيث الآفاق المستقبلية للتكافل، حتى بعض شركات التكافل في جنوب شرق آسيا بدأت تفكر في العدد الهائل للسكان في مصر (83 مليون شخص)، وتعتقد أن لديها فرصة بالدخول إلى هذه السوق، في حين أن عدداً من شركات التكافل الخليجية موجودة منذ الآن هناك أو في سبيلها إلى افتتاح أعمال لها في مصر.
التنازل عن المخاطر
وتشير الأرقام في الصناعة إلى أن إجمالي أقساط التأمين الإسلامي (أو التكافل) في الوقت الحاضر تراوح بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من سبعة مليارات دولار بحلول عام 2015.
وتعد الصناعة صغيرة نسبياً، كما أن كثيراً من شركات التكافل في الوقت الحاضر تتنازل عن جزء من مخاطرها إلى شركات إعادة التأمين التقليدي، لأن هناك نقصاً في عدد الشركات القادرة على إعادة التأمين الإسلامي.
وتقدر قيمة سوق إعادة التأمين الإسلامي بنحو مليار دولار، كما تشير تقديرات المحللين في الصناعة.
وتقوم فكرة التأمين الإسلامي على أساس المساعدة المشتركة، حيث يسهم المشتركون في مجموعة مشتركة من الأموال، تُستخدَم لتعويض المشاركين الذين يتعرضون لأحد الأضرار أو الخسائر. في حين أنه في التأمين التقليدي، فإن شركة التأمين تتحمل جميع المخاطر مقابل أقساط التأمين التي تتلقاها.