الأكل المكسيكي.. تناغم بين الحضارات والعادات

الأكل المكسيكي.. تناغم بين الحضارات والعادات

لكل دولة ثقافة غذائية تعد زاوية تاريخية لها ,وحلقة وصل بينها وبين العالم كدليل على هويتها. ويعد المطبخ المكسيكي أحد أبرز الثقافات, فلدية تدفقات أثرت المطاعم بشكل عالمي، لإيمانهم بقاعدة «الطعم والرائحة تبث الروح في الإنسان»، فلقد بدأ الطهاة المكسيكيون العمل في المطابخ الأمريكية, وبعد اختلاطهم بثقافة الغذاء العربية وُلِدَ مطبخاً مكسيكياً مميزاً وذلك قبل خمسة قرون, فالمكسيك بلد حافل بالحيوية والمرح والاحتفالات الملونة البهيجة,وهو وجهة محببة للسياح لما يتمتع به من معالم سياحية رائعة. ويلفّ هذا البلد جو من الغموض والإثارة، خاصة فيما يتعلق بحضارتي المايا والأزتيك اللتين حكمتا المكسيك حتى الاحتلال الإسباني في عام 1500 ميلادي. وبفضل التناغم الكبير بين الحضارات والعادات والتقاليد المختلفة، كان المطبخ المكسيكي غنياً وحافلاً وفريداً إلى أبعد الحدود، وتبعه مطبخ «تكس- مكس» الأقل غرابة الذي جاء به المكسيكيون إلى الولايات المتحدة , والذي هو عبارة عن تعديل أمريكي النكهة على حضارة الغذاء المكسيكية والتي أعطته صفة العالمية ومنها بدأت المطاعم المكسيكية بالانتشار. وتأتي تسمية تكس نسبة إلى مقاطعة تكساس والتي تم ابتكار الأكلات المكسيكية فيها، حبهم للحياة وبروزهم للعالم تشهد عليها حضارتهم الممتدة لمطاعمهم عبر العالم .
الأطباق المكسيكية ذات النكهات المتنوعة والغنية تعدر جزءاً من الإرث ما قبل الإسباني، ويعد من أهم الأطباق والأكثر شعبية «مول بوبلانو» ترافقه «تورتيلا» المشوية, والتاكو وشيلي أون ويوكاتان.
ويمتاز المطبخ المكسيكي بمكونات لم نعتد على مذاقها الحار وتختلف عن ما اعتاده المستهلك, إلا أنه ما لبث أن استطاع بمدة بسيطة إثبات قدرته في مد ثقافته الغذائية في أسواق الشرق الأوسط , فالمأكولات المكسيكية تشتهر بطعمها المميز وألوانها وتنوعها, وتعد مقاربة كثيرا للأكل العربي، إلى جانب تميزها بالمكونات الصحية، إذ لا تحتوي على كثير من الدهون ,بل تعتمد على زيت الذرة أو زيت الزيتون، كما تتميز كذلك باستخدام كثير من البهارات وأنواع كثيرة من الفلفل الأحمر والأخضر الحار الطازج والمجفف والحلو الذي يدخل في إعداد أطباق كثيرة، ومن أهم مميزات المطبخ المكسيكي اعتماده على الفلفل الأحمر الحار»التشيليز» حيث تعد المكسيك بلد هذا النبات ,فلا يخلو طبق من أطباقها منه، وكذا «الأفوكادو» الذي يعشقه المكسيكيون ، فهم يعشقون الألوان المختلفة للأطعمة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالاحتفالات والمهرجانات التي تنظم سنوياً، حيث يشتهرون بالنكهات المتنوعة ومجموعة البهارات التي تميزهم والتي ترجع في غالبها إلى حضارة المايا والأزتيك قبل زوالها من المكسيك، فالغذاء المكسيكي يختلف باختلاف المنطقة, وذلك بسبب التأثير المناخي والاختلافات العرقية بين السكان الأصليين ، فشمال المكسيك يشتهر باللحوم بمختلف أشكالها ، أما جنوبها فيشتهر بالتوابل والخضراوات.
فالمكسيك يتميز بعادات غذائية لا يمكن الاستغناء عنها, كالفاصوليا والتي تدخل في عدد كبير من وصفاتهم, وكذا الطماطم والمشروم ,فالمطبخ المكسيكي يعتمد على أكثر من 80 نوعا من المشروم، أهمها «كويتلاكوش» والتي يعدون بها أغلب أطباق السلطات وكذا أطباق «تاكو»، إضافة إلى «التشيليز» الفلفل بمختلف ألوانه, حيث تعد المكسيك الوطن الأصلي له، والأفوكادو ذو الأصل المكسيكي والذي حقق نجاحا كبيرا في العالم.
يوضح محمود الباشا مدير سلسلة مطاعم مكسيكية في الرياض، أن الثقافة المكسيكية منتشرة منذ نشأة المطاعم فأغلبها تتمثل في الوجبات السريعة، إلا أنها منذ ست سنوات ظهرت بطرازها وثقافتها الممتدة منذ قرون بشكل واضح وبقالب مكسيكي في منطقة سعودية ، ويعد محمود أن الذي أسهم في انتشار المطاعم المكسيكية وإثبات قدرتها في الرياض يرجع للمستهلك، حيث يعتبر مطلعا على مختلف الحضارات مسبقاً ، لذا تجده يبحث عن التنوع في الثقافات الغذائية ومحاولة محاكاة الدول عن طريق غذائية ، وعن ارتفاع أسعار الأطباق المكسيكية مقارنة بغيرها من المطاعم الأخرى يبين أن الأطباق في الغالب ليست مرتفعة ، فالأطباق الإيطالية أو المكسيكية أو الصينية متقاربة إلى حد كبير ، الفرق يكمن في مستوى المطعم والخدمات المقدمة فيه وكذا المنطقة ، فكل هذه الأمور لها الدور البارز في التحكم في ارتفاع الأسعار من عدمه ، وعن نجاح مثل هذه المطاعم اقتصادياً في الرياض ذكر أنها ناجحة بجميع المقاييس، فالمستهلك يملك الذوق، ومن باب الرفاهية تجده باستمرار يبحث عن التجديد في الثقافات الغذائية.

الأكثر قراءة