«جاءتك بنت» الله يعينك
نشأت المرأة في بيئة اجتماعية كان البعض فيها ''وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ''. هذا المفهوم عن الأنثى لم يتغير كثيرا في مجتمعاتنا، فقد نشأتْ، كما قلت، في مجتمع إذا سأل الأب عن المولود يُرد عليه بعبارة'' جاءتك بنت الله يعينك ''، والتبرير لتلك الإجابة هو أن الولد سيحمل اسم العائلة ويصرف عليها بينما البنت لا.
أما في الزمن الحالي ففي بلادي ما زالت بعض الوزارات والإدارات العامة والخاصة تمنع دخول المرأة لتسيير أمورها.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذل من بعض الوزارات والهيئات مثل الهيئة العامة للاستثمار التي أطلقت هذا العام برنامج 60×24×7''، ويقضي هذا البرنامج بكل بساطة أن المدن الصناعية ملزمة بتقديم جميع الخدمات الحكومية للمستثمرين في خلال مدة لا تتجاوز الـ (60) دقيقة على مدار الـ24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع.
كيف يمكن تطبيق هذه المعادلة في الاستثمار بينما النساء خارج الخدمة ؟ ففي منتدياتنا ولقاءاتنا يتم عزلنا بجدار بحجة درء المفاسد ، وينصّبون أنفسهم أوصياء علينا بحجة أننا مبتدئات في فن التبصر. وعندما تسألهم عن العزل النسائي يتحججون بخصوصية المرأة التي منَّها الله عليها. ولكنهم في الوقت نفسه يطالبون بالطبيبة في غرفة الولادة بحجة الخصوصية وهناك كما نعلم لا يتم العزل النسائي بحجة أننا نعالج نساءهم.
هذا يقودني بالضرورة إلى التساؤل التالي: لماذا يُطلب منا دفع رسوم الاشتراك في المنتديات والملتقيات ولا تتاح لنا الاستفادة فيها من لقاء أهل الخبرة والمعرفة والمتحدثين الذين صرفت عليهم الأموال الطائلة لجلبهم من دولهم؟
كبرنا ونضجت عقولنا ولا تزال سياسة العزل والتهميش تمارس علينا نحن النساء. وفي بعض الأحيان يتم إبعادنا عن المشاركة الاجتماعية والثقافية والعلمية، ولكني أعرف أنها ليست وليدة الظروف الحالية بل هي امتداد لما سبق، فالمرأة في السابق كانت تقدم كهدية تحت أقدام كاهن عفن أو كانوا يقومون بإغراقها في الأنهر أيام الفيضانات كما كان الحال في مصر وفي بعض حضارات العالم القديم الأخرى. وتعلمون أنه أثناء الحروب كانت المرأة تقدم كأفضل غنيمة يمكن أن يحظى بها المقاتل من جراء خدماته التي كان يقدمها في المعارك.
المرأة في بلادي استطاعت أن تبني لنفسها صورة مغايرة لتلك التي ارتبطت بها في الماضي، حازت رضا المجتمع محليا وعالميا ورضا ولاة الأمر. كرمت في الديوان الملكي على يد خادم الحرمين الشريفين وهذا ما زاد المرأة فخرا و توهجاً، وشهدت لها المنظمات المحلية و الدولية بعلمها وإنجازها. ولكن مازال مفهوم ''جاءتك بنت الله يعينك '' يعيش بيننا.