تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية

تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية
تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية
تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية
تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية
تصنيف الجودة الشرعية.. مطلب فرضه نمو قطاع المصرفية الإسلامية

عزز النمو المتسارع لصناعة المصرفية الإسلامية الحاجة إلى تصنيف الجودة الشرعية في ظل الطلب الكبير على تلك الصناعة التي قدرت أصولها بأكثر من 600 مليار دولار في 2007 مع معدل نمو سنوي 35 في المئة. وقد ازداد الطلب على قطاع المصرفية الإسلامية بعد الأزمة العالمية. ووسط هذا الإقبال منقطع النظير برزت تحديات في وجه تلك الصناعة الواعدة لعل من أبرزها افتقار نسبة كبيرة من العاملين في هذا القطاع إلى معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعاملات المصرفية. وقد نتج عن هذا النقص في الخبرات في هذا المجال أن برزت شكوك حول جودة المنتجات والخدمات الشرعية التي تقدمها المؤسسات المالية الإسلامية لعملائها. ومن هنا جاء إنشاء الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف في البحرين في عام 2005 بغرض تعزيز الشفافية وإعطاء المؤسسات قوة من ناحية، ومنح السوق والمستثمرين مزيداً من الثقة بالسوق المالية, ومن ناحية أخرى، تمنح الوكالة ما يسمى “تصنيف الجودة الشرعية”

تهدف عملية التصنيف المصرفي إلى توفير المعلومات والتقويم المستقل لكل من الملاءة الائتمانية وحسن الأداء الفني للعمل المصرفي, فضلاً عن الانضباط الشرعي للمؤسسات المالية الإسلامية على اختلاف أنواعها ــ بحسب تعريف الدكتور عبد الستار أبو غدة الخبير في المصرفية الإسلامية ــ الذي أورده في ورقة بحثية بعنوان «تصنيف المصارف الإسلامية ومعايير الجودة الشاملة». ويشير إلى أن الهدف من تلك العملية هو إعطاء المؤسسة أو المنتج مستواه الصحيح من الجودة النوعية. ومتى تم ذلك بالطريقة السليمة فإن المستثمرين والعملاء يمكنهم الاعتماد على هذا التصنيف في الحكم على مدى التزام المؤسسة بالأحكام الشرعية ذات العلاقة بالخدمات التي يتم تسويقها تحت شعار كونها إسلامية. وثمة اختلاف بين التصنيف الائتماني والتصنيف الشرعي, حيث إن الأول هو تقويم قدرة المؤسسات المالية على الوفاء بالتزاماتها تجاه الآخرين وتحديد قوة ملاءتها المالية. أما التصنيف الشرعي فهو يختص بتقويم النوعية الشرعية. ولا يتعلق هذا النوع من التصنيف بالملاءة أو القوة المالية للمؤسسة، ولا بالنوعية الائتمانية أو الكفاءة الإدارية.

ومن جانبه يؤكد جمال عباس زيدي ــ الرئيس التنفيذي للوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف ــ أن جودة التصنيف الشرعي تعد نظام تقييم شفافا يعتمد بشكل رئيسي على عناصر الموضوعية وعدم التحيز والاستقلالية. وأوضح ــ في حوار أجراه معه موقع إيلاف ــ أن جودة التصنيف الشرعي لا تهدف إلى إبداء رأي شرعي حول المنتجات المالية الإسلامية أو التعليق على هيئات الرقابة الشرعية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أو تصحيح ما تقدمه من فتاوى. وأشار إلى أن الدور الرئيسي للوكالة في مجال التصنيف يتركز في تقييم مستوى التزام المؤسسات بالإجراءات المتبعة من قبل هيئات الرقابة الشرعية لديها من حيث الالتزام بنصوص وروح الشريعة الإسلامية. يضاف إلى هذا أن الوكالة تدرس وجود آلية لتقييم مدى التزام المؤسسة بمبادئ الشريعة وما إذا كانت لدى هيئة الرقابة الشرعية السلطة الكافية للدراسة والتقييم وكذلك المعلومات اللازمة والإمكانيات للقيام بمهامها.
#2##3##4#
محطة مهمة في مسيرة المصرفية الإسلامية

يرى الدكتور عبد الباري مشعل ــ مدير عام شركة رقابة للاستشارات «ليدرز» في بريطانيا ــ أن ظهور مؤسسات معنية بتصنيف المؤسسات والمنتجات المالية الإسلامية يعد من المحطات البارزة في مسيرة العمل المصرفي الإسلامي. وهي تدل على إدراك المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها الصناعة المالية الإسلامية. ومدى حاجة تلك الصناعة إلى الجودة والإتقان والالتزام الشرعي في الأسس الشرعية النظرية، والممارسات والتطبيقات العملية في الوقت نفسه.

ويؤكد أبو غدة أن انتشار رقعة المصرفية الإسلامية كان دافعاً لوجود نظام تصنيف شرعي, مشدداً على أن الجانب الشرعي هو الأهم في تحقيق الهوية الإسلامية للمؤسسات والمنتجات المالية المطابقة للشريعة, مع عدم إغفال الجانب الائتماني. ولكن جانب المشروعية هو الفيصل في ترجيح منتج على آخر بالنسبة للمتعاملين مع تلك الصناعة, ولهذا فقد كان لزاماً أن يكون هذا العنصر قابلاً للقياس مع وجود طريقة للحكم على تلك المؤسسات والمنتجات بناءً على درجة التزامها بعنصر المشروعية. ويعد غياب هذا القياس بمثابة إعلان لتدهور النوعية الشرعية وتكون النتيجة أن يسود الحد الأدنى منها وليس الحد الأعلى. أما وجود معايير للتصنيف الشرعي فتكفل نجاح المنافسة في الارتقاء بالنوعية الشرعية وليس تدهور هذا العنصر المهم في صناعة المصرفية الإسلامية.

ويضيف أن الوصول لتصنيف دقيق يستلزم وجود آلية ملائمة لفلسفة ووظائف البنوك الإسلامية كي تقوم بتقويم أدائها وتسهيل المقارنة بينها من ناحية حسن الأداء طبقاً لمعايير الجودة الشاملة. ولتحقيق الشمولية في التصنيف يجب مراعاة تقويم كل من التمويل والاستثمار والخدمات، والالتزام الشرعي في آن واحد. ومن ثم يجب أن يتم تقويم الأداء الفني للأعمال المصرفية المختلفة من حيث استيفاء المتطلبات اللازمة لتحقيق الأهداف الخاصة بكل من المؤسسة والمتعاملين معها. وعلى الجانب الآخر يتم تقويم الأداء الشرعي من حيث ضمان الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. وكذلك توافر الصفات التي تحقق هذا المطلب, سواء من حيث وجود آليات الضبط الشرعي أو الإجراءات والمراحل الخاصة بالتدقيق الشرعي الداخلي.

تحقيق الشفافية

ويوضح زيدي أن هناك فوائد كثيرة لعملية التصنيف لعل من أهمها تعزيز الشفافية بشكل كبير, التي من شأنها تقليل المخاطر في الاستثمارات المتنوعة. وقال إن بروز شركات التصنيف الائتماني التقليدية على المستوى العالمي جاء بسبب ضغوط السوق بعد أن أدى تطور السوق والأعمال وانتشار الشركات المالية والمصرفية بشكل عام, إلى زيادة احتمالية حدوث مخاطر عالية لهذه الشركات غير المصنفة. ومن هنا جاءت الحاجة لإيجاد شركات تقوم بالتأكد من نشاط تلك الشركات. وظهرت من ثم شركات التصنيف التي تعطي درجات مختلفة لتوضيح كافة الأمور المتعلقة بوضع مؤسسة أو منتج مالي معين وذلك بغرض تقليل حجم المخاطرة في هذه الاستثمارات. والأمر نفسه بالنسبة للمصرفية الإسلامية التي تحتاج إلى التصنيف لإضفاء مزيد من الشفافية, والقضاء على أي مزاعم قد يروج لها المشككون في تلك الصناعة الوليدة. وشدد على أنه بات من الضروري أن تكون عمليات التصنيف على المؤسسات والشركات المالية والمصرفية إجبارية, ومن ثم تعميمه على الصكوك والسندات وكل المنتجات المالية المعروضة للتداول. وذلك في ضوء التطور الكبير في الأعمال المصرفية والمالية, ولا سيما مع النمو الذي تشهده تلك الصناعة. وتأتي تلك الدعوة باعتبار أن التصنيف يرفع من قوة المؤسسة والمنتج المصنف. وقد أصبح التصنيف إجبارياً فى عدد من دول العالم, وهو الأمر الذي جاء نتيجة حتمية لتطورات السوق, التي شددت على ضرورة تصنيف المؤسسات المالية والمصرفية بغية تحقيق الشفافية الكاملة أمام عموم المتعاملين في السوق.
#5#
أول الطريق

وفي تقييمه لأداء وكالات التصنيف الشرعي يقول الدكتور مشعل إنه على الرغم من أهمية التصنيف الائتماني والشرعي لدى المؤسسات المالية الإسلامية وعملائها على حد سواء, إلا أن المؤسسات المالية الإسلامية التي تقدم خدمة تصنيف المؤسسات ومنتجاتها ما زالت في بدايات عملها ولم تحز على القبول العام، الذي حازت عليه شركات التصنيف الائتمانية العالمية مثل موديز، وستاندرد آند بورز وفيتش وغيرها من وكالات التصنيف الائتماني العالمية. فإن مؤسسات التصنيف الإسلامية القائمة لا تتعدى ثلاث مؤسسات. أولى هذه المؤسسات هي: «الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف» التي تعد أقدم مؤسسات التصنيف الإسلامية قام بتأسيسها عدد من البنوك الإسلامية، ومؤسسات التصنيف الائتماني. وهناك مؤسسة التصنيف الائتماني الثانية، «الهيئة الشرعية للرقابة والتصنيف» التي أطلقت بعيد تأسيس الوكالة الأولى بإجماع الجمعية العمومية للمجلس العام للبنوك الإسلامية cibafi في جدة. أما المؤسسة الثالثة فهي «وكالة التصنيف الماليزية» التي تختص بتصنيف الشركات الإسلامية الماليزية.

منهجية التصنيف

بالنسبة للمنهجية التي تتبع عند تصنيف المؤسسات والمنتجات المالية الخاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية يوضح الدكتور عبد الستار أبو غدة أن هذه المنهجية تعتمد على جمع العناصر المهمة التي تكون في مجملها فكرة واضحة عن الانضباط الشرعي في عمل المؤسسات المالية أو النوعية الشرعية للصكوك والمنتجات المالية. وتقوم على سلم تقويم يتكون من سقف أعلى من النقاط (1000) نقطة في حالة الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف, ويوزع سلم التقويم على شرائح بحسب العناصر ذات التأثير البارز في دقة التقويم. ويتم جمع مكونات السلم عن طريق لجنة التقويم, وذلك بتعبئة الجداول المتضمنة المعلومات ذات الصلة للوصول إلى درجة تعبر عن وضع المؤسسة أو المنتج المالي محل التقويم مقارنة بغيرهما.

ويشير الدكتور مشعل إلى أن عملية تقويم البنوك الإسلامية تتم طبقاً لمنهجية الوكالة ووفقاً لمعايير من أهمها: الهيئة الشرعية، والرقابة الشرعية في البنك، والمعايير الشرعية المحاسبية، والتدريب والموارد البشرية، وصيغ التمويل لدى المؤسسة.

أما شركات التأمين فتختص بمعايير إضافية لعل أهمها: استثمار أموال وعاء التأمين، وطريقة معالجة الفائض، وطريقة معالجة العجز. ومن هذه المعايير أيضاً نوع الشركات التي تتم إعادة التأمين فيها، والإسناد وما يتعلق بنقل جزء من المخاطر لشركات الإعادة بنوعيها (الإسلامية والتقليدية). يضاف إلى هذا العملات والعوائد على احتياطيات الأخطار السارية.

كما تخضع الصناديق الاستثمارية الإسلامية لمعايير إضافية، تتمثل في وجود إجراءات معتمدة للتطهير من المكاسب المحرمة وغرامات التأخير، والتسويق، إضافة إلى محتوى نشر الصندوق ووثائق الإصدار.

وفيما يتعلق بتصنيف المنتجات المالية الإسلامية يوضح الدكتور أبو غدة أن هناك معايير معينة تتمثل في وجود موافقة من هيئة شرعية، وعدد اجتماعاﺗﻬا لاعتماد المنتج ومحضر اجتماع الهيئة والفتوى الصادرة بشأن المنتج، وتقويم العقود والوثائق الخاصة به. كما يجب مراعاة تسويق المنتج هل يسوق كمنتج إسلامي أو تقليدي؟ وهل عليه ختم الهيئة؟ ومن المعايير المهمة الدعم الإداري والمساندة الفنية في المؤسسة بما يتعلق بالمنتج. وكذلك تحقيق الانضباط والرقابة الشرعية واستقلاليتها. والنظر في أهمية المنتج وأثره في تطوير العمل المصرفي الإسلامي، إضافة إلى أهمية المنتج وأثره الاجتماعي.

الأكثر قراءة