طلب نسائي متقدم على الخدمات المصرفية الإسلامية.. والبنوك مؤهلة لمواجهته
تملك سيدة الأعمال مضاوي الحسون تجربة مميزة جعلتها تعشق التجديد والتطوير .. تنقلت بين العمل في التعليم والقطاع المصرفي.. إلى عالم التجارة, لكن هذه الخطوة كانت الأصعب كونها المرأة التي أعلنت دخولها القطاع المصرفي الاسلامي وعينت مديرة لأول فرع نسائي في مصرف الراجحي .
«المصرفية الإسلامية» التقت السيدة مضاوي الحسون عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة.. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه فهد البقمي من جدة:
كيف وصلت إلى عالم التجارة؟
- أنهيت دراستي خارج المملكة وتحديدا في المملكة المتحدة وبعدها عدت إلى المملكة وعملت في مهنة التدريس لمدة ثلاث سنوات, كنت خلالها أملك هواية جمع التحف المنزلية الراقية. وحاولت خلال تلك الفترة أن أقدم التعليم بشكل جديد وجلبت أحد الفنيين لتدريس الطالبات الحاسب الآلي, إلا أن تلك المبادرة رفضت من الإدارة والطالبات وأولياء الأمور فاستقلت من التعليم وحصلت على عرض قدمته شركة الراجحي المصرفية, حيث عينت مديرة أول فرع نسائي في المملكة. ورغم خطورة التجربة وحجم المجازفة إلا أنني دخلت بقوة إلى عالم المصرفية ولم ألتفت إلى أي من تلك التحديات. وبعد عمل متواصل حققت فيه النجاح استطعت أن أحصل على رأس مال مكنني من دخول عالم التجارة, حيث علمت على تطوير هواية تجميع الأثاث والتحف الفاخرة.
بما أنك أول سيدة سعودية تدخل عالم القطاع المصرفي, ماذا عن هذه التجربة, وما الصعوبات التي واجهتكم؟
- لقد كانت تجربة صعبة في البداية, فلم يكن من السهل إقناع المجتمع بأن المرأة يمكنها العمل في البنوك, حيث إن الشائع والمتعارف عليه أن هذه مهنة الرجال. ومن هنا واجهت صعوبات أولا في عدم تقبل المجتمع لمضاوي كسيدة سعودية تدخل القطاع المصرفي, وثانيا في عدم وجود سعوديات يملكن الخبرة في المجال ذاته. ومن هنا واجهت تحديات عدة، ولكنني صبرت وتحملت التجربة لأن فشلي يعني فشل للمرأة ونجاحي نجاح لها، وبعد عناء طويل استطعت أن أستقطب بعض السعوديات وطلبت من الشركة إعداد برنامج تدريبي لهن على الحاسب الآلي واللغة ليتمكن من العمل بشكل جيد, وبدأنا في فتح أول فرع في جدة وكانت النتائج في المرحلة الأولى غير مرضية فلم يكن هناك إقبال كبير على الفرع.
ما قصة حصولك على رد من الشيخ عبد العزيز بن باز ــ رحمه الله؟
- لقد حرصت منذ تولي إدارة الفرع النسائي أن أؤكد للعملاء أن البنك يعمل وفق الشريعة الإسلامية, وهو الأمر الذي دفعني إلى التفكير في توثيق ذلك برد من المشايخ, وتم الاتصال بالشيخ ابن باز عن طريق إحدى الجمعيات الخيرية وحصلنا على رد مسجل وكان له الأثر في قبول العملاء بمفهوم المصرفية الإسلامية التي تجيز التعاملات البنكية وفقا لمعايير شرعية محددة.
كيف تقيمين تجربة المرأة السعودية في القطاع المصرفي؟
- المرأة السعودية قريبة جدا في الوقت الحالي من تولي المناصب القيادية في العمل المصرفي وتحديدا في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط التي تشهد إقبالا على الصناعة المصرفية الإسلامية, وقد شهدت الفترة الأخيرة دخولا قويا للسيدات في قطاع البنوك, وهذا يحتم على البنوك تطوير منتجاتها بحيث تزيد عملاءها من السيدات، خاصة إذا علمنا أن البنوك الإسلامية في الشرق الأوسط مؤهلة بشكل مثالي لمواجهة الطلب المتزايد من النساء على الخدمات المصرفية.
قرار ترك القطاع المصرفي برغم أنك تتحدثين عن نجاح، ما أسبابه؟
- نعم برغم الشعور الذي كان يلازمني في نجاح التجربة وليس ذلك لي أنا شخصيا بل للمرأة السعودية, إلا أن قرار ترك العمل المصرفي كان بسبب ظروفي العائلية وتفرغي لرعاية أبنائي, وبالتالي لا يمكن الاستمرار مع الاثنين معا واخترت الأبناء على العمل, ولكنني في الوقت ذاته أعتبرها تجربة فريدة من نوعها.
لماذا عادت مضاوي مجددا إلى المطالبة بتعزيز دور المرأة في النشاطات الاقتصادية؟
- بعد تفرغي لتربية أولادي وجدت أن هوايتي في جمع التحف الفاخرة والنادرة تطورت تدريجيا وأصبح لها طلب كبير في السوق, وهذا الأمر شجعني على أن أؤسس تجارة في هذا النشاط وعملت على إقامة معارض في المملكة وهذه المعارض حققت نجاحا كبيرا, مما دفعني إلى اتخاذ قرار بدخول التجارة, ومن هنا بدأت أشعر مجددا بالمشكلات التي تحول دون دخول المرأة عالم التجارة وقررت أن أقود زمام المبادرة مرة أخرى وأن أفتح مجالا لحضورها في خريطة المناسبات الاقتصادية.
وكيف واجهت هذه المشكلة؟
- عندما رأيت أن سيدة الأعمال ليس لها دور في الغرفة توجهت إلى فكرة الاتصال بمن أعرفهن في قطاع الأعمال من السيدات وفعلا نجحنا في عقد اجتماع وقررنا إرسال خطاب إلى إمارة منطقة مكة المكرمة وكان حينها الأمير عبد المجيد ــ رحمه الله ــ أميرا للمنطقة, وأوردنا كافة المشكلات والحلول المقترحة لها وكان ذلك مما نال إعجاب الأمير عبد المجيد ووجه غرفة جدة بالاهتمام بدور المرأة وفتح المجال لها للمشاركة في الحراك الاقتصادي.
ماذا عن التجربة الانتخابية, في الغرفة التجارية بجدة وما التحديات التي واجهت سيدات الأعمال اللاتي دخلن غمار المنافسة؟
- التجربة الانتخابية حملت عديدا من التحديات وفي مقدمتها قبول المجتمع سيدة أعمال في مجلس الغرف, خاصة أن الناس اعتادوا على مشاهدة الرجل في تلك المواقع وكانت المرأة مغيبة, وهذا الأمر خلق نوعا من الصعوبة في التعامل مع الوضع وكان عدد المرشحات قليلا جدا مقارنة بالرجال, إلا أن الذي حدث أن مجموعة من سيدات الأعمال ممن ينتمين للدائرة الاقتصادية حصلن على دعم كبير من رجال الأعمال وعلى رأسهم محمد عبد اللطيف جميل, الذي أولى المرأة اهتماما بالغا. وهذه التجربة عززت وجود المرأة في الأنشطة الاقتصادية وبدأنا نشاهدها في منافسة حادة في مجالس الغرف السعودية وانتقلت التجربة الانتخابية إلى غرفة الشرقية ومن المتوقع أن تعم المملكة.