جميع البنوك الإسلامية تعمل بالتورق.. والخلاف فيه ليس أكثر من مزايدات

جميع البنوك الإسلامية تعمل بالتورق.. والخلاف فيه ليس أكثر من مزايدات

أكد فقهاء في مجال المصرفية الإسلامية تقاسم المسؤولية بين الهيئات الشرعية والعملاء فيما يتعلق بالأخطاء والتجاوزات التي تقع من البنك حيال منتج التورق، مشددين على أن الخلاف في هذا المنتج ما هو إلا «خلاف على أصل التورق أو تطبيقاته».
وشدد الفقهاء خلال اللقاء المفتوح الذي نظمه بنك الرياض في الخبر الأسبوع الماضي حول المصرفية الإسلامية على ضرورة قراءة العملاء جميع الأوراق الخاصة بعقود المنتجات الخاصة بالتمويل والاستثمار قبل التوقيع عليها.
وهنا أوضح الشيخ الدكتور محمد بن علي القري عضو الهيئة الشرعية في بنك الرياض، أن جميع البنوك الإسلامية بلا استثناء تعمل بالتورق، والخلاف فيه ليس أكثر من مزايدات، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المسؤولية مشتركة بين الجميع، وأن «الهيئة الشرعية تقع عليها مسوؤلية كبيرة في هذا الجانب، ولكن العملاء أيضا مسؤولون في حال وجود أي مخالفة من البنك، ويجب عليهم إبلاغ أعضاء الهيئة الشرعية في البنك».
من جانبه، أوضح الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع رئيس الهيئة الشرعية في بنك الرياض قائلاً «الإنسان حين يحتاج مبلغ من المال لأي سبب من الأسباب، فهو أمام أربعة اتجاهات، الأول أن يجد من يعطيه هذا المبلغ كتبرع، وهو أمر نادر الحدوث، أما الحالة الثانية أن يأخذ هذا المال من شخص على هيئة قرض حسن، وهو أيضا أمر نادر لكوننا في زمن شحيح، أما الحالة الثالثة أن يأخذ هذا المبلغ من بنك تمويل ربوي، ولكن في هذه الحالة لعنه الله هو والبنك الذي تعامل معه وجميع من عمل في هذا التمويل، وفي الحالة الرابعة أن يلجأ إلى التورق الذي يستطيع من خلاله قضاء حاجته دون حرج، وهو وسلعة معلومة، وثمن معلوم، وتكون فيه السلعة مملوكة لدى المالك، والتورق ليس نازلة فقهية جديدة وإنما هو مسألة موجود التعامل بها في عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ودعا الشيخ المنيع جميع المتعاملين مع المصرفية الإسلامية لدى البنوك إلى عدم توكيل البنوك سواء في البيع أو الوساطة، مع أخذ العميل تفويض تسلم من البنك لسلعته المباعة له، والمتفق عليها بينه وبين البنك، ومن ثم تسلمها أو بيعها، وتلمسها ورؤيتها، رغم جواز توكيل البنك. مضيفاً: «كل ذلك لقطع الشائعات التي تدور حول عدم تعامل البنوك بالشكل الصحيح في مثل هذه المعاملات، وأنه ليس لديها مصرفية إسلامية، وأنها لا تملك السلع التي تبيعها، ولا يوجد لديها إلا الربا وأوراق يوقع عليها العميل، مشددا على ضرورة أن تكون السلعة المبيعة مملوكة لدى البائع قبل البيع ووقت التنفيذ، وبيع غير الملك باطل».
وعلى الصعيد ذاته أكد الشيخ الدكتور عبد الله المطلق عضو الهيئة الشرعية في البنك، أن التورق حلال، والخلاف فيه بين العلماء إنما هو خلاف على أصل التورق أو تطبيقاته، مشددا على أهمية قراءة عملاء البنوك أوراق جميع المعاملات جيدا سواء عند التمويل أو الاستثمار قبل التوقيع عليها.
وقال المطلق «إن تطبيق المصرفية الإسلامية في البنوك أكبر شاهد عليه هو العملاء أنفسهم، الذين من واجبهم إذا لاحظوا أي شيء في تعاملات هذه البنوك في هذا المجال أو أشكل عليهم أي إشكال إبلاغ الهيئة الشرعية في هذه البنوك».
على صعيد ذي صلة، عاد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع خلال اللقاء ليؤكد أن هناك اتجاها عالميا نحو تطبيق المصرفية الإسلامية، خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية التي واجهتها عديد من دول العالم، وذلك نظرا لما أثبتته المصرفية الإسلامية من ثبات في هذه الأزمة.
وقال المنيع خلال اللقاء: «إن المصرفية الإسلامية بدأت ضعيفة، ولكن بتوفيق الله وسعي الرجال المخلصين للقضاء على الربا والتركيز على المصرفية الإسلامية، انتشرت انتشارا كبيرا ليس على المستوى المحلي، وإنما على المستويات الخليجية والعربية والعالمية».
وأضاف «المصرفية الإسلامية أصبحت موجودة في أوروبا، أمريكا، الصين، اليابان، أستراليا، وغيرها من دول العالم، كما أن بعض الرأس ماليين أصبحوا هم أنفسهم ينادون بالتعامل بالمصرفية الإسلامية، وذلك نظرا لكون تلك المصرفية تعني بأن يكون التعامل تعاملا حقيقيا ليس مبنيا على وهم وتوهمات مستقبلية، وإنما يجب أن يكون مبنيا على حقائق فيما يتعلق بالشراء و بضرورة ملكية من يبيع، وأن يعلم المشتري من حيث رؤية ما اشتراه والبعد عن أية صفة تمنعه من الجهالة».
وأبان المنيع أن معظم البنوك المحلية التي كانت في الأصل بنوك ربوية، أصبحت تتجه في الوقت الراهن بشكل جاد نحو المصرفية الإسلامية، مبيناً هذه البنوك أصبحت تتعامل بالمصرفية بشكل كامل».
وأضاف «إن من ضمن البنوك التي أصبحت تتعامل بالمصرفية الإسلامية بنك الرياض الذي تدرج حتى أصبح لديه حاليا 112 فرعا يطبق المصرفية الإسلامية، أي ما يعادل 75 في المائة من فروعه، وهو الآن في اتجاه تطبيق المصرفية الإسلامية في النسبة المتبقية من فروعه على مستوى مناطق المملكة».
وتابع قائلا «قامت المصرفية الإسلامية قياما نحمد الله سبحانه وتعالى على تيسيره وتيسير نشاطه بعد أن كانت حلما من الأحلام ووهما من الأوهام التي يتوهمها كثير من المتشائمين ومن الساخرين من المناداة بهذا الاتجاه المبارك, الذي هو محاربة من الله ومن رسوله ومن عباده المؤمنين للربا وأصحابه». وأكد رئيس الهيئة الشرعية في بنك الرياض أهمية الدور الذي يقوم به أفراد المجتمع في الضغط على البنوك والمصرفيات في الاتجاه إلى الضوابط الشرعية في العمليات المصرفية، مبيناً أن ذلك الأمر أدى إلى تحول بنوك بكامل فروعها إلى التعاملات المصرفية الإسلامية واهتمام بقية البنوك والمصارف بالضوابط الشرعية في تعاملها وتأسيسها مصارف مستقلة تقدم الخدمات المصرفية بالضوابط الشرعية.

الأكثر قراءة