كرة القدم استثمار ينمو رغم الأزمة

أود الإشارة أولا إلى أن هذا الطرح امتداد لما نشرته شركة ديلويت المتخصصة عن قائمة أرباح أغنى 20 نادي كرة قدم في العالم لعام 2009، وبحسب القائمة المرفقة فقد احتوت على الترتيب التالي: ريال مدريد الإسباني 401 مليون يورو، برشلونة الإسباني 365.9 مليون يورو، مانشستر يونايتد الإنجليزي 327 مليون يورو، بايرن ميونخ الألماني 289.5 مليون يورو، وفي المرتبة الخامسة آرسنال الإنجليزي 263 مليون يورو. وجاء مجموع أرباح أغنى 20 نادي كرة قدم في العام نحو أربعة مليارات يورو خلال عام 2009 بزيادة قدرها 1 في المائة على عام 2008. ولا عجب أن جميع هذه الأندية أوروبية، خصوصا إذا علمنا أن في أوروبا فقط يوجد أكثر من 500 ألف نادي كرة قدم.
وبالنظر إلى القائمة، فإن سبعة من الأندية الـ 20 أندية إنجليزية، وهنا ملاحظة استثمارية مهمة, وهي أن أربعة من تلك الأندية يملكها مستثمرون أجانب من أصل سبعة أندية إنجليزية ذات استثمار أجنبي. المستثمر الأمريكي مالكوم جلانزير وعائلته استثمروا نحو 800 مليون جنيه استرليني في نادي مانشستر يونايتد عام 2005 وهي الصفقة التي أحدثت ضجة كبيرة في أوساط أنصار مانشستر في ذلك الوقت, لكن الرياضة استثمار أكثر منها عواطف وميول. وبالنظر إلى قائمة الاستثمار الأجنبي في الأندية الإنجليزية عموما فإن هناك المستثمر الروسي رومان إبراموفيتش الذي استثمر في نادي تشيلسي، وهناك الأمريكيان جورج جيليت وتوم هكس في نادي ليفربول، الروسي أليكساندر جيدمارك في بورتسموث، المصري محمد الفايد في نادي فولهام، الأمريكي راندي ليرنر في إيستون فيلا، والآيسلندي إيجرت ماجنيسون في ويست هام، كذلك فإننا رأينا الدخول الواضح لمستثمرين من الخليج العربي تحديداً في ملكيات بعض الأندية الإنجليزية خلال العامين الماضيين تحديداً كصندوق أبو ظبي السيادي في مانشستر سيتي وكذلك دخول علي الفرج في نادي بورتسموث, إضافة إلى ذلك فإن هناك 17 ناديا إنجليزيا تتداول أسهمها ما بين شركات قابضة وأسهم عامة.
وهذه الأسماء الكبيرة في الاستثمار وتلك المبالغ الكبيرة التي استثمرت مؤشرات على أن الاستثمار الرياضي أصبح جزءا مهما في المنظومة الاستثمارية وأصبح يمثل إغراء لتنويع المحفظة الاستثمارية لرجال الأعمال، إضافة إلى الأهداف الأخرى التي تخدمها. ولذلك فلا عجب أن نرى أن حقوق البث التلفزيوني التي دفعتها شبكة سكاي التلفزيونية لبطولة الأندية الإنجليزية Premiership لموسم 2010 إلى 2013 تزيد على 1.8 مليار جنيه استرليني بينما كانت لا تتجاوز 200 مليون جنيه عام 1992 ولمدة خمس سنوات.
وعندما قمت بزيارة شخصية لنادي مانشستر سيتي برفقة أيان هاورد مدير التسويق في النادي، الذي قدم لي عرضا متكاملا عن آليات التسويق والاستثمار في النادي بداية من اسم الملعب الذي تحول إلى ستاد ريبوك (اسم الشركة الراعية) بمبلغ مالي ضخم، إضافة إلى الاستفادة التامة من إمكانات ذلك الاستاد من خلال تأجيره لكثير من الشركات لعمل إعلانات تلفزيونية وكذلك تأجيره لإقامة الحفلات بأنواعها. لقد خرجت بانطباع عام أن الاستثمار الرياضي أصبح استثمارا ناجحا من خلال الاستفادة من جماهيرية النادي لتقديم خدمات أخرى ليس لها علاقة بالرياضة، على سبيل المثال لا الحصر بطاقة مانشستر سيتي للتأمين. وذكر هاورد أن استثمار كرة القدم كان يعتمد في الماضي على الدخل التقليدي، الذي يأتي من خلال حقوق النقل التلفزيوني، بيع التذاكر، عضوية النادي، الإعلانات التجارية بأنواعها، بيع وشراء اللاعبين وكذلك بيع منتجات النادي والهدايا التذكارية واستثمار المنشآت. إن جميع ما ذكر أصبح جزءا أساسيا لأغلبية الأندية الرياضية وأصبحت الأندية تبتكر طرقا استثمارية لزيادة الدخل بما في ذلك المشاركة في استثمارات أخرى تكون على علاقة بالنادي وجماهيريته وقد تتعدى الحدود الجغرافية للبلد.
وهنا أتذكر البحث الذي قامت به الدكتورة سيو بردجواتر الباحثة في جامعة وأرويك University of Warwick,s على الجمهور الصيني خلال نهائيات كأس العالم في ألمانيا 2006، حيث أظهرت الدراسة أن هناك اهتماما كبيرا للجمهور الصيني بكرة القدم والأندية العالمية. فعند سؤال الجمهور الصيني عن أكثر ما يرونه في الشارع الصيني من شعارات الأندية والمنتخبات حسب الترتيب، كانت النتيجة أن قميص المنتخب الإنجليزي بنسبة 44 في المائة، وريال مدريد بنسبة 12 في المائة، وعن الترتيب ثانيا ذكر الصينيون مانشستر يونايتد الإنجليزي 22 في المائة، و20 في المائة لقميص البرازيلي. وعن التصنيف ثالثا جاء قميص نادي إي سي ميلان الإيطالي في الطليعة بنسبة 28 في المائة. وعند سؤال الجمهور الصيني عما يقتنيه شخصيا، ذكر 54 في المائة أنهم يقتنون قميص نادي كرة قدم، 20 في المائة منهم يقتنون قميص المنتخب الإنجليزي، 14 في المائة قميص مانشستر يونايتد، 9 في المائة قميص إي سي ميلان الإيطالي.
ولذلك فلا عجب أن ترى الأندية الأوروبية تبدأ موسمها الرياضي بجولة آسيوية، خصوصا في الصين، فهذه الجولة هي جولة تسويقية استثمارية تهدف إلى زيادة مبيعات الأندية في تلك الدول وبالتالي تحقيق عائد مالي مجز يدعم حساب الأرباح لتلك الأندية، وهنا أستبدل كلمة الأندية بكلمة شركات مثل شركة ريال مدريد وشركة مانشستر يونايتد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي