الخلافات بدأت للتو

الخلافات بدأت للتو

أيقظت عشرات الانفجارات الناخبين في بغداد في السابع من آذار (مارس)، معلنة بدء يوم الانتخابات العامة. وكل بضع دقائق، كان يدوي انفجار عال يذكرهم بالبقاء في منازلهم، بعيدا عن مراكز الاقتراع. وقال المسؤولون إن المدينة تعرضت لوابل من قذائف الهاون وكان إقبال الناخبين أقل من ذي قبل، حيث بلغ أكثر قليلا من 50 في المائة في بغداد. ولم يكن ذلك نموذجا مشرقا للديمقراطية.
وقلل الجيش الأمريكي من أهمية العنف, وقال الناطق باسمه إن معظم التفجيرات كانت ناتجة عن زجاجات المياه المحشوة بالمتفجرات, وكان المتمردون قد وضعوها في صناديق القمامة في جميع أنحاء المدينة وفجروها عن طريق الهواتف المحمولة لتخويف الناخبين. وأدى انفجاران كبيران إلى مقتل ما لا يقل عن 38 شخصا، لكن لم يتضرر أحد بإصابات خطيرة جراء قنابل الزجاجات، كما قال الجنرال Ray Odierno، قائد القوات الأمريكية, فقد كانت التفجيرات عملا يائسا من قبل التمرد المتضائل. وقيل إن نسبة الإقبال بلغت 62 في المائة. وعلى الرغم من الخوف، يبدو أن كثيرا من العراقيين كانوا مصممين على التأكيد على حقهم الديمقراطي في اختيار قادتهم. ووصف باراك أوباما الانتخابات بأنها ''علامة فارقة في تاريخ العراق''. إلا أن إنتاج حكومة جديدة هو مسألة أخرى. ومن المرجح أن يترتب على ذلك أشهر من المساومات بين عدد كبير من الجبهات الانتخابية. ويقال إن أداء تحالف دولة القانون، وهو جماعة شيعية بقيادة رئيس الوزراء، نوري المالكي، كان جيدا، وكذلك أداء الحركة الوطنية العراقية العلمانية الطائفية بقيادة سلف المالكي، إياد علاوي، وهي شيعية أيضا. وقال الرجلان إنهما حققا الفوز، لكن دون وجود أدلة دامغة تدعم مزاعمهما. ولن يتم الإعلان عن النتيجة النهائية إلا بعد شهر على الأقل.
وعندها فقط سيبدأ البرلمان بالاجتماع وتشكيل حكومة. وسيقوم أولا بانتخاب متحدث، الذي سيكون عربيا سنيا وفقا للتقاليد. ثم عليه، وفقا للدستور، اختيار رئيس، الذي ربما يكون كرديا، كما كان من قبل. وبحلول منتصف الصيف، قد يضع أعضاء البرلمان ما يسمونه ''الطريق إلى 163''. وهذا يشير إلى عدد أعضاء البرلمان اللازمين لتحقيق الأغلبية في المجلس التشريعي. ولن يتمكن أي حزب أو تحالف انتخابي من تحقيق هذا الرقم وحده. لكن حتى لو حصل المالكي وعلاوي على 70 مقعدا لكل منهما من أصل 325 مقعدا، قد يظلان المرشحين الرئيسيين لتشكيل حكومة. وسيكون البرلمان الجديد منقسما مثل البرلمان القديم. وما يهم هو بناء التحالفات. وعلى السياسيين العراقيين القيام بأصعب المهام بالنسبة لهم: استيعاب بعضهم بعضا. ولديهم مجموعة من الخيارات, والطريق إلى السلطة غامض. ويمكن للمالكي توحيد جهوده مع كتلة كردية، مع أن ذلك لن يمنحه أغلبية. ويمكنه أن يحاول استمالة أجزاء من التحالف الوطني العراقي، الجماعة الشيعية الإسلامية التي تشمل عديدا من الحلفاء القدامى الذين تشاجر معهم. وربما بدلا من ذلك يمكنه التودد إلى أعضاء من تحالف علاوي العلماني. والميزة الكبرى للمالكي هي أنه سيظل رئيسا للوزراء حتى مع استمرار المشاحنات، وبالتالي سيظل يسيطر على الحكومة ولديه فرصة أفضل لتشكيل الأحداث.
وقد تكون مهمة علاوي أصعب. فإذا اتحد مع الأكراد، قد يغضب منه حلفاؤه العرب السنة في الشمال ويتخلون عنه، بما أنهم على خلاف مع الأكراد في وحول الموصل، أكبر مدينة شمال العراق. وإذا تحالف علاوي مع بعض الشيعة في التحالف الوطني العراقي، قد يتخلى عنه حلفاؤه السنة في محافظتي بغداد والأنبار، اللتين تعتبران من ضمن قواعد قوته. ومع ذلك، فإن نهج علاوي غير الطائفي في الانتخابات قد يضر به حين يتعلق الأمر بتشكيل تحالفات أوسع.
وربما تحافظ مجموعات من الأحزاب الأصغر على توازن القوى. إلا أن الكتلة الكردية، التي غالبا ما توصف بأنها ذات نفوذ كبير، تبدو أضعف مما كانت عليه، بسبب زيادة نفوذ جماعة معارضة كردية جديدة، هي Goran (التغيير)، وقد تتسبب في انقسام الأصوات الكردية في البرلمان، ما يقوض قدرة الحرس القديم على اتخاذ القرارات.
والتحالف الوطني العراقي، أكثر الجماعات الشيعية ضراوة، في حالة تغير مستمر أيضا. فقد اكتسب الجناح الذي يدعم رجل الدين الشعبي، مقتدى الصدر، النفوذ على حساب المجلس الإسلامي الأعلى في العراق البراغماتي، الذي يدين بالولاء لعائلة الحكيم والمقرب من إيران. ويبدو أن كثيرا من ناخبي المجلس الإسلامي الأعلى في العراق مكثوا في منازلهم، خاصة في الجنوب، حيث كانت الجماعة مهيمنة. وما لم يتم إشراكها في المؤسسة الحاكمة، قد ينتهي الأمر بالميليشيا الموالية للصدر بإدارة دويلة داخل دولة، مثل حزب الله، الحزب والميليشيا الشيعية التي تهيمن على جنوب لبنان.
وقد تلعب المحاكم دورا كبيرا في بناء التحالفات. وتتراكم الشكاوى من التزوير. ويقول علاوي إن التحالف الوطني حاول إزالة بعض حلفائه من أوراق الاقتراع في الليلة السابقة للانتخابات. وقد اتهم رجال المالكي بترويع الناخبين. وفي المقابل، قد يرفع المالكي دعوى قضائية بتهمة التشهير. وفي غضون ذلك، يشكك العرب في الشمال بالقوائم الانتخابية الكردية. وقد يسوء الوضع أكثر.
وسيحاول كل من الأمريكيين والإيرانيين تعزيز مرشحيهم المفضلين. وسيكون المالكي وعلاوي مقبولين لكل من الحكومتين. ويقول السفير الأمريكي، كريس هيل: ''سنراقب العملية من كثب''. وأيا يكون الفائز، من المحتمل أن تعكس نتائج الانتخابات إرادة الشعب العراقي. ومن المفترض أن يمكّن هذا الأمريكيين من العودة إلى الوطن

الأكثر قراءة