عبء على كاهلها
يظهر أنصار ماياواتي، وهي فرد من الطبقات المسحوقة في الهند تشغل الآن منصب رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، أكثر ولاية هندية مزدحمة بالسكان، تقديرهم لها عن طريق تقديم أكاليل الزهور لها لتضعها حول عنقها. وقد تم تقديم أكليل ضخم لها في إحدى المناسبات في وقت سابق من هذا الشهر، قدر وزنه بـ 65 كيلو جراما، وفقا لصحيفة Times of India. ولم يتم صنع الأكليل من زهور القطيفة لكن من أوراق نقدية بقيمة ألف روبية (22 دولارا).
وهذا دليل على أن المال سهل جدا في الهند. فقد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية للعمال في الزراعة (الذين من بينهم أنصار ماياواتي) بنسبة 16.5 في المائة خلال العام حتى شباط (فبراير). وارتفعت أسعار الجملة، التي يراقبها البنك المركزي من كثب، بنسبة 9.9 في المائة خلال الفترة نفسها. ودفع هذا بنك الاحتياط الهندي إلى رفع أسعار الفائدة في التاسع عشر من آذار (مارس) بواقع 0.25 نقطة مئوية، دون انتظار اجتماعه المقرر.
وجاء قرار البنك المركزي في أعقاب زيادات الأسعار من قبل البنوك المركزية في أستراليا وماليزيا وفيتنام. وربما كان يجب أن يسبقهم بنك الاحتياط الهندي. لكن مثل جميع البنوك المركزية الآسيوية الأخرى، كان متخوفا من رفع أسعار الفائدة في الوقت الذي كانت فيه الأسعار في أمريكا منخفضة جدا. كما قال إن سبب ارتفاع الأسعار هو أسوأ رياح موسمية منذ عام 1972، والتي أضرت بمحاصيل الغذاء التي لها أهمية كبيرة في مؤشرات التضخم في الهند، خاصة مقاييسها الأربعة للأسعار الاستهلاكية. وفي هذه الظروف، لا يكون واجب البنك المركزي هو منع ارتفاع الأسعار الذي يحدث مرة واحدة، بل فقط منع تحول هذه الزيادة إلى تضخم على نطاق أوسع، ما يؤدي إلى إيجاد توقعات لزيادات الأسعار المستقبلية التي قد تتحقق بالفعل.
واتضح تحولها الآن إلى تضخم, ففي بيان مصاحب لزيادات الأسعار، أشار بنك الاحتياط الهندي إلى أن أسعار الجملة للسلع المصنعة غير الغذائية، التي انخفضت بنسبة 0.4 في المائة خلال العام حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، ترتفع الآن بنسبة 4.3 في المائة. ويشير مسح أجرته Hewitt Associates إلى أن أرباب العمل سيزيدون الرواتب بنسبة 10.6 في المائة هذا العام، مقارنة بزيادة نسبتها 6.6 في المائة عام 2009. وفي مقال نشر في Economic and Political Weekly، وهي صحيفة هندية، أشار Rajiv Kumar من المجلس الهندي لبحوث العلاقات الاقتصادية الدولية وزملائه إلى أن تجار التجزئة للأرز فرضوا زيادة بنسبة 12 في المائة على أسعار الجملة في كانون الأول (ديسمبر) 2009، مقارنة بنسبة 8 في المائة في العام الذي سبقه. وهم يعتقدون أن هذا يوحي بوجود ''تخزين للسلع'' من النوع الذي يحب السياسيون مثل ماياواتي تحميله مسؤولية ارتفاع الأسعار.
وبعد أن انخفضت أسعار الجملة في الهند بصورة حادة مثلما حدث في دول أخرى، عادت الآن للارتفاع بشكل أسرع من أي مكان باستثناء تايلاند. ويقول Robert Prior-Wandesforde من HSBC: ''إن الهند على أحد الأطراف''. ويضيف أن ارتفاع الأسعار العلامية لسلع مثل النفط والغذاء والمعادن في مناطق أخرى بدأ في الظهور في الأسعار الأوسع نطاقا إلا أن الضغوط التضخمية ليست أبدا مثلما كانت عليه عام 2008.
ففي ذلك العام، كانت أسعار السلع ترتفع بصورة أسرع وكانت الاقتصادات في آسيا أكثر تضررا. وبعد عدة فصول من النمو القوي، عاد الإنتاج الصناعي إلى مستوياته المعتادة في جميع الدول الآسيوية باستثناء اليابان وسنغافورة وماليزيا، وذلك وفقا لبنك HSBC. وفي عام 2008، تجاوز الإنتاج الصناعي مستوياته المعتادة. وفي ظل تلك الظروف، مررت الشركات تكاليف أعلى للمستهلكين بصورة سريعة.
ويعتقد Prior-Wandesforde أن التضخم الأساسي في آسيا سيصل إلى ذروته قريبا. وبعد أن تضاعفت أسعار النفط العام الماضي، ستتضاعف ثانية للحفاظ على وتيرة الزيادة نفسها، كما يشير. إلا أن هذا لا يعني أنه يمكن للبنوك المركزية في آسيا أن ترتاح. فبالنظر إلى التأخيرات التي تعانيها السياسة النقدية، عليها تحديد الأسعار اليوم للاقتصاد الآسيوي لمدة 18 شهرا من الآن. ولا تزال سياساتها تعكس التوتر بشأن حدوث انتكاس في أمريكا وأوروبا. لذا فهي متساهلة جدا في منطقة تتعافى بقوة. ومن المفترض أن يساعد محصول الربيع، حتى في الهند، على تهدئة تضخم أسعار الجملة. إلا أن هذه الأسعار دليل سيئ للسياسة النقدية في الهند. فهي تخبر البنك المركزي كثيرا عن القوى التي لا يستطيع التحكم فيها، مثل الرياح الموسمية وأسواق السلع العالمية، لكنها لا تخبره بكثير عن الأمور التي يمكنه التأثير فيها، مثل الطلب المحلي. ويقول Prior-Wandesforde إن بنك الاحتياط الهندي ''يسير على غير هدى معظم الوقت''. ففي بيانه مثلا، أشار البنك المركزي إلى الاستغلال المتزايد للطاقة الإنتاجية بوصفه خطرا تضخميا. ووفقا لأحد المقاييس، الذي أعده المجلس الوطني للبحوث الاقتصادية التطبيقية في دلهي، عاد استغلال الطاقة الإنتاجية إلى مستوياته المرتفعة قبل الأزمة. إلا أن الهند تفتقر إلى مقياس قوي للتضخم الأساسي، أو مقاييس شاملة للعمالة وضغوط الأجور. ويجب على مراقبي التضخم بدلا من ذلك دراسة المسوحات والملاحظة العارضة والدلائل المروية - وكذلك وزن أكاليل المال التي تحيط بأعناق السياسيين