قبول التحدي

قبول التحدي

وصفت شركة كوكا كولا في السابق سوقها بأنها ''حصة الحلق''، أي حصتها في استهلاك السوائل لجميع البشر. وكيلا يتفوق عليها أحد، تريد Indra Nooyi، رئيسة شركة PepsiCo المنافسة الرئيسة لشركة Coke، أن يتم ''اعتبار شركتها بوصفها إحدى الشركات الرائدة في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين نموذجا لكيفية ممارسة الأعمال التجارية في العالم الحديث''. وبشكل أكثر تحديدا، تقول إن ''بيبسي''، التي تصنع رقائق البطاطس وغيرها من الوجبات الخفيفة الدهنية المالحة الأخرى, إضافة إلى المشروبات المليئة بالسكر، يجب أن تكون جزءا من الحل، لا المشكلة، ''لأحد أكبر التحديات على الصحة العامة في العالم، التحدي الذي يرتبط بصورة جوهرية بصناعتنا: أي السمنة''.
وتحقيقا لهذه الغاية، كشفت النقاب في 22 آذار (مارس) عن مجموعة من الأهداف لتحسين سلامة معدات ''بيبسي''. وبحلول عام 2015، تهدف الشركة إلى تقليل الملح في بعض أكبر علاماتها التجارية بنسبة 25 في المائة؛ وبحلول 2020، تأمل تقليل كمية السكر المضاف في مشروباتها بنسبة 25 في المائة وكمية الدهون المشبعة في بعض الوجبات بنسبة 15 في المائة. وأعلنت ''بيبسي'' في الآونة الأخيرة أيضا أنها ستزيل جميع مشروباتها المحلاة بالسكر من المدارس في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2012.
وعلى الرغم من أن Noo yi تتحدث عن ضرورة ''الاعتزاز'' بالموظفين، ومع أنها كتبت ذات مرة لأهالي كبار مديريها تشكرهم على تنشئة مثل هذه الذرية الرائعة، إلا أنها ترفض الفكرة القائلة إن هذه الأهداف غبية ودعائية. فهي تقول إنها ضرورية لمنع شركات الأغذية من انتهاج مسار شركات التبغ، التي تلومها الحكومات دائما على المشكلات الصحية المرتبطة بمنتجاتها، وتتم معاقبتها وفقا لذلك. وقد منع عديد من الدول في أوروبا وأماكن مختلفة في أمريكا الزيوت المهدرجة، وهي المكون الخطير على الصحة في كثير من الوجبات السريعة. وقد اقترح مشروع قانون تم تقديمه في وقت سابق من هذا الشهر في ولاية نيويورك منع الملح في المطاعم. وأطلقت السيدة الأولى في أمريكا، ميشيل أوباما، حملة ضد السمنة لدى الأطفال. وفي التسعينيات، كانت كل منتجات ''بيبسي'' تقريبا سيئة لك - أو ''ماتعة لك''، كما تحب الشركة أن تقول. وفي ظل إدارة Nooyi، التي أصبحت رئيسة عام 2006، زادت الشركة وتيرة تنوعها إلى منتجات تصفها بأنها ''أفضل لك'' و''جيدة لك''، بما في ذلك عصائر الفواكه والمكسرات والعصيدة (الشوفان للأمريكيين). ولا تعتقد Nooyi أن في هذا استبدال الأرباح بالفوائد الصحية. وبدلا من ذلك، تصر على إمكانية تحقيق الأمرين معا - وهي الفكرة التي يعبر عنها شعار الشركة: ''الأداء والهدف معا''.
إلا أنه لا يزال هناك متشككون، سواء في صدق البعثة الاجتماعية لشركة بيبسي، أو في الآونة الأخيرة في أدائها، الذي كان مملا جدا عام 2009. وفي الواقع، في هذا الأسبوع، في أول اجتماع للشركة مع محللين استثماريين منذ عام 2006، في استاد اليانكي في نيويورك، اعترفت Nooyi بأن هناك سلسلة من خيبات الأمل، لكنها أكدت أنه تم تعلم الدروس المستفادة ''وأننا لن نرتكب الأخطاء نفسها'', وإضافة إلى تعرض شركة بيبسي للضرر بسبب الانكماش الاقتصادي، عانت أيضا بسبب استراتيجية التحوط المالي الخاطئة التي جعلتها تدفع مبالغ طائلة للسلع. وعانت أيضا بعض الكوارث التسويقية في الآونة الأخيرة، بما في ذلك حملة لعصير الفواكه Tropicana الذي اعتبر على نطاق واسع أحد أسوأ العلامات التجارية منذ أن أطلقت شركة كوكا كولا مشروب New Coke.
ومع ذلك، يبدو أن المستثمرين يأخذون ادعاء Nooyi بأن مستقبل شركة بيبسي مشرق على محمل الجد. وما ساعد على ذلك هو أن الشركة زادت أرباح الأسهم وأعلنت عن عملية كبيرة لإعادة شراء الأسهم. ويبدو أن المستثمرين بدأوا في إعادة تقييم قرار ''بيبسي'' العام الماضي بالاستحواذ على شركتين مستقلتين تقوم بتعبئة مشروباتها. وكانت الصفقة قد تلقت استقبالا فاترا، خاصة لأن ''كوكا كولا'' أصرت على أنه من المنطقي إبقاء عمليتي صنع الشراء وتعبئته منفصلتين. إلا أن ''كوكا كولا'' قررت الآن أن تحذو حذو ''بيبسي'' عن طريق الاستحواذ على شركة التعبئة الرئيسية التي تعبئ مشروباتها - وهي الخطوة التي وصفتها Nooyi بأنها ''دليل دفاعي''.
ويكمن الأمل في أن يؤدي دمج شركة التعبئة مع شركة بيبسي إلى تحقيق قدر أكبر من السيطرة على محفظة المشروبات التي تزداد تنوعا، وتعزيز التسويق المشترك بين قسمي الأغذية والمشروبات (لن تساعد عملية الاستحواذ التي ستقوم بها ''كوكا كولا'' في هذا كثيرا، لأنها لا تمتلك قسم عمليات كبير للوجبات الخفيفة). وتصف بيبسي، التي تسوّق عدة علامات تجارية مختلفة معا، النفوذ الذي يمنحها إياه هذا مع تجار التجزئة والمستهلكين بأنه ''قوة الواحد''. ومن المفترض أن يعزز الاستحواذ على شركة التعبئة هذا التكتيك عن طريق إنهاء الحاجة إلى التفاوض على تقسيم الغنائم في كل صفقة كبيرة. فحين تتصل Wal-Mart لطلب دعاية مشتركة لبيبسي ودوريتوس مثلا، كما فعلت في بطولة Super Bowl في شباط (فبراير)، يمكن لشركة بيبسي أن ''ترد في غضون 24 ساعة بدلا من ستة أسابيع''. وتريد Nooyi تطوير تلك الفكرة أكثر، من خلال استراتيجية تصفها بأنها ''سلطة قوة الواحد''. وتعني بذلك شراكات مع شركات أخرى لتخفيض تكلفة الشراء أو البحث والتطوير. وقد وقعت ''بيبسي'' بالفعل اتفاقا للإمدادات وشراء الإعلانات مع شركة Anheuser-Busch.
وسيعتمد كثيرون على المدى الطويل على نجاح استراتيجية ''بيبسي'' لإقناع الشعب والمنظمين بأنها تهدف إلى تقليل البدانة، لا التسبب فيها. ولهذه الاستراتيجية عدة فروع، بما في ذلك تخفيض كمية المكونات غير الصحية في منتجاتها الحالية، وإضافة منتجات جديدة صحية لمجموعة منتجاتها، والتشجيع على اتباع أسلوب حياة صحي، ومحاولة توجيه أصابع اللوم بعيدا عن عدد السعرات الحرارية الكثيرة التي يستهلكها الناس لتتجه نحو السعرات الحرارية القليلة التي يحرقونها. وتتساءل Nooyi: ''لماذا لا نهاجم الكمبيوتر وشركات كابلات التلفزيون لأنهم يشجعون الناس على أسلوب الحياة الكسول؟''.
وتشكل مجموعة منتجات ''بيبسي'' المتزايدة من المنتجات ''الجيدة لك'' الآن نحو عشرة مليارات دولار على شكل إيرادات (نحو خمس المجموع). وتتوقع Nooyi أن يزيد هذا الرقم إلى 30 مليار دولار في غضون عشر سنوات. وبدأت الشركة في توظيف جيش من الخبراء في مجال الصحة للعمل في أقسام البحث والتطوير التابعة لها، من أجل إعطاء المصداقية لادعائها القائل إنها تطبق العلم لإنتاج المنتجات الأفضل لمستهلكيها. ويقول محمود خان، الطبيب المولود في بريطانيا الذي تم توظيفه لإدارة قسم البحث والتطوير في ''بيبسي'' في بداية عام 2008، إنه ''فوجئ بمدى سرعة تبني هذه الأجندة الجديدة التي تركز على الصحة''.
وتقول ''بيبسي'' إنها تمكنت بالفعل من تحقيق تقدم كبير في صنع ''المنتجات الماتعة لك والأفضل لك'' عن طريق إزالة الزيوت المهدرجة طوعا قبل أن يتم إلزامها بفعل ذلك وعن طريق تقليل كمية السكر والدهون والملح. وهناك الآن كمية أقل من الملح في كيس رقائق البطاطس (الشبس)، كما يقول الدكتور خان، من الكمية الموجودة في شريحة من الخبز الأبيض. والعلامة التجارية الصحية الرائدة لشركة بيبسي هي كويكر، التي تصنع العصيدة والحبوب ورقائق الأرز. وتأمل ''بيبسي'' الاستفادة من خبرتها في تصميم وتغليف المنتجات لجعل هذه السلع أكثر جاذبية، خاصة بالنسبة إلى الأطفال في وقت الإفطار. وتقوم الآن بفحص مشروبات وبسكويت الشوفان، إضافة إلى نكهات جديدة للعصيدة. وستصبح علب شوفان كويكر أيضا أكثر عصرية، على الرغم من أن شعار كويكر (الرجل ذو القبعة السوداء) سيظل. وتقول Nooyi: ''إن هدفنا هو إعادة كتابة قواعد الإفطار''. ليس هناك شك في جدية حملة Nooyi لزيادة مبيعات ''بيبسي'' من المنتجات الصحية, لكن لن يكون من السهل تعزيز تلك المنتجات دون تقويض مبيعات سلعها الأخرى الأقل صحة. علاوة على ذلك، قد لا يعد السياسيون والنشطاء في مجال الصحة العامة بيع مزيد من المنتجات الصحية وفي الوقت نفسه الاستمرار في تحقيق الربح من المنتجات غير الصحية باعتباره أفضل طريقة لمعالجة السمنة

الأكثر قراءة