كيف يمكن إنقاذ البنوك دون استخدام أموال دافعي الضرائب؟
في الآونة الأخيرة، ترتب على دافعي الضرائب في بلدان كثيرة أن يتحملوا الفواتير التي نجمت عن قيام الحكومات بإنقاذ البنوك. إن فكرة أن الحكومة سوف تمد لك يد الإنقاذ إذا ارتكبت الأخطاء تشجع على الإسراف في الإقدام على المجازفة. وقد ولدت عمليات الإنقاذ شعوراً عاماً بالاستياء والامتعاض من التعويضات والأجور التي يتقاضاها المصرفيون، الأمر الذي يجعل من الصعب دفع رواتب منافسة بعد أن يتم إنقاذ أحد البنوك. من هنا، فإن عمليات الإنقاذ التي تفاقم أيضاً العجوزات الحكومية وتؤثر سلباً في خطط الإنفاق الأخرى للحكومات لها كثير من الخصائص غير المرغوب فيها.
ولذلك، يقوم صانعو السياسات بالبحث عن البدائل. ويتمثل أحد هذه البدائل في فرض متطلبات رأسمالية أكثر حزماً على البنوك. غير أن هذا الأسلوب ينطوي على عدة مشاكل. وتستطيع البنوك أن تلبي المتطلبات الإضافية بطريقتين: إما عبر إصدار الأسهم أو عبر بيع الأصول. وكما تبين التجربة الأخيرة، فإن إقدام البنك على بيع الأصول يمكن أن يتمخض عن البيع بأسعار محروقة وأن يؤدي إلى التسبب في المشاكل للبنك إذا كان الأخير قد أقرض أموالا للبنك بضمانة الأصول التي نحن بصددها. وعليه فإن عملية البيع سوف تسبب المشاكل لبقية الاقتصاد.
وقد ينطوي إصدار الأسهم على مشاكل إذا اعتبر حملتها ضخ الأسهم بمثابة تحويل للثروة إلى حملة السندات. وزيادة على ذلك، فإن إصدار الأسهم سوف يتسبب في مشاكل وكالة بين حملة الأسهم والإدارة إذا انتهى الأمر بالبنك نتيجة لذلك بوجود سيولة زائدة لديه سوف يتم استخدامها للاستثمار في مشاريع ذات قيمة سلبية حالياً. ويعتبر إصدار الأسهم أيضا غير فاعل على الصعيد الضريبي إلى الحد الذي تخضع فيه كلفة الدين إلى خصم الضريبة في حين أن كلفة السهم لا تخضع لهذا الخصم. وأخيراً، قد يعتبر إصدار الأسهم مؤشراً سلبياً يدل على أن البنك في مشكلة أسوأ مما يعتقد بصورة عامة.
إننا نقترح بديلاً لذلك: إن البنوك التي تعتبر أكبر من أن تفشل ستكون قادرة على تلبية المتطلبات الرأسمالية عبر إصدار سندات قابلة للتحويل بصورة إلزامية، وتدعى هذه السندات أيضا سندات طارئة قابلة للتحويل. إن السند القابل للتحويل بصورة إلزامية هو سند يتعين تحويله إلى سهم عندما يقع حدث معين. وستعمل هذه الآلية على النحو التالي:
يتم تحويل السند القابل للتحويل إلى أسهم قيمة الواحد منها يورو واحد كلما انخفضت قيمة السهم تحت مستوى يتم تحديده مقدماً. ويكون هذا المستوى فوق يورو واحد بكثير، لأنه ينبغي أن يكون موافقاً لهيكلية رأسمالية يصبح فيها احتمال حدوث متاعب مالية كبيراً. ومن أجل النقاش، لنفترض أن هذا المستوى للسهم يساوي خمسة يورو للسهم الواحد.
بعد إتمام عملية التحويل يخير حملة الأسهم الأصليون بإعادة شراء الأسهم المحولة من حملة السندات القابلة للتحويل بسعر التحويل نفسه (يورو واحد) خلال فترة زمنية محددة، لنقل إنها شهر.يمكن لحملة الأسهم الذين لا يرغبون في ممارسة هذا الخيار أن يبيعوا الأسهم لمستثمرين آخرين.
كان أول من اقترح فكرة قيام البنوك بإصدار السندات الطارئة القابلة للتحويل هو مارك فلانري، الأستاذ الزائر في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ويعكف الفيدرالي على دراسة هذا المقترح.
إن الفكرة من ذلك هي تحويل الدين إلى أسهم من دون اللجوء إلى إجراءات إشهار الإفلاس والمفاوضات المكلفة لكن الجديد في أسلوبنا هو أنه يضيف إلى ذلك إعطاء حملة الأسهم خيار شراء الأسهم التي تنتج عن عملية التحويل بسعر تحويل الدين.
إن الهيكل الذي نقترحه يحاول معالجة المشكلة الرئيسية التي تنطوي عليها السندات الطارئة القابلة للتحويل والتي أشارت إليها صحيفة فاينانشيال تايمز: وهي أن وجود هذا السند القابل للتحويل في هيكلية رأس المال يمكن أن يؤدي إلى عملية موت لولبية تغذي ذاتها بذاتها. ذلك أن قلق المستثمرين بشأن إمكانية الذوبان والقلق غير المبرر بشأن سلامة أوضاع البنك يمكن أن يؤدي إلى موجة من البيع المدفوعة بعامل الفزع. وإن حلقة الموت اللولبي المدفوعة بانعدام الثقة سوف تؤدي إلى تحول وذوبان حملة الأسهم من دون ضرورة لذلك.
إن إعطاء حملة الأسهم خيار إعادة شراء الأسهم يحل مشكلة الخوف من حلقة الموت اللوبي. ذلك أنه يحول دون قيام حملة السندات بانتزاع الشركة من حملة الأسهم عندما تنهار أسعار الأسهم من دون سبب جوهري، لأنه في هذه الحالة، سوف يتعين على حملة السندات أن يعيدوا بيع الأسهم التي حصلوا عليها من خلال التحويل إلى حملة الأسهم بسعر التحويل. وزيادة على ذلك، فإن أي بيع بدافع الفزع يؤدي إلى تحويل وذوبان غير مبرر من الناحية الاقتصادية يمكن تعطيله عبر ممارسة حملة الأسهم حق الشفعة أو طلب شراء الأسهم.
إضافة إلى ذلك، ومقارنة بزيادة متطلبات رأس المال ببساطة، فإن السند الطارئ القابل للتحويل المقترن بحق الشفعة له الميزات التالية:
سوف يتم تحول الدين إلى أسهم من دون تزويد المصرفيين بنقدية زائدة، الأمر الذي يلغي مشكلة الوكالة المتمثلة في تدفق النقد الحر.
لن يتعين بيع أية أصول لتلبية المتطلبات الرأسمالية، الأمر الذي يمنع انتشار الآثار السلبية الناجمة عن البيع المحروق.
بما أن حملة الأسهم لديهم حق إعادة شراء الأسهم، فلا حاجة لأن يقلقوا من أن الدائنين (الذين ربما يكونون بنوكاً أخرى) سوف يستخدمون السند القابل للتحويل للاستيلاء على الشركة من دون أن يقوموا بدفع ثمن سيطرتهم عليها.
عندما تقوم إحدى الشركات بإصدار الأسهم فإن جميع أصحاب الديون المعرضة للخطر يستفيدون في العادة، الأمر الذي يعتبر بمثابة تحويل للثروة من حملة الأسهم إلى حملة السندات. ونتيجة لذلك، يرفض حملة الأسهم دفع الأموال من اجل إنقاذ حملة السندات. ولكن في حالتنا، فإن لدى حملة الأسهم حق الاختيار إذا كانوا راغبين في تجنب الذوبان: ذلك أن آليتنا تعتبر في جوهرها طريقة لخفض المسؤولية المحدودة للسهم التي هي مصدر خلافين كبيرين بين حملة السندات وحملة الأسهم: الإفراط في المجازفة ورفض إعادة الرسملة عندما تقع الشركة في مشكلة مالية. وفي حالتنا، لا يوجد تحويل كبير للثروة لأن هذه الهيكلية تقدم ضمانة للدائنين بأنه سيتم سدادهم إذا أصبح احتمال وقوع المشكلة المالية كبيراً ( وهو ما نعرفه باللحظة التي يلامس فيها سعر السهم خمسة يورو).
إضافة إلى ذلك، تعمل آليتنا للتحويل بصورة تلقائية وسريعة، وهي تتجنب المفاوضات المطولة التي نشاهدها في عمليات إعادة هيكلية الديون. ويمكن أن تكتسب السرعة أهمية بالفعل في أوقات الأزمات المالية.
أخيراً، بما أن القرارات الخاصة بإصدار الأسهم والتحويل تكون مبنية على معايير محددة سلفاً، فلن يعطي التحويل ولا إصدار الأسهم مؤشراً سلبياً بذاته. إن عملية إعادة الرسملة يحكمها عقد ولا تحكمها قرارات جهة تنظيمية يمكن أن تكون شخصاً لديه معلومات دقيقة جداً عن الوضع المالي للبنوك.
وبطبيعة الحال، فإن الحل المتمثل بالسند القابل للتحويل ليس هو الطريقة الوحيدة لتجنب قيام الحكومات بعمليات الإنقاذ في المستقبل. إن هدفنا هو اقتراح أداة بديلة لتكون في صندوق العدة الخاص بإدارة المخاطر.