الخميس, 1 مايو 2025 | 3 ذو القَعْدةِ 1446


مشكلة الموظفين في الصناعة المالية الإسلامية.. حلول مقترحة

ما زالت مشكلة توافر الكوادر البشرية المؤهلة تؤرق القائمين على العمل المصرفي الإسلامي خصوصاً والصناعة المالية الإسلامية عموماً. ببعديها المهني الاحترافي والبعد المتعلق بالجانب الديني المتمثل في الفهم والاقتناع برسالة التمويل الإسلامي والالتزام بها. وهذا هو مكمن التحدي بخصوص موظفي المصارف الإسلامية. ويشير جميع المهتمين إلى المشكلة وخطورتها على مستقبل الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية. إلا أن هناك القليل من اجتهد في وصف العلاج لهذه المشكلة وكيفية حلها.سوف أتجاوز وصف المشكلة إلى اقتراح حلول عملية قد تساعد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية على تحقيق شرطيّ الاحتراف المهني والالتزام الديني لدى موظفي المؤسسات والمصارف الإسلامية.
تعتمد استراتيجية الموارد البشرية للصناعة المالية الإسلامية على محورين أساسيين:
المحور الأول: التطوير والتدريب
يتعلق هذا المحور بمساعدة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية على تغطية حاجتها المتزايدة من الموظفين المتخصصين في الجانب المالي والاقتصادي, إضافةً إلى الجانب الشرعي. ويتم هذا الإعداد في مرحلة ما قبل تسلم هؤلاء لأعمالهم من خلال إنشاء تخصصات مستقلة وأقسام خاصة في الجامعات ومراكز التعليم والتدريب. ويتم إعداد البرامج التعليمية والتدريبية على شكل تركيبة تجمع ما بين العلم المالي والاقتصادي والعلم الشرعي. وبالتالي فإن المطلوب إنشاء أقسام مستقلة في كليات الاقتصاد والعلوم الإدارية والمالية، أو حتى كليات كاملة تختص بتزويد السوق المحلية والإقليمية بحاجته من هذا النوع النادر من الموظفين.
ولا أعتقد في هذا المقام أن الدورات التدريبية والشهادات المهنية كافية وحدها لسد العجز الحاصل في الموظفين، لأن المطلوب أعمق مما تتيحه هذه الدورات على عجالة لا تزيد عن سنة واحدة في كثير من الحالات ولا تتعدى مستوى ''الدبلوم المهني''، هذا إذا افترضنا أن كل الجهات التي تمنح هذه الشهادات تمتلك المؤهلات الضرورية اللازمة لمنح هذه الشهادات، ولا تسعى للربح المادي السريع على حساب الجودة.
أما بخصوص الموظفين الحاليين فيتم ذلك من خلال تكثيف دورات التدريب والتأهيل، بشرط أن تتصدى لهذه الدورات جهات لها مقدرة وسمعة جيدة في مجال إعداد وتطوير الكوادر البشرية، وأقترح أن يكون هناك تشريعات محلية وعالمية تنظم ''صناعة'' التدريب المالي الإسلامي.
أما البعد الآخر في التطوير والتدريب فيتمثل في خلق حالة من الوعي لدى موظفي المصارف الإسلامية بأهمية وحساسية المهام التي يؤدونها في تعزيز المقدرة التنافسية لمؤسساتهم، وإيصال رسالة الإسلام من خلال العمل المصرفي، وإعدادهم فنياً وفكرياً لاستيعاب التغيرات التي ستطرأ على العمليات المصرفية وأساليب الاستثمار والتمويل، وطبيعة التحديات المفروضة على هذه المصارف والمؤسسات بحكم عملها في بيئة اقتصادية منفتحة على التغيرات المحلية والعالمية.
المحور الثاني: قيادة التغير
يتصف التغيير الحاصل في الصناعة المالية عموماً والإسلامية خصوصاً بالعمق والتنوع، إذ إنه بات يطول العمليات المالية والمصرفية المختلفة، كما أصبحت البيئة التنافسية متسعة على مدى العالم كله بحكم حركة التحرر المالي والاقتصادي التي تجتاح دول العالم، وهذا يتطلب توجهاً فعلياً نحو التغيير لمواكبة التطورات التي تحدث بشكل متسارع.
وبالتالي فإن قيادة هذا التغيير يجب أن تتم من قبل المديرين الذين يمتلكون صفات خاصة تتمثل بعمق الوعي وسعة الاطلاع والمرونة الكافية لتبني استراتيجيات ملائمة، وتسهيل اندماج مؤسسات العمل المصرفي والمالي الإسلامي في البيئة الاقتصادية والمالية العالمية لخلق التغيير المنشود نحو نظام مالي إسلامي عالمي.
إن الإدارات التقليدية الحالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية مدعوة لاتخاذ قرار استراتيجي شجاع يتناسب مع حجم التحديات، ويتمثل في إفساح المجال أمام القيادات المصرفية الشابة التي تتميز بالحماس والمرونة اللازمين وإعطائها دوراً أكبر في القرارات المهمة لإحداث التغيير الاستراتيجي المأمول لمواجهة التحديات الجديدة.
يشار إلى أن بعض المصارف الإسلامية باتت تتبنى كثيراً من النقاط التي عرضت في سبيل تطوير الموارد البشرية فيها وتحسين كفاءتها في الجانبين المهني والشرعي. كما تقدمت بعض المصارف الإسلامية خطوة أكبر بإفساح المجال فعلاً للقادة المصرفيين الشباب للقيام بدورهم في قيادة التغيير المأمول نحو مستقبل أفضل للصناعة المالية والمصرفية الإسلامية. وهذا ما نأمل انتشاره في باقي المؤسسات والمصارف الإسلامية كمتابعين ومؤيدين للصناعة المالية الإسلامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي