أطلس الصور الفضائية.. مفخرة سعودية وإنجاز علمي وتنموي رائد
جسد المشروع الرائد ''أطلس الصور الفضائية للمملكة العربية السعودية''، الذي رعته ومولته مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، حكاية جديرة بأن تروى لجميع السعوديين، كونه تسخير لأحدث تقنيات العصر في خدمة الأهداف الوطنية الكبرى، مهما كلّف ذلك من جهد ووقت ومال. وحين يصنع الملحمة علماء سعوديون فمعنى ذلك أن عهد استهلاك المدنية قد ولى، فقد أصبحنا شركاء في حضارة العصر تماما كما كان أجدادنا في عصور ذهبية.
تتويج السّفر الذهبي
إذا كان الأطلس بعد طباعته الرائعة يوجز لكل من يتصفحه عناوين ما بذل فيه من جهود بحثية ومتابعة علمية وعملية، وما وظّف فيه من تقنيات متقدمة، فإن الفضل - بعد الله- يعود إلى ولي العهد الأمين الذي أنشأ صرحه الخيري المتفرد رسالة ومحتوى واستراتيجيات وتطلعات.
فالمؤسسة هي راعي المشروع منذ أن بزغ فكرة جريئة تشبه تحديا للذات، وهي التي قدمت التمويل الكبير، وتابعت خطوات العمل غير المسبوق من ألفها إلى يائها، بإشراف شخصي ومباشر من الأمين العام للمؤسسة الأمير فيصل بن سلطان بن عبد العزيز.
ومضى سلطان الخير كعهدنا به، فأضاف إلى مكرمته صفحة أخرى من صفحات سخائه المشهور، بأن توّج الأطلس بكلمة استهلالية بهية، أشاد فيها بأبنائه البررة من الباحثين الكبار الذين لبّوا نداء الوطن واستجابوا للتحدي الإيجابي، فنهضوا بهذه المهمة المشرّفة خير قيام.
وقد استهل الأمير سلطان كلمته الضافية بالفخر بالذين عملوا في ظل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، لإنجاز هذا السفر الجليل، من علماء هذا الوطن سَدنةُ العقل ورواد التجربة وحملة المشاعل.وحض رجالات العلم في المملكة على مواصلة العطاء في هذا الحقل الحيوي، متمثلين قول خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم:
''من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم''، مشددا على ضرورة أن تسهم أمة الإسلام في منجزات العلم النافع على غرار السلف الصالح الذين كان لهم دور ريادي يدعو إلى الاعتزاز والمثابرة على النهج المشرّف نفسه، لمواجهة تحديات الحاضر ومقتضيات المستقبل الزاهر بإذن الله.وخلص ولي العهد إلى أن هذا العمل الجميل، دليل عملي على أن ''العلم ليس حكراً على أحد، أكان ذلك الأحد فرداً أم مؤسسة أم دولة، فبادر أيها العالم السعودي وبادر أيها العالم العربي، المستقبل ليس الذي يأتي فهذا كأنه أتى وكأنه مضى وانقضى، بل المستقبل هو ما تذهب أنت إليه، وحده المستقبل، ومن حصاد أمثال هذا المستقبل الذي أنت تسعى إليه يتكون مستقبل شعب ومستقبل أمة بل وربما مستقبل الحضارة البشرية المعاصرة''.
لسنا عابري سبيل
حرص الأمير فيصل بن سلطان بن عبد العزيز في تقديمه للأطلس، على التأكيد بأننا أمة علم وحضارة:'' ولسنا عابري سبيل وضيوفاً على العلم ولا على الحضارة، وبعد لم يتفكك سرادق المجد ولم تفقد خيمة العز عمودها، بل ها هم علماء هذا الوطن رحالة العلوم الفضائية يجدفون بمجاديف العقل والتجربة، علماء من ذوات أنفسنا يلتحقون بركب جغرافيين أفذاذ وعلماء أعلام ''.
#2#
وذكر الأمير فيصل نماذج من أولئك الأعلام في مختلف القرون الغابرة، مثل: الكندي والبتاني والمراكشي والبيروني وابن بطلان في المشرق والإدريسي في المغرب، والقزويني وياقوت الحموي والأصطخري والمقريزي والمسعودي وابن حوقل، وصولا إلى ابن خلدون ومؤلفي الأعمال الموسوعية الكبرى كالنويري والقلقشندي والوطواط والعالم الخليجي والبحار الرائد ابن ماجد، وكذلك الرحالة الكبير ابن بطوطة صاحب أطول رحلة فردية في تاريخ البشرية الذي ينوف تطوافه على ما يقارب سبعة أضعاف محيط الكرة الأرضية.
وخلص الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، إلى القول: ''ستظل المملكة بعون الله وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وبعلمائها وأهل البصيرة فيها تمضي قدماً إلى تسلم نصيبها من حصيلة تراكم التفوق العلمي المميز من خلال دورها الحضاري والشراكة في دفة هذا الكون نحو مستقبل أفضل. ولن نتخلى عن هذا الدور من بعد أبدا''.
#3#
الأطلس والتقنية الفضائية
أنجزت مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية أخيراً هذا المشروع العلمي الرائد على مستوى المنطقة''أطلس الصور الفضائية للملكة العربية السعودية''، من خلال تعاون علمي مع كل من: مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء في جامعة الملك سعود، معهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الهيئة العامة للمساحة، فضلا عن شركة جيوسبيس في مدينة سالزبورغ النمساوية.
واستغرق إنجاز هذا العمل الجبار نحو سنتين من الجهود الفائقة، التي بذلها فريق علمي يضم أكثر من 30 خبيرا سعوديا في التخصصات الرفيعة المختلفة واللازمة للقيام بهذه المهمة الجليلة، برئاسة المشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ. من الجدير بالذكر أن تقنية الاستشعار عن بعد التي تم توظيفها في إعداد هذا الأطلس تأتي في صدارة التقنيات المتقدمة، التي تستخدم في استكشاف تضاريس الأرض ومواردها ومسطحاتها المائية وغلافها الجوي، وكذلك في دراسة تلك العناصر الحيوية ذات الأثر الحاسم في العلم والتنمية حاضرا ومستقبلا.ولقد ساهمت تقنيات الاستشعار عن بعد وخاصة نظم الأقمار الصناعية المخصصة لمراقبة سطح الأرض في فتح آفاق واسعة للبحث العلمي في مجال دراسة الموارد الأرضية والبيئة بما تقدمه من مزايا مهمة تتمثل بالكفاءة العالية في كشف ومسح هذه الموارد وتوزعها وبيان حالتها. وتتصف هذه التقنيات الدائمة التطور باتساع التغطية ودقة المعلومات، كما تتجلى في المقدرة على متابعة الظواهر الطبيعية والمساهمة في حل المشكلات البيئية كالتلوث والتصحر وغيرهما .والأطلس الذي بلغت تكلفة إعداده وطباعته الفاخرة والأنيقة الملائمة لطبيعته نحو ستة ملايين ريال، يحتوي على أربعة فصول تغطي صفحات الكتاب ال357 من المقاس الكبير، وهي تبدأ بعد تمهيد عن تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، بالفصل الأول المخصص لجغرافية المملكة الطبيعية انطلاقا من بيان خصائص موقعها الفذ، ومكانتها الفريدة، ليتحدث الفصل الثاني عن أبرز المدن السعودية (18 مدينة في مختلف المناطق)، في حين أفرد الفصل الثالث مساحة 82 صفحة، لتغطية تطبيقات الاستشعار عن بعد، لأهم المعالم الجيولوجية والطبوغرافية والطقس والمناخ والموارد المائية والزراعة والثروة الحيوانية والحياة الفطرية والنمو الحضري لمدينتي الرياض وحائل.أما المساحة الكبرى من الأطلس(وتقرب من 180 صفحة)، فتضم الصور الفضائية لجميع أرجاء المملكة، من حزم الجلاميد شمالا، حتى جزر فرسان في أقصى الجنوب الغربي للمملكة. ومن الجدير بالذكر أن المؤسسة وفرت الأطلس في أسطوانة مدمجة DVD، تعرضه حاسوبيا بأناقة وسائل الاتصال المتعددة ''ملتيميديا''.
#4#
الهيكل التنظيمي للمشروع
الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ المشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، جامعة الملك سعود ''رئيس المشروع''، الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب الرئيس لمعاهد البحوث – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ''نائب رئيس المشروع''، المهندس علي وفا عبد الرحمن أبوريشة مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، جامعة الملك سعود ''مساعد رئيس المشروع والمنسق العام''، الدكتور خالد عبد الرحمن الحمودي
مدير جامعة القصيم ''مستشاراً''، الدكتور لوثر بيكل مدير شركة جيوسبيس، من النمسا ''مستشاراً''، وقد ضم المشروع لجانا عديدة حظيت بتمثيل نخبة من المتخصصين من جهات عديدة، وهي:
أولاً: جامعة الملك سعود: الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ، المهندس علي وفا عبد الرحمن أبو ريشة، الدكتور يحيى محمد شيخ أبو الخير، الدكتور عبد الله محمد القرني، الدكتور أحمد حمد الفرحان، الدكتور عبد العزيز سليمان الطرباق، الدكتور رشود محمد الخريف، الدكتور عبد الله عبد الرحمن السعدون، الدكتور عبد العزيز بن عبد الله بن لعبون، الدكتور فهد محمد الكليبي، الدكتور عبد الله محمد الشارخ، الدكتور سعود ليلى الرويلي، والدكتور عبد العظيم شهوان أحمد سلام.
ثانياً: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود، الدكتور فهد سليمان العريفي، الدكتور محمد عبد العزيز الدايل، الدكتور عبد القادر محمد السري، الدكتور عبد العزيز محمد الماضي، وليد أمين ملا، الدكتور محمد نبيل الشلبي. ثالثاً: الهيئة العامة للمساحة: الدكتور لواء ركن عبد العزيز إبراهيم العبيداء، العقيد باتع زيد الشمري، المقدم فهد عبد الرحمن العتيبي، شاكر فراج العسبلي، وطلال حسين السبيعي. رابعاً: جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: الدكتور خطاب غالب الهناني، الدكتور عدلي خليل السعافين. خامساً: جامعة الملك عبد العزيز: الدكتور محمد هداية الله قاري. سادساً: الهيئة العليا للسياحة: الدكتور وليد كساب الحميدي. سابعاً: الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها: علي عبد العزيز العساف، عبد العزيز محمد المهنا. التدقيق اللغوي للنصوص العربية: الدكتور أحمد البراء الأميري. ترجمة النصوص إلى اللغة الإنجليزية: عثمان عبد الرحمن لولن.