القانون الجديد للأسواق المالية يدرس.. ويجب تكوين سلطة مالية عليا تشرف على التنظيم وفقا للمعايير العالمية
بعد توقف دام سنتين عاود مجلس النواب اللبناني مناقشة مشروع قانون الأسواق المالية الذي يهدف إلى إطلاق دور لبنان كمركز مالي لاستقطاب وتوجيه رؤوس الأموال لتأمين التمويل المتوسط والطويل المدى للدولة والشركات في القطاع العام .ويوضح رئيس اللجنة النيابية المكلفة درس المشروع ووزير الاقتصاد السابق ياسين جابر أنه بات من الضروري تعديل قانون البورصة الحالي في لبنان الذي يعود في مضمونه إلى مرحلة الستينيات، وبالتالي وضع تشريعات تتلاءم والمفاهيم والمعايير الحديثة لدور البورصة والأسواق المالية لكي تكون على المستوى الذي يحتاج إليه الاقتصاد اللبناني.
وقال النائب جابر لـ «الاقتصادية» إن تطوير البورصة لتقوم بدورها في تعزيز ونمو تطور الاقتصاد يفترض اعتماد أحدث أساليب العمل ووسائله الحديثة، ولتحقيق ذلك يجب تكوين سلطة مالية عليا تشرف على تنظيم وإنشاء جميع أنواع ألأسواق المالية وفقا للمعايير العالمية المتعارف عليها من جهة، وأن تكون مستقلة في ممارسة مهامها عن باقي السلطات السياسية والمؤسسات الخاصة المعنية بالعمليات التي تتم من خلال الأسواق المالية من جهة أخرى. وعن كيفية عمل هذه الهيئة لفت جابر إلى أن المؤسسات المالية التي تضطلع بالعمليات الجارية في الأسواق تشرف بشكل رئيسي على كل الأسواق ولكنها لن تستطيع وفقا للقانون الجديد أن تؤثر في قدرة هذه الهيئة التي ستعمل وفقا لأسلوب مستقل وتقوم بنفسها بكل مهمات الإشراف على العمليات المالية اليومية تمهيدا لتنظيم الأسواق والبورصة في لبنان. وكذلك فإن من صلاحيات هذه الهيئة الترخيص بإنشاء بورصة أو أسواق مالية جديدة ومراقبة عملها والمحافظة على سلامة الادخار الموظف بالصكوك والحقوق المالية المعدّة للاكتتاب العام، كما المحافظة على سلامة الادخار الموظف في الأسواق المالية بغية تطوير وتشجيع الاستثمار في تلك الأسواق.
وإزاء التضارب في دور هذه الهيئة وباقي السلطات المالية في القطاعين العام والخاص، تحدث النائب جابر أن هذه الهيئة ستعتبر شخصا معنويا من أشخاص القانون العام وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي دون أن تخضع لقواعد الإدارة وتسيير الأعمال والرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع الخاص. وكشف أن المشروع يؤكد على منح هذه الهيئة الصلاحيات الممنوحة بموجب قوانين سابقة إلى مصرف لبنان، والمتعلقة بتنظيم الأسواق المالية مع مراعاة سلطة مصرف لبنان الرقابية على المؤسسات التي يتناول موضوعها الرئيسي عمليات التسليف والإقراض بصورة مهنية على جميع أنواعه. فضلا عن وضع الإطار التنظيمي العام لإدراج الأدوات المالية وتحديث النشرات والمعلومات الواجب تقديمها في إطار عمليات الاكتتاب العام، التي تتيح للغير من مستثمرين ومستشارين متخصصين القيام بتقييم جدي لأصول التزامات المصدر ووضعه المالي وأرباحه وخسائره والحقوق المتعلقة بالأدوات المالية المعروضة للاكتتاب وكذلك إنشاء صندوق تعويض المستثمرين بهدف التعويض على الأشخاص الذين تكبّدوا خسائر مالية نتيجة عجز مالي أو سوء تصرف اقترحه أحد المديرين أو أي مستخدم لدى أي جهة تمارس الأعمال الخاصة بالأدوات المالية.
وردا على سؤال عن كيفية ضمان الشفافية في عمل هذه الهيئة قال النائب جابر إن القانون حظّر على أعضاء الهيئة، ومن أجل تأمين التجرّد الكامل في عملهم، أن تكون لهم خلال مدة ولايتهم أية منفعة في مؤسسة خاصة لها علاقة بالأسواق المالية. كذلك فرض على عضو مجلس الإدارة أن يتقدم قبل مباشرة مهامه وعند انتهائها بتصريح عن الثروة التي يملكها وزوجته وأولاده وفقا لقانون الإثراء غير المشروع. كذلك حرص المشروع على تأمين أكبر قدر من الانضباط والشفافية باعتبارهما يشكلان العمود الفقري لقيام أسواق مالية سليمة وفاعلة من خلال النصوص التي تتيح إجراء ملاحقات إدارية وجزائية بحق المخالفين، إضافة إلى إنشاء محكمة خاصة للبت في قضايا البورصة والأسواق المالية أسوة بما هو معمول به في القطاع المصرفي بالنظر إلى طبيعة تلك القضايا ولضرورة الإسراع في البت في المنازعات الناشئة عن عمليات التداول. وعن توقيت إقرار المشروع ليصبح نافذا أكد رئيس اللجنة المكلفة الدراسة أنه لن يتم قبل إنجاز مشروع الموازنة العامة لعام 2010 الذي لا يزال في نطاق البحث في مجلس الوزراء، لكنه لفت إلى ضرورة الإسراع في إنجازه والعمل به نظرا إلى الحاجة الملحة إليه.