دراسة: ربحية المصارف الخليجية آخذة في الارتفاع
تواصل إيرادات الخدمات المصرفية في الشرق الأوسط تفوّقها على المعيار الدولي، حيث سجّل 22 من أصل 33 مصرفاً في منطقة الشرق الأوسط نمواً في الإيرادات في عام 2009 مقابل عام 2008، في المقابل، حافظت عائدات المصارف العالمية على ركودها منذ عام 2006.
وتُشير نتائج الأرباح في الشرق الأوسط إلى أن أسوأ ما شهدته الأزمة المالية قد يكون ولىّ، ولاسيما أن أكثر من نصف المصارف حققت ارتفاعاً في أرباحها، وهو ما يشير إلى أن الفجوة بين المصارف في دول الخليج ونظيراتها الدولية آخذة في الاتساع.واستناداً إلى دراسة جديدة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية حديثاً وتنشرها حصرياً ''الاقتصادية''، فإن استمرار تراجع الأرباح اضطر المصارف في الشرق الأوسط لرفع احتياطياتها بشكل كبير في العام 2009، مع أن معظم المصارف في المنطقة بقيت تحت المعدّل المسجّل في العام الماضي عندما ارتفعت الاحتياطيات بمعدّل يزيد على 300 في المائة.
وأشارت الدراسة إلى زيادة في إيرادات المصارف في كل من السعودية، الإمارات وقطر، فيما شهدت الدول الأخرى تراجعاً في إيرادات المصارف. وفي ما يتعلّق بالأرباح، فقد حققت المصارف السعودية نمواً بنسبة 7 في المائة عام 2009 في حين تراجعت أرباح المصارف في الإمارات والكويت بنسبة تزيد على 20 في المائة، كذلك الأمر بالنسبة لعمان حيث انخفضت الأرباح بنسبة تقارب 50 في المائة.
وكشفت الدراسة عن ارتفاع في احتياطيات خسائر القروض بشكل كبير في جميع دول المنطقة تقريباً، من 48 في المائة في السعودية إلى 139 في المائة في الإمارات وصولاً إلى 293 في المائة في عمان و347 في المائة في قطر.
وأوضحت مجموعة بوسطن الاستشارية انهيار أرباح الخدمات المصرفية للشركات في عام 2009 بنسبة تزيد على 25 في المائة في مؤشر أداء دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يعود إلى حد كبير إلى تراجع أرباح هذا القطاع في السعودية.
وبيّن الدكتور راينهولد ليشتفوس، الشريك الأول والمدير الإداري في مكتب دبي لمجموعة بوسطن الاستشارية وقائد أعمال الخدمات المالية في المجموعة لمنطقة الشرق الأوسط، أن القطاع المصرفي يُظهر بوادر إنتعاش في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يُشير إلى أن أسوأ ما شهدته الأزمة المالية العالمية قد أصبح وراءنا. وأضاف ''واصلت الإيرادات المصرفية تحقيق نمو في الشرق الأوسط في عام 2009، ولو بوتيرة أبطأ من الماضي رغم الارتفاع في احتياطيات خسائر القروض. من هنا، تواصل المصارف في الشرق الأوسط تبوأ مركزا أفضل مقارنة بنظيراتها العالمية''.
وترتكز الدراسة على النتائج السنوية لعام 2009 التي سجلتها المصارف في الربع الأول من عام 2010، حيث تشكل جزءاً من المؤشرات السنوية التي تُصدرها الشركة للخدمات المصرفية والخدمات المصرفية للأفراد. يتم قياس هذه الخدمات من خلال التطوّر الذي تشهده الإيرادات المصرفية (إيرادات التشغيل) والأرباح في المصارف العالمية الرائدة.
المصارف الشرق أوسطية تتفوّق على نظيراتها العالمية
تواصل إيرادات الخدمات المصرفية في الشرق الأوسط تفوّقها على المعيار الدولي، حيث سجّل 22 من أصل 33 مصرفاً يشملها المؤشر، نمواً في الإيرادات في عام 2009 مقابل عام 2008، على الرغم من أن معدّل النمو المعتدل والبالغ 7 في المائة يبقى أقل من النمو البارز المسجّل في السنوات السابقة. في المقابل، حافظت عائدات المصارف العالمية على ركودها منذ عام 2006 استناداً إلى مؤشر مجموعة بوسطن الاستشارية، مع استمرار تراجع الأرباح.
مؤشرات أداء المصارف الشرق أوسطية مقابل المصارف العالمية
تُشير نتائج الأرباح في الشرق الأوسط إلى أن أسوأ ما شهدته الأزمة المالية قد يكون ولىّ، ولاسيما أن أكثر من نصف المصارف المشمولة في المؤشر حققت ارتفاعاً في أرباحها. من هذا المنطلق، فإن الفجوة بين المصارف في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ونظيراتها الدولية آخذة في الاتساع.
ويعود السبب الرئيس للضغط الذي تتركه الأرباح الحالية في احتياطيات خسائر القروض العالية لدى المصارف العالمية، والتي ارتفعت بنسبة تزيد على 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي. كذلك، اضطرت المصارف في الشرق الأوسط إلى رفع احتياطياتها بشكل كبير في عام 2009، مع الإشارة إلى أن معظم المصارف في المنطقة بقيت تحت المعدّل المسجّل في العام الماضي عندما ارتفعت الاحتياطيات بمعدّل يزيد على 300 في المائة، وضمن المنطقة أيضاً، كانت الإمارات الأكثر تأثراً 40 في المائة من مجموع احتياطيات خسائر القروض سجّلتها المصارف الإماراتية، وهو ما يمثّل ارتفاعاً مهما في حصتها التي كانت تبلغ 23 في المائة عام 2008. ومن المتوقع أن تحافظ احتياطيات خسائر القروض على مستوى عالٍ في عام 2010.
اختلاف أداء الخدمات المصرفية بين الدول
يختلف أداء الخدمات المصرفية بين الدول، ففيما زادت إيرادات المصارف في كل من السعودية، الإمارات وقطر، شهدت الدول الأخرى تراجعاً في إيرادات المصارف. وفي ما يتعلّق بالأرباح، حققت المصارف السعودية نمواً بنسبة 7 في المائة عام 2009 في حين تراجعت أرباح المصارف في الإمارات والكويت بنسبة تزيد على 20 في المائة، وينطبق الأمر على عمان، حيث انخفضت الأرباح بنسبة تقارب 50 في المائة، أما في مسألة إحتياطيات خسائر القروض، فقد ارتفعت بشكل كبير في جميع دول المنطقة تقريباً، فقد بلغت 48 في المائة في السعودية ، فيما 139 في المائة في الإمارات وصولاً إلى 293 في المائة في عمان و347 في المائة في قطر. في الواقع، اضطرت معظم المصارف في المنطقة إلى زيادة حجم احتياطياتها في النصف الثاني من عام 2009.
تقلّص الهوامش يزيد الضغط على أعمال الخدمات المصرفية للأفراد
بعد أن بلغت عائدات الخدمات المصرفية للأفراد ذروتها في عام 2006 وانخفاضها في العام 2007، شهدت عائدات هذا القطاع في منطقة الخليج نمواً مستمراً على مدى السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 3 في المائة وذلك في ظل استمرار تراجع مؤشر الأرباح. ويأتي هذا النمو، إلى حد ما، مدفوعاً بحجم المصارف السعودية المتمثلة في نموذج المصارف الذي تعتمده مجموعة بوسطن الاستشارية، حيث حافظت المصارف في السعودية على المستوى عينه من عام 2005 حتى عام 2009.
وفيما حافظت نتائج المصارف السعودية على المستوى عينه خلال السنوات الأخيرة، تمكنت المصارف في الدول الأخرى في المنطقة من تحقيق معدلات نمو بارزة، ترأسها المصارف في الإمارات التي حققت نمواً سنوياً بنسبة 27 في المائة منذ عام 2005. ومع ذلك، فقد عادت المصارف في جميع أنحاء المنطقة لتحقيق عائدات بنسبة أقل من 10 في المائة عام 2009. وشهدت المصارف السعودية انخفاضاً في أرباح خدماتها المصرفية للأفراد منذ عام 2006. ومع أن المصارف في الإمارات، البحرين وعمان تمكنت من زيادة أرباحها في هذا القطاع على مدى السنوات الخمس الأخيرة، إلا أن معظم المصارف في عام 2009 سجّلت تراجعاً في أرباحها. وفي الإطار عينه، فإن هوامش خدمات الأفراد المتقلّصة هي أحد الأسباب المؤدية إلى ركود الإيرادات وتراجع الأرباح. ويشرح الدكتور ليستفوس بقوله ''المنافسة المتنامية وزيادة تكلفة المخاطر، تزيد من جهتها الضغط على الخدمات المصرفية للأفراد، فقد كافح عديد من المصارف في المنطقة لتحقيق حصة في السوق، وذلك في ظل إرتفاع معدلات أسعار الفائدة على الودائع وانخفاض التمويل الاستهلاكي فضلاً عن معدلات الرهن العقاري. مع أن ذلك مناسب للمستهلك على سبيل المثال، الحصول على قرض لتمويل سيارة بنسبة 3.99 في المائة وفي الوقت عينه تحقيق عائد على الودائع بنسبة 3.75 في المائة إلا أنه يعني مواجهة المصارف صعوبة في تحقيق عائدات كافية''.
وأضاف ''مع أن بعض المصارف تسعى إلى زيادة الدخل من الرسوم بهدف تضييق الفجوة، إلا أن هذا الأمر لن يحقق النتيجة المبتغاة بل ينبغي على المصارف تحسين قوة مبيعاتها بغية زيادة أرباحها من المستهلك''.
السبب الثاني الكامن وراء انخفاض إيرادات الفوائد هو السلوك السلبي للمصرف تجاه منح قروض جديدة. هذا الأمر يخفّض حجم القروض بما يؤدي إلى خفض هوامش الفائدة، وبالتالي يؤكد الحاجة إلى وجود مكتب ائتماني، الأمر الذي تتم مناقشته حالياً في الإمارات، بما من شأنه تقليل عدد القروض المتعثّرة وإعادة الثقة بالعمليات المالية التي يضطلع بها المصرف.
انهيار أرباح الخدمات المصرفية للشركات بعد سنوات من النمو
حقق قطاع الخدمات المصرفية للشركات نمواً كبيراً في الإيرادات بلغت نسبته 20 في المائة سنوياً على مدى السنوات الماضية، مع الإشارة إلى أن الإيرادات قد تضاعفت منذ عام 2005 إلى عام 2009. وانهارت أرباح الخدمات المصرفية للشركات في عام 2009 بنسبة تزيد على 25 في المائة في مؤشر أداء دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يعود إلى حد كبير إلى تراجع أرباح هذا القطاع في السعودية.
كذلك، يُعزى هذا الأمر جزئياً إلى الصعوبات التي واجهتها مصارف الخدمات المصرفية للشركات في السعودية، لاسيما عندما كشفت بعض الشركات السعودية عن مواجهتها صعوبات في تسديد الديون المستحقة. ومع أن المصارف الأخرى في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كانت حتى الآن أقل تأثراً، إلا أنها تأثرت بعض الشيء؛ ومن المتوقع أن تشهد المصارف نمواّ إضافياً في احتياطيات خسائر القروض في عام 2010. هذه الوقائع تُظهر مرة أخرى مدى أهمية الإدارة المتفوّقة للمخاطر بالنسبة إلى المصرف من حول العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط.
يذكر أن هذا العام تم توسيع مؤشر مجموعة بوسطن الاستشارية ليشمل 33 مصرفاً من مختلف أنحاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويمثل المؤشر الجديد الذي تُصدره مجموعة بوسطن الاستشارية، أكثر من 75 في المائة من مجموع السوق المصرفية في منطقة الخليج.