داود .. فقيه «المشتقات» لا يتردد في إجازتها
## من قال إن التحوط محرم شرعا؟
لا يتردد أحد الفقهاء البارزين في التشديد على أن التحوط هو من التعاملات المالية الجائزة شرعاً في الإسلام، بل حتى لا ينبغي أن تفكر الصناعة في حظر المشتقات.
وقال الدكتور محمد داود بكر إن المصرفية الإسلامية لا تستطيع الابتعاد عن إدارة المخاطر سواء قبل قيامها بالعملية المالية أو بعد انتهائها من تنفيذ العملية التجارية.
وتابع: «من الممكن أن يكون لدينا تعاملات تحوط إسلامية، لكننا لا نستطيع أن نسمح بالمضاربة الإسلامية. تعاملات التحوط جائزة شرعاً».
وقال الفقيه الماليزي الذي يحتل المرتبة الخامسة عالميا من حيث عدد الهيئات الشرعية التي ينتمي إليها بحسب تصنيف مؤسسة فوندز آت وورك، «لا نستطيع أن نحظر أو نحرم المشتقات الإسلامية. فهي لازمة ومطلوبة. بعض المتحدثين في المنتديات يغلب عليهم أن يعطوا أمثلة متطرفة من «عقود التأمين على السندات ضد التعثر» CDS على أنها من الأسباب التي أدت إلى انهيار عدد من كبريات المؤسسات المالية في الولايات المتحدة (بمعنى أنهم يجادلون ضد السماح بالتحوط في المصرفية الإسلامية). وتابع بكر»لكن عقود التأمين هذه لا تمثل الصورة الكاملة عن المشتقات».
يذكر أن تعبير «قود التأمين على السندات»أصبح يدور على كل لسان في الأسواق المالية في أعقاب الانهيار المذهل لعدد من الأسماء الكبرى في الولايات المتحدة أثناء الأزمة المالية.
وتابع بكر أن المشتقات ضرورية لنمو المالية الإسلامية. وأضاف: «بسبب الأزمة المالية صُوِّرت المشتقات في السوق بصورة سلبية. باعتبارنا من الفقهاء الإسلاميين ينبغي علينا أن نبين بوضوح للسوق أننا بحاجة إلى وجود المشتقات لحماية الاستثمارات من المخاطر الحقيقية التي تواجهها المصرفية الإسلامية. تشتمل المخاطر الحقيقية على مخاطر العملات ومخاطر السوق ومخاطر الاستثمار. إذا لم يتم التصدي لهذه المخاطر باستخدام منتجات التحوط فإن من شأن ذلك جلب الضرر للصناعة ككل».
إن التحوط ضد المخاطر هو من الأمور التي تشغل بال البنوك في العادة، بما فيها المؤسسات المالية الإسلامية. وهي تسير جنباً إلى جنب مع إدارة المخاطر المتعلقة بالسيولة وكذلك إدارة الموجودات والمطلوبات.
تنشأ مخاطر الخزانة Treasury risks من إدارة الموارد المالية للمؤسسات المالية من حيث إدارة النقد وإدارة حقوق الملكية وإدارة السيولة ذات الأجل القصير، إلى جانب إدارة الموجودات والمطلوبات.
وقال بكر إن مبادئ حماية رأس المال وإدارة المخاطر والتحوط ضد المخاطر هي من حيث الأساس من المبادئ العامة المقبولة في الشريعة الإسلامية طالما ظلت بعيدة عن:(أ) التعامل بالربا قبضاً أو صرفاً (ب) اللبس في التسعير والموضوع والجوانب المهمة الأخرى في العقود (مثل الغرر) (ج) أي عنصر أو بند أو ممارسة تناقض الغرض الأساسي الذي يقوم عليه العقد (مثلا ضمان رأس المال في عقود الاستثمار).
وكانت مصادر في داخل صناعة المال الإسلامية قد قالت لـ «الاقتصادية» في وقت سابق أن هناك توجه ملموسا في الفترة الأخيرة من قبل بعض الفقهاء الماليزيين، ولاسيما البارزين منهم في المناداة باستخدام المشتقات «الإسلامية» وذلك من خلال المنتديات الاقتصادية الكبرى التي يوجدون فيها والتي تتناول جوانب التمويل الإسلامي.
ولوحظ من قبل الفقهاء محاولتهم نشر الجانب التثقيفي لهذا النوع من الأدوات المالية، في الوقت الذي تبين فيه أن بعض المصرفيين الإسلاميين ليسوا على دراية كاملة بمخاطرها.
حينها حذر عبد الباري مشعل المدير العام لشركة رقابة للاستشارات المالية الإسلامية، خلال حديثه لـ «الاقتصادية» من مغبة وقوع المؤسسات المالية الإسلامية في «فخ» تداول الديون على حد وصفه. وقال مشعل: «ليس هناك رضا كامل على الخبرات الماليزية في الخليج. المصرفية «الماليوية» - يقصد الماليزية- عندها انفتاح من حيث تداول الدين، وليس شيئا محمودا قضية الاهتمام بتداول الديون كمنتج و بناء المشتقات و تراكمها دون حراك سلعي في الاقتصاد. المشتقات المالية ليست خير كلها وليست شرا كلها».
وتابع: « الحقيقة نريد أن نتحفظ بألا يكون هذا الاتجاه الجديد فرصة لإيقاع المصرفية الإسلامية في فخ تداول الديون وإنما التفكير في ابتكار وتعديل المنتجات التي تخدم العمل السلعي. فلاشك أن تداول الديون أمر مطلوب ويحقق مصلحة لمالك الدين لكونه يتخلص من الدين ويحصل على السيولة من أجل الاستثمار والتطور، فهذا الاتجاه فيه مصلحة للمصرفية. لكن قضية فصل التداول عن الملكية و الأعيان هو الضار للاقتصاد ولاينبغي أن تتجه آلية جهود التطوير».
وعن الدعوات المتزايدة لتداول المشتقات الإسلامية بعد أن تمت إجازتها من الفقهاء الآسيويين، يقول مشعل« ليس كل شيء مباح هو قابل للتطبيق على مستوى الاقتصاد والمستوى المؤسسي .لابد له من التقييد من قبل السلطات الإشرافية أو المنع بالنظر لآثاره السلبية».
بعض الفقهاء الشرعيين يجيزون المشتقات طالما كان استخدامها للتحوط من المخاطر القائمة على الأدوات الاستثمارية الحالية، وليس في سبيل المضاربة. إلا أنه ليس من السهل تبرير هذه الحجة.
وهنا يقول أجيل نات, كبير التنفيذيين في جامعة أنسيف الماليزية، «إن الإسلام يشجعنا على إدارة المخاطر. ولكن أين تنتهي إدارة المخاطر؟ وأين يبدأ القمار؟».