الرفاعي يشبّه السعي وراء المشتقات بقصة آدم وحواء والفاكهة المحرّمة

الرفاعي يشبّه السعي وراء المشتقات بقصة آدم وحواء والفاكهة المحرّمة

ماجد الرفاعي، مؤسس بنك يونيكورن الاستثماري، يشَبِّه السعي للمشتقات الإسلامية بقصة آدم وحواء والفاكهة المحرمة. ويقول في تصريح خص به «الاقتصادية»: «لدينا سوق لم يبدأ فيها المستثمرون الإسلاميون حتى بتطوير محافظ متوازنة من الأموال النقدية والسندات والأسهم، وبالتالي لا فكرة لدي عن السبب الذي من أجله نريد السعي بقوة لإدخال مشتقات ذات خطورة عالية. المشتقات، بحكم طبيعتها نفسها، لا تستند إلى فئة موجودات معرفة بشكل واضح، حيث إن تعريف الموجودات بصورة واضحة هو الأساس الذي تقوم عليه جميع تعاملات المصرفية الإسلامية. لذلك من رأيي أنه يجب علينا أن نركز على طرح منتجات إسلامية تفي باحتياجات زبائننا، وليس هيكلة أدوات مالية سيظل مدى التزامها بالأحكام الشرعية موضع تساؤل دائم.
وكان الشيخ محمد تقي عثماني قد قال في كلمته التي ألقاها في قمة دافوس ونشرتها «الاقتصادية» «تبين أن بعض هذه المؤسسات (يقصد المؤسسات الإسلامية) تسعى لتقليد كل منتج يُطرح في سوق المصرفية التقليدية، إلى درجة أنه يجري البحث الآن عن بدائل للمشتقات. إذا لم يتوقف هذا الاتجاه العام فإنها ستفقد جميع السمات الخاصة التي تميزها».
ولم تتمكن «الاقتصادية» من أخذ إجابة مباشرة من الفقيه الباكستاني البارز حول الحكم الشرعي من التعامل مع المشتقات. ومع هذا فلا يعرف ماذا كان عثماني يحتفظ برأيه الشرعي حول تلميحه بتحريم المشتقات والذي أطلقه قبل سنوات إبان مقابلة نادرة معه من قبل مجلة «ميديل إيست بانكر»: حيث لم يكن الشيخ الباكستاني مقتنعا بالجهود التي تقوم بها البنوك الإسلامية لتطوير مشتقات إسلامية وفق الأحكام الشرعية.
وقال عثماني: «إنها مخالفة تماماً للمبادئ والأحكام الشرعية، وأنا أرى أنه يجدر بنا حتى ألا ندخل هذا المجال من الأصل.» وهو يختلف بشدة مع جهود البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية لتأتي بنسخ إسلامية من كل منتج وخدمة في المصرفية التقليدية، وهي جهود حتى «لا تهتم بالنظر في الآليات التي تشتمل عليها هذه الأدوات».
وأضاف «يمكن للمشتقات أن تعطي إمكانية تحقيق عوائد مالية كبيرة، ويمكن أن تعمل كشكل من أشكال التأمين ضد تقلب أسعار السلع على سبيل المثال، من خلال نقل المخاطرة من شخص لا يستطيع تحمل خسارة كبيرة إلى شخص يستطيع التحوط ضد الخسارة من خلال شراء بعض المشتقات الأخرى».
وكان جون ساندويك، مستشار إدارة الأصول والثروات الإسلامية قد قال في وقت سابق إنه: «يجب علينا أن نتذكر أنه سيظل هناك أناس يسيئون استخدام المشتقات في عالم الاستثمار.هذا الوضع لن يتغير حتى لو كان لدينا مشتقات مهيكلة وفق الأحكام الشرعية».
ويفضل بعض المستثمرين الابتعاد عن المشتقات على اعتبار أن الموجودات التي تقوم عليها هذه المشتقات يمكن أن تكون غير معروفة، كما تبين لكثير من البنوك الغربية والمستثمرين في الغرب الذين أغرقتهم الخسائر إبان الأزمة العالمية.
في أعقاب عدد من الفضائح التي شغلت وسائل الإعلام، فإن التشكك في جدوى المشتقات لا يقتصر على العالم الإسلامي. في الولايات المتحدة انهار صندوق التحوط لونج تيرم كابيتال مانجمنت (الذي لا يدل اسمه على معناه، لأن لونج تيرم معناها الأمد الطويل) وأصيب بالإفلاس نتيجة لتداولاته في سوق المشتقات.
لكن أسوأ وأشهر مثال على خطر التداول في المشتقات جاء في عام 1995، حين انهار بنك بيرنجز، وهو واحد من أقدم البنوك التجارية البريطانية، تحت ثقل الخسائر الضخمة التي تكبدها البنك بسبب تداولات أحد الموظفين، وهو نِك ليسون، ودخوله في استثمارات خاسرة في العقود الآجلة للمؤشرات دون تفويض من رؤسائه.
وعن أثر المشتقات في الأزمة العالمية، يقول ساندويك :«وصف وارين بوفيت المشتقات بأنها «أسلحة الدمار الشامل» المالي، ليس بسبب قوتها، وإنما بسبب جوانب ضعفها. نحن نعلم جميعاً أن المشتقات يمكن أن يساء استخدامها كذلك، تماماً مثل كثير من المنتجات الجديدة العظيمة في الأسواق المالية في عصرنا الحاضر. مشكلة المشتقات هي أنها ذات تكلفة قليلة، وهي طريقة ذات كفاءة عالية بالنسبة للمستثمرين على نحو يدفعهم بكل سهولة للمقامرة من خلالها». ويواصل: «بالنسبة لهؤلاء المستثمرين لا تعتبر المشتقات أداة لإدارة المخاطر، وإنما هي لتعظيم المخاطر (والمكاسب المحتملة من وراء ذلك). في هذه الناحية بالذات نستطيع أن نرى الاستخدام السيئ الفعلي للمشتقات».
وفي الإطار ذاته تلام صناديق التحوط بسبب الأزمة الطاحنة في الأسهم المالية التي حدثت في السنه الماضية، ولكن يقول بعض المصرفيين إن أدوات صناديق التحوط، مثل المشتقات، يمكن أن تساعد البنوك الإسلامية على إدارة المخاطر في الوقت الذي تنمو فيه الصناعة وراء أسواق المتخصصة التقليدية. وقال الجهاز التنظيمي المسؤول عن البورصات في ماليزيا، وهو هيئة الأوراق المالية، إنها ستمنح تراخيص لإنشاء صناديق تحوط إسلامية تفي بمتطلباتها.
وقالت هيئة الأوراق المالية الماليزية إن صناديق التحوط تستطيع إضافة السيولة في السوق مع تعزيزها لعملية اكتشاف الأسعار، كما «أنها ستعمل إلى حد كبير على غرار صناديق التحوط التقليدية، باستثناء أن استراتيجيتها الاستثمارية ستكون ملتزمة بالأحكام الشرعية».

الأكثر قراءة