البنوك الإسلامية متهمة باستقطاب القيادات «الربوية» وإعاقة تطبيق مفاهيم الاقتصاد الإسلامي

البنوك الإسلامية متهمة باستقطاب القيادات «الربوية» وإعاقة تطبيق مفاهيم الاقتصاد الإسلامي

شن مسؤول مصرفي هجوماً حاداً على البنوك الإسلامية وطريقة أدائها في العمل منذ إنشائها حتى الوقت الراهن، مبيناً أن الاستراتيجية التي تسير عليها هذه البنوك تحتاج إلى ''إعادة نظر ورؤية جديدة للاستمرار''.
وفتح عبد الباري مشعل الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي النار من كل جانب على البنوك الإسلامية، وبعض العاملين فيها، مقدماً عديداً من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة على حد قوله، ومنها: لماذا البنوك الإسلامية لا تزال حتى اليوم تتجه نحو السوق الدولية؟ ولماذا لم تعمد هذه البنوك إلى خلق سوق إسلامية في العالم الإسلامي؟
واتهم مشعل البنوك الإسلامية باستقطاب القيادات ''الربوية'' لإدارتها، وأن هذه القيادات هي العائق الحقيقي أمام تطبيق مقاصد الاقتصاد الإسلامي، والتوجه نحو الاقتصاد الحقيقي الذي يخدم الفرد والمجتمع.
وقال مشعل لـ ''الاقتصادية'' في حديث جريء إن القيادات الربوية التي تدير بعض البنوك الإسلامية اليوم لا تستطيع أن تتفهم طبيعة الصيغ الإسلامية وما تتطلبه من إجراءات وتقارنها دائماً بطبيعة التمويل الربوي الذي نشأت عليه، الأمر الذي أحدث نوعاً من عدم التوازن في البنوك الإسلامية.
وعاد مشعل ليطرح تساؤلاً على البنوك الإسلامية حول فلسفة تخفيض العائد، فبينما تربح هذه البنوك من الأفراد ما بين 2 إلى 4 في المائة فلماذا ترضى بأن تربح عائداً 1 في المائة فقط من السوق الدولية؟
وأوضح الخبير في الهيئة الشرعية للرقابة والتصنيف في البنوك الإسلامية أن هناك أموراً مهمة يجب أن تثار في المجال المصرفي الإسلامي، يأتي في مقدمتها طريقة وأداء البنوك الإسلامية، وتعاملها مع محيطها في العالم الإسلامي.
وقال ''عوضاً عن الحديث كثيراً عن شبهات قد لا يكون لها نقاط ارتكاز قوية، لم لا يثار تساؤلات عديدة منها لماذا البنوك الإسلامية حتى الآن ما زالت تتجه نحو السوق الدولية؟ لماذا لم تعمد البنوك الإسلامية إلى خلق سوق إسلامية في بلاد المسلمين، تعمل على تتبع احتياجات العملاء من الأفراد والشركات وتلبيتها بمنتجات جديدة تلائم هذه الاحتياجات وبالتالي تحول هذه الاستثمارات الخارجية في الأسواق الدولية لتضخ مرة أخرى في البلاد الإسلامية؟ لماذا إلى الآن البنوك الإسلامية تقوم بجمع الأموال من البلاد الإسلامية وتصدرها إلى الأسواق الغربية؟
وأشار مشعل إلى أن هذا الموضوع يحتاج إلى رؤية استراتيجية في البنوك الإسلامية، مضيفاً أنه من الداعمين لمشروع بورصة دبي للسلع، وأي جهد مماثل مثل البوابة الإلكترونية لإدارة السيولة بين البنوك الإسلامية من خلال مركز دبي المالي، وأي عمل مؤسسي عالمي يستهدف تدوير أموال المسلمين في بلادهم. وتابع: ''ما الذي يمنعنا جميعنا من دعم سوق السلع في دبي لتكون سوقاً إسلامية، بل وتصبح نقطة جذب للاستثمارات والأموال الغربية لتأتي إلى بلاد المسلمين''.
وأضاف: ''سعر الفائدة العالمي اليوم لا يتجاوز 1 في المائة، وكثير من البنوك الإسلامية تثقل على عملائها من الفائدة في المرابحة الشرعية، في الوقت الذي تتداول فيه سعر العائد بين البنوك نفسها 1 في المائة، إذاً سعر فائدة 2 في المائة أو 3 في المائة يعد مربحاً جداً للبنوك الإسلامية عندما توجهها للشركات والأفراد في المجتمع''.
وكشف مشعل أن قول البعض إن إجراءات المعاملات الإسلامية مطولة ومعقدة ما هي إلا شماعة تلجأ إليها القيادات الربوية التي دخلت البنوك الإسلامية دون أن تتشبع بمبادئ وقيم الاقتصاد الإسلامي، وأن تتقمص أهداف الاقتصاد الإسلامي وما يريده في المجتمع.
وأردف قائلاً: ''هذه القيادات لا تستطيع أن تتفهم طبيعة الصيغ الإسلامية وما تتطلبه من إجراءات، ودائماً ما تقارنها بطبيعة التمويل بالقروض الربوية التي نشأت عليها، لقد تم استقطابهم نظراً لخبرتهم التقليدية وهو ما أحدث عدم توازن في البنوك الإسلامية، إذا كان هناك شخص تنفيذي أو ذو صلاحيات يعمل في البنوك الإسلامية وهو يفتقد للحصيلة أو الخبرة في التمويل الإسلامي، أو فلسفة المصرف الإسلامي، فما الذي تتصور أن يحدثه من تغيير على صعيد البنك الإسلامي''.
وزاد: ''التصور الوحيد هو القيام بمقارنة صيغة التمويل الإسلامي بصيغة التمويل بالقرض البسيط التقليدي، بينما التمويل الإسلامي يحتاج إلى علاقات مع الموردين الذين يملكون السلع، والمقاولين الذين يبنون المجمعات، وهناك دراسات جدوى لمنع المخاطر الأخلاقية أكثر دقة، كما يجب وجود علاقة مع الأطراف الأخرى من يرغبون في التمويل تفرض شبكة من العلاقات، وقدراً ممن الحرص أكثر مما يتطلبه القرض الربوي''.
ويتابع ''بالتالي الأشخاص الذين تبوؤوا مناصب رفيعة في البنوك الإسلامية وهم لا يملكون الخبرة، ودائماً يستخدمون طبيعة الإجراءات التي تتطلبها المعاملات الإسلامية ''كشماعة'' في هذا الخصوص، والحقيقة أن هؤلاء هم العقبة أمام توجه البنوك الإسلامية إلى التوسع في التمويل الحقيقي للأفراد والشركات، وهم من يدفعون ويضغطون لتوسيع التورق بحكم أنه أشبه ما يكون بإجراءات القرض الربوي''.
وأشار مشعل إلى أن البنوك الإسلامية والإدارات العليا يلقى عليها اللوم من حيث كيفية استقطاب قيادات من هذا النوع لإدارة المصارف الإسلامية، مضيفاً: ''أنا أرى أنه لا مانع من استقطاب العاملين في البنوك الربوية وتأهيلهم كموظفين لتسيير العمل، لكن لا يمكن أن نستقطب القائد، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، نريد قيادات للبنوك الإسلامية ذوي خبرة لعشرات السنين يمكنه إثراؤها، الخبرات الربوية كلها متطابقة، ولا تملك سوى القرض أو ما يشبهه''.
كما انتقد مشعل عدم وجود حساب استثماري في البنوك السعودية، وقال ''لا يمكنك كعميل أن تنشئ حساباً استثمارياً خاصاً بك وتحصل منه على عائد مضاربة شرعية، مبيناً البنوك الإسلامية الموجودة في السعودية تقول أن أموال العملاء تأتيها مجاناً فلماذا تفتح أعينهم على حساب استثماري يدر عليهم عوائد.
وتابع ''هذه الفلسفة لا تتناسب مع طبيعة التعاون الذي يفرضه الاقتصاد الإسلامي، أنت تحصل على أموال من الحساب الجاري، لكن ينبغي كذلك أن تتيح الفرصة للناس أن تفتح حساباً استثمارياً يدر عليهم عوائد من استثمارات البنك نفسه، وهناك بعض البنوك التي بدأت القيام بذلك أخيراً''.

الأكثر قراءة