الصيرفة الإسلامية والأزمة العالمية
سعادة الأستاذ / عبدالوهاب الفايز المكرم، رئيس تحرير «الاقتصادية» ومجلة « المصرفية الإسلامية» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حفل عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بظهور وانتشار عديد من البنوك والمؤسسات المالية التي تبني معاملاتها على أن تكون متوافقة مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، خاصة في جانبها الاقتصادي والمالي.
وبسبب تنامي الشعور الديني لدى شعوب العالم الإسلامي، شهدت المصرفية الإسلامية تطورا وانتشارا خلال العقود الأربعة الماضية ليصل عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية حاليا إلى ما يزيد على 500 مؤسسة مصرفية تنتشر في 75 دولة تتوزع على القارات الخمس، وبحجم أصول يقارب 700 مليار دولار أمريكي، وإذا أخذنا في الاعتبار النوافذ الإسلامية في البنوك التقليدية فإن هذا الرقم لن يقل عن 800 مليار دولار، وبمتوسط نمو سنوي أكثر من 15 في المئة.
والمتتبع لأداء البنوك الإسلامية على مستوى العالم في الآونة الأخيرة يجد أنها لم تطلها الأزمة الحالية، وذلك بسبب طبيعة تعاملاتها وطبيعة الأدوات المالية المستخدمة فيها كالمرابحات والمشاركات والمضاربات والإجارة والسلم والاستصناع.. فالبنوك الإسلامية لا تتعامل في شراء أو بيع الديون كما هو الحال في النظام التقليدي لأن هذه المعاملة محرمة في الشريعة الإسلامية.. إضافة إلى أنها حرمت أيضا بيع الإنسان ما لا يملك أو ما ليس عنده وهذا ما يعرف حاليا بالبيع على المكشوف.. كما أنها لا تبيح التعامل بأسلوب الشراء بالهامش القائم على الشراء دون دفع قيمة، وكذلك النهي عن بيع ما لم يقبض، فلا بد من انتقال ملكية المبيع فعليا وليس ورقيا حتى يكون محل التعامل سلعا حقيقية يتم تداولها بشكل فعلي وليست مجرد تعاملات وهمية تزيد من الضغوط التضخمية على الاقتصاد وتؤدي إلى انهيارات كبيرة في الأسواق المالية كما حدث أخيرا.
والذي يؤكد إمكان نجاح المعايير الإسلامية في التخفيف من حدة الأزمة المالية العالمية لجوء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى حظر عمليات البيع على المكشوف في أسواقها المالية، وبذلك تكون قد منعت منتجات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية. هذا ما أكده علماؤنا الأفاضل، ومنهم الدكتور يوسف الزامل والدكتور سامي سويلم والدكتور السحيباني وغيرهم، كما أكده فضيلة الشيخ عبد الله المنيع في حواره القيم مع مجلتكم الغراء في عددها رقم 10 الذي نشر في فبراير الماضي >
سعد العتيبي - مكة المكرمة