اليونان تقدم « تضحيات كبرى» مقابل علاج قاسٍ لإنقاذها من الديون
أبرمت الحكومة اليونانية اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أمس، يفتح الباب أمام مساعدة مالية بمليارات اليورو، ولكن لا يزال الأمر يتطلب تضحيات كبيرة من الشعب اليوناني.
وطبقا لـ ''رويترز'' أكد جورج باباندريو رئيس وزراء اليونان أنه من المتوقع أن يصل حجم البرنامج إلى 120 مليار يورو (160 مليار دولار) على مدار ثلاثة أعوام ويمثل أول خطة إنقاذ لعضو في منطقة اليورو التي تضم 16 دولة ويهدف لكبح أزمة دين هزت الأسواق العالمية.
وقال باباندريو في اجتماع وزارى ''إنها خطة دعم غير مسبوقة لجهد غير مسبوق من الشعب اليوناني''.
وأضاف ''تمنحنا هذه التضحيات فرصة لالتقاط الأنفاس والوقت الذي نحتاج إليه لإجراء تغييرات كبرى. أريد أن أقول لليونانيين بأمانة إن أمامنا محنة صعبة''.
وعرض جورج باباكونستانتينو وزير المالية تفاصيل الاتفاق قبل أن يتوجه إلى اجتماع مع نظرائه في منطقة اليورو في وقت لاحق أمس، في بروكسل حيث يتوقع أن يقر التكتل اتفاق المساعدة.
وقال باباكونستانتينو إن حجم الاتفاق سيعلن في بروكسل، ولكنه سيغطي جزءا كبيرا من احتياجات الاقتراض اليونانية على مدار السنوات الثلاث المقبلة.
وأوضح الوزير أن إجراءات التقشف ستخفض العجز في ميزانية اليونان بواقع 30 مليار يورو على مدار ثلاثة أعوام، إلى جانب الإجراءات المتفق عليها بالفعل.
وتنص الخطة على خفض العجز إلى 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي و7.6 في المائة في عام 2011 و6.5 في عام 2012.
وتوقع أن ينخفض العجز إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهو الحد الأقصى بحلول عام 2014.
وتنبأ بأن يرتفع الدين إلى نحو 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 قبل أن يبدأ تراجعه بداية من عام 2014.
وتابع أن الإجراءات تشمل رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 23 في المائة من 21 في المائة وزيادة الضرائب على الوقود والخمور بنسبة عشرة في المائة وخفضا آخر للأجور ومعاشات التقاعد في القطاع العام.
#2#
وفي بيان أوصى جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية بأن تقدم أوروبا المعونة ووصف البرنامج بأنه إجراءات تقشف ''قوية ومعقولة''.
وقال باروزو ''ستكون هذه المساعدة حاسمة لإعادة الاقتصاد اليوناني إلى المسار الصحيح والحفاظ على استقرار منطقة اليورو''.
وتأمل اليونان ومساندوها الدوليون أن تحول الصفقة دون امتداد الأزمة إلى أعضاء آخرين في منطقة اليورو، يعانون ضعف الأوضاع المالية مثل: البرتغال وإسبانيا.
ورغم أن اليونان تسهم بنحو 2.5 في المائة فقط من الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو فإن مشكلاتها هزت الثقة في عملة المنطقة وعمقت المخاوف العالمية بشأن الدين السيادي الذي تراكم خلال الأزمة المالية.
ويقول اقتصاديون إنه في حالة فشل خطة الإنقاذ التي أبرمت أمس، في تهدئة الأسواق قد ينتهي الحال بتحمل الدول الأوروبية نصف تريليون يورو (650 مليار دولار) لإنقاذ عدة دول عدا اليونان.
وخفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف ديون البرتغال وإسبانيا الأسبوع الحالي، وقد تستهدفهما السوق ما لم يعالجا العجز لديهما سريعا.
ومن جهتهم، عبر اليونانيون عن غضبهم تجاه هذه الإصلاحات وقالوا إنها ستؤثر في مستويات معيشتهم.
وقال كرياكوس دانيزيس وهو من أصحاب المعاشات ''أتوقع وأخشى أن يكون هناك رد فعل عنيف. ستنفذ الحكومة الإجراءات الجديدة بشكل أو بآخر.
ولكن الناس سيخرجون إلى الشوارع ولا أدري كيف ستتم السيطرة على الأمور''.
بينما ذكر يوناني عاطل عن العمل يدعى نيكوس ماتشارياس ''بالتأكيد إذا فقدنا مزيدا من المزايا يجب ألا ندفع مزيدا من الأموال، وستكون هناك ردود فعل.
لقد اعتدنا طريقة معينة في الحياة وإذا حرمونا فإن ذلك سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لنا''.أما مارجريتا زيماري فتساءلت في غضب ''ماذا يمكن أن نفعل.. لم يتحلوا بالمسؤولية لفترة طويلة والآن سيضطر الناس إلى دفع ''الثمن''. الجميع سيدفعون من أجل ذلك. ماذا نفعل لتغيير هذا الوضع''.
وقال موظف يدعى ديمتريس أيكونومديس ''ما أريد أن أعرفه -والناس مسؤولون عن ذلك- هل سيدفع الناس.. أشخاص آخرون هم من سرقوا هذه الأموال. فهل سيدفع الناس تلك الأموال.. الصغار هم من يدفعون في نهاية المطاف''.
وتنبأ بأن يرتفع الدين إلى نحو 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 قبل أن يبدأ تراجعه بداية من عام 2014.
ورغم أن اليونان تسهم بنحو 2.5 في المائة فقط من الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو، فإن مشكلاتها هزت الثقة في عملة المنطقة وعمقت المخاوف العالمية بشأن الدين السيادي الذي تراكم خلال الأزمة المالية.
ويقول اقتصاديون إنه في حالة فشل خطة الإنقاذ التي أبرمت في تهدئة الأسواق قد ينتهي الحال بتحمل الدول الأوروبية نصف تريليون يورو (650 ملياردولار) لإنقاذ عدة دول عدا اليونان.
وطبقا لتحليل لوكالة الأنباء الفرنسية أنه يتوقع أن تصل الديون العامة إلى 133,3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة وستواصل الارتفاع إلى 149,1% في 2013 قبل أن تبدأ بالتراجع في 2014 إلى 144,3 في المائة.
وبين الإجراءات الرئيسية إلغاء الشهرين الثالث عشر والرابع عشر في رواتب الموظفين في القطاع العام والشهرين الثالث عشر والرابع عشر للمتقاعدين وسيتم تعويضهما بعلاوات لذوي الدخل المتدني.
وقال الوزير اليوناني إنه يتوقع أيضا اعتبارا من هذه السنة، زيادة نقطة إلى نقطتين على الضريبة المضافة البالغة حاليا 21 في المائة.
وأكد جورج باباكونستانتينو ''سيكون لدينا الرد الذي ننتظره من شركائنا، وهم جميعا يعرفون الرهانات، وجميعا يعرفون برنامجنا''، في حين يتطلب الاتفاق موافقة دول منطقة اليورو.
ورأى أن المساعدة المالية التي ستقرر دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي صرفها مقابل هذا العلاج القاسي هي ''الأكبر التي تقدم لدولة ما على الإطلاق''.
وأوضح أن القيمة الإجمالية لهذه المساعدة ''ستعلن في بروكسل''، لكنه أكد أنه الرقم الذي تتداوله الصحافة في الأيام الأخيرة.
وبحسب باريس، فإن المساعدة المتوقعة من الأموال ستسمح ''بتغطية القسم الأكبر من حاجتنا إلى القروض على مدى السنوات الثلاث المقبلة''، بحسب باباكونستاتينو.
وقال ''إننا بذلك نؤمن الحماية من الانكشاف في الأسواق حتى نهاية 2012 لكن هدفنا ليس استيعاب كل هذا المال، وإنما العودة في أسرع وقت ممكن إلى الأسواق''.
وبين أن ''التمويل (من جانب الأوروبيين وصندوق النقد الدولي) سيكون تدريجيا ومشروطا بمراقبة فصلية''. واعتبر أن هذا العلاج هو ''السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد.
وأن غالبية اليونانيين تدعمنا لأنها تدرك أننا لا نريد أن نكذب على الناس''.
وقالت الوكالة الألمانية أمس، إنه من المنتظر أن تعلن دول منطقة اليورو فتح الباب طواعية أمام البنوك الخاصة والاستعانة بها لتمويل اليونان للخروج بها من أزمتها الطاحنة.
من ناحية أخرى من المقرر أن يكون قد اجتمع وزراء مالية دول اليورو بعد ظهر أمس، للاتفاق حول البدء في تقديم مساعدات عاجلة لليونان وسط تقارير متضاربة حول صدور الموافقة من عدمه. وكشف دبلوماسيون للوكالة أنه من غير المتوقع أن يقدم الاجتماع غير العادي لوزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل موافقة نهائية على تقديم قروض طارئة لليونان.
ومن المرجح أن يقدم وزراء الـ 16 دولة في منطقة اليورو رأيا إيجابيا فيما يتعلق بالمساعدات التي وافقت عليها المفوضية الأوروبية بالفعل فى أعقاب تعهد اليونان بتخفيض عجز موازنتها بمقدار 30 مليار يورو (22 مليار دولار) على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة.
ولكن القرار الأخير للبت فى مسألة تقديم مساعدات من المتوقع أن يترك لقادة منطقة اليورو خلال قمة غير عادية تعقد في وقت لاحق من هذا الأسبوع أو الإثنين العاشر من آيار (مايو) الحالي.
وقال مصدر في الاتحاد الأوروبى إن هيرمان فان رومبي رئيس الاتحاد الأوروبى ''سيدلي ببيان يعلن من خلاله عن موعد القمة'' بعد محادثات وزراء المالية.
وعلى صعيد ردود الفعل الشعبية داخل البلاد حول تنفيذ برنامج الإنقاذ، أعلنت أكبر نقابتين للعمال في اليونان عن تنفيذ إضراب جديد بعد إعلان حكومة أثينا عن برنامجها الصارم للتقشف الذي تسعى من خلاله إلى الخروج من أزمتها الاقتصادية الطاحنة.
وقال سبيروس باباسبيروس رئيس النقابة العامة للعاملين في الدولة في لقاء مع الإذاعة اليونانية ''لقد فقدنا تقريبا 30 في المائة من دخلنا، وهو أمر لا يمكن قبوله هكذا''.
ودعا باباسبيروس مجلس إدارة نقابة الموظفين إلى عقد جلسة خاصة بهذا الشأن. وذكر باباسبيروس أن الموظفين سيمتنعون في الخامس من آيار (مايو) الحالي مدة أربعة وعشرين ساعة عن العمل، كما أنهم يخططون لاتخاذ خطوات أخرى.
ومن جهته أعلن اتحاد نقابات العاملين في القطاع الخاص أمس أن ''الإجراءات القاسية من قبل الحكومة ستقابل بإجراءات قاسية'' من جانبهم.
وكانت الحكومة اليونانية أعلنت قد في وقت سابق اليوم رفع الضرائب وتقليص الأجور تقليصا ضخما كما أعلنت عن تأجيل الإحالة إلى التقاعد.
وتسعى اليونان من خلال هذه الإجراءات إلى توفير مبلغ إجمالي قدره ثلاثون مليار يورو خلال الأعوام الثلاثة المقبلة حتى يتسنى لها الحصول على مساعدات من دول منطقة اليورو ومعونات صندوق النقد الدولي.
تأتي الخطوة اليونانية في أعقاب التوصل إلى اتفاق مع ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية حول خطة الإنقاذ والتقشف على مدى ثلاث سنوات في ظل مراقبة منتظمة كل ثلاثة أشهر لإجراءات التقشف.