تمويل المشاريع الصغيرة يصل إلى مرحلة النضج

تمويل المشاريع الصغيرة يصل إلى مرحلة النضج

يقول آرثر فايلويان، رئيس الخدمات والمنتجات الاستثمارية والمصرفية الخاصة في كريديت سويس في زيورخ: «إن تمويل المشاريع الصغيرة عمل مصرفي، والعمل المصرفي يمثل أساس كفاءتنا، لذا من المنطقي بالنسبة لنا أن نكون ناشطين في هذا المجال».
إن قسم المصرفية الخاصة في كريديت سويس كان ناشطاً في قطاع تمويل المشاريع الصغيرة منذ عام 2000، حيث كان مدفوعاً من جانب الزبائن الذين كانوا يبحثون عن حلول استثمارية تتسم بالمسؤولية الاجتماعية. واكتسب ممثلو كريديت سويس معرفة مباشرة من مبادرات تمويل المشاريع الصغيرة في شتى أرجاء العالم، الأمر الذي منحهم رؤية مفيدة في هذه السوق.
ويشير فايلويان قائلاً: «ثمة فرصة مهمة في هذا المجال. وربما تصل إلى عشرة أضعاف ما تم إنجازه لغاية الآن. ونتحدث في أيامنا هذه حول ما تتراوح قيمته بين 30 و40 مليار دولار من القروض المقدمة إلى المشاريع الصغيرة، وتشير التقديرات إلى أن ذلك يمكن أن يرتفع بسهولة إلى ما بين 200 و300 مليار دولار». ويقع متلقو تمويل المشاريع الصغيرة عند أسفل قاعدة هرم الثروة- وتم الوصول إلى جزء فقط من هذه القاعدة. ويقول فايلويان: «إننا نتحدث عن نحو أربعة إلى خمسة مليارات شخص. وهذا يمثل فرصة هذه السوق: نحو ثلثي سكان العالم».
ويقوم كريديت سويس بتمويل خبراء المال بدلاً من الأفراد من رواد الأعمال. ويقول فايلويان بهذا الصدد: «مما لا شك فيه أننا لا نستطيع أن نكون حاضرين في 40 بلداً حول العالم مع المقترضين من الأفراد. ولذلك فإننا نعيد تمويل مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة، وهم يقومون بأنفسهم باستخدام الأموال لتقديم القروض. ويتمحور العمل حول إعادة تمويل مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة الناجحة والمستدامة. ونعقد شراكات مع شبكات تمويل المشاريع الصغيرة في شتى أرجاء العالم، ومن شأن ذلك أن يعطينا الفرصة للوصول إلى مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة المختلفة. ونحن نتحدث عن مؤسسات تصل قيمة ميزانياتها العمومية إلى نحو 10 إلى 15 مليون دولارا بشكل رئيسي».إن عوائد هذا النشاط كبيرة. ويؤكد فايلويان قائلاً: «إننا نتطلع إلى تحقيق عوائد تقارب عوائد ليبور (معدل الفائدة بين البنوك في لندن)، إضافة إلى بعض نقاط الأساس، على نحو مثالي على مر السنوات. وقد حقق صندوق تمويل المشاريع الصغيرة الذي هو من مسؤوليتنا في واقع الأمر عوائد تقارب عوائد سوق ليبور في منتصف الأزمة. وكانت أفضل سنة هي 2008، حيث حققنا عوائد بلغت 5 – 6 في المائة للزبون» .
لقد ضربت الأزمة هذه السوق، ولكن ليس بقسوة. ويصرح فايلويان قائلاً: «تأثرت البلدان التي توجد فيها مبادرات تمويل المشاريع الصغيرة والقريبة من العالم المتقدم بقوة أكبر بسبب آلية النقل. فعلى سبيل المثال: تأثرت الهند – التي توجد فيها سوق داخلية قوية مقابل حصتها من الصادارت، بأقل من البلدان الأخرى الموجهة نحو التصدير على نحو أكثر». ثمة فائدة خفية للأزمة الاقتصادية: وضع الكوابح على سوق تمويل المشاريع الصغيرة قبل أن تزداد سخونة. ويقول فايلويان: «لقد سررنا حين رأينا مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة تقلل ما تقدمه من القروض حين رأت أن الطلب لم يكن كبيراً مثلما كان في السابق. وبالنظر إلى معدلات النمو التي رأيناها، فإننا بدأنا بالتساؤل حول ما إذا كان هناك الكثير من النشاط والفورة في السوق. وبدلاً من ذلك، هدأت السوق بطريقة منظمة».
ومع مخاوف زيادة السخونة هذه، فهل هناك على الأرجح مخاوف إزاء زيادة العبء على سوق غير متمرسة نسبياً بوجود كثير من الديون؟ يشير فايلويان قائلاً: «عليك دائماً أن تقلق بشأن العبء حين تكون الديون جزءاً من النشاط العملي».
أما اليوم، فتأتي مع الاستثمار «قوانين جديدة، أو تغيير في القوانين، أو في واقع الأمر تثبيت للقوانين، وبعضها مع مبادئ تقول إن على اللاعبين في المجال التمسك بمبادئ حماية الزبون».
ويميل المستثمرون في هذا المجال إلى الاهتمام بأكثر من مجرد العوائد المالية. ويقول فايلويان: «إننا نريد الحصول على ضعف الأرباح الصافية. والأمر الرئيسي هو أن هذا يمثل استثماراً، ولكن يجب أن يكون هناك تأثير اجتماعي ضمني. والمستثمرون الذين تعنيهم المسؤولية الاجتماعية لا يهتمون بالعوائد المالية فحسب، وإنما بتأثير استثماراتهم كذلك».
لكن تمويل المشاريع الصغيرة ليس عملاً خيرياً – إنه استثمار، ولكنه استثمار يصل إلى مرحلة النضوج. ويقول فايلويان حول ذلك: «إننا نرى فعلياً إمكانية وضع تمويل المشاريع الصغيرة في فئة استثمارية بديلة – فئة أصول – بسبب العوائد الجيدة والمخاطر المتدنية. وبإمكانه أن يقلل المخاطر الكلية في محفظتك المالية. ولكن إذا كان ذلك هو السبب الوحيد، فإن الناس لن يفعلوا الأمر لأن السؤال الأهم بالنسبة لهذا النوع من المستثمرين هو «إلى أين تذهب هذه الأموال؟». وبالنسبة لكريديت سويس، فإن تمويل المشاريع الصغيرة هو التزام طويل الأجل. ويقول فايلويان: «قمنا بتوسعة قروضنا من مجرد كونها منتجات قروض بسيطة إلى تقديم القروض إلى أسواق رأس المال، ولدينا الآن عروض أسهم. وبدأنا بمبادرات بناء القدرات للمساعدة على تطوير القطاع بحد ذاته».
ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ يقول فايلويان: «كان لدينا في الماضي حدث لطيف مع بوب غيلدوف أثناء الاحتفال بتمويل مشروع صغير، ولكونه ناشطاً في العالم النامي، فقد صاغ العبارة بشكل لطيف. وحين رأى النشاط مستمراً أكثر فأكثر في مجال تمويل المشاريع الصغيرة قال «إنني شخصياً أحب هذا المجال لأن أسوأ ما يمكن أن ينتهي به الأمر بالنسبة إليك عند تمويل المشاريع الصغيرة هو أن يصبح العمل خيرياً».

تمويل المشاريع الصغيرة في كريديت سويس

في عام 2001، شارك كريديت سويس في إطلاق مبارة الخدمات الاستثمارية للمسؤولية الاجتماعية responsibility Social Investment Services ، ولهذه المبادرة خبرة في الاستثمارات الاجتماعية في الأسواق الناشئة. وابتداءً من نهاية عام 2009، كان كريديت سويس من خلال المسؤولية يدير عدة صناديق استثمارية لتمويل المشاريع الصغيرة، ويصل إجمالي قيمة أصولها إلى مليار دولار. وفي عام 2003 تم إطلاق صندوق تمويل المشاريع الصغيرة للمسؤولية العالمية، ويقدم التمويل إلى 200 مؤسسة لتمويل المشاريع الصغيرة في 45 بلداً نامياً، ويصل إلى أكثر من 300 ألف رجل أعمال مغامر من أصحاب المشاريع الصغيرة.

أسواق رأس المال
في عام 2007، قام كريديت سويس بالتنسيق للاكتتاب العام الأولي لمؤسستين لتمويل المشاريع الصغيرة في المكسيك، بانكو كومبارتاموس Banco Compartamos ، وفاينانسيرا أنديبندسيا Financiera Independencia. وكان إدراج كومبارتاموس أول تعويم عالمي لمؤسسة تمويل مشاريع صغيرة.
بناء القدرات
في عام 2008، أطلق كريديت سويس مبادرة بناء القدرات لتمويل المشاريع الصغيرة، بعد أن أدرك أن مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة بحاجة إلى الدعم من حيث رأس المال البشري، إضافة إلى احتياجاتها المالية. وتقدم المبادرة منحاً سنوية للتدريب الإداري لمؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة في شتى أرجاء العالم.

الأكثر قراءة