طرق بعض قضايا الاختلاف في المصرفية الإسلامية هدفه النيل من نجاحاتها
أكد المصرفي إبراهيم السبيعي أن المملكة العربية السعودية مؤهلة لأن تكون منطلقا رئيسا لصناعة المصرفية الإسلامية. وقال السبيعي إن الهيئات الشرعية في البنوك السعودية على قدر كبير من الالتزام والاحترام والعلم، وتعمل على أن تكون مختلف مناشط المؤسسات المالية الإسلامية متوافقة مع الشريعة، لكن ما يتعلق بالتورق والاختلافات في المصرفية الإسلامية، قال السبيعي يجب ألا تكون أداة للنيل من نجاحات المصرفية الإسلامية .. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه فهد البقمي:
كيف كانت بدايتكم في العمل المصرفي؟
- بدأنا العمل في الصرافة في مكة المكرمة قبل 60 عاما، وكنا مجموعة من الصرافين نمارس عملا واحدا هو تبديل العملات، وتطور عمل الصرافة إلى أن تم الانتقال إلى جدة وبدأنا نعمل على نطاق دولي واستطعنا الاستفادة من تقنية الاتصالات .. الفاكس والتلكس في ذلك الحين، وتطورنا إلى أن قمنا بفتح فروع لأول مرة في المملكة.
ما أبرز التحديات التي واجهت عملية دمج الصرافين في بنك واحد؟
- لا شك أن عملية دمج الصرافين وتحويلهم إلى بنوك احتاج إلى كثير من الجهد والوقت، حيث استغرق نحو ست إلى سبع سنوات، لأن ذلك احتاج إلى جمع بيانات وإقناع لجميع طوائف الصرافين، وقد كان لمؤسسة النقد العربي السعودي جهود كبيرة في عملية التحول، بما في ذلك تذليل الصعوبات التي واجهتنا، فلم يكن من السهل القيام بهذا النوع من التحول دون دعم ومساندة الجهات المختصة.
هل كان قرار التحول إلى بنك إسلامي موجود لديكم أم أن الظروف حتمت ذلك؟
- بالعكس المصرفية الإسلامية كانت موجودة من قبل، لكنها كانت بدائية ولكن خطوة إنشاء بنك البلاد جاءت في الوقت الذي شهد فيه العالم مولودا جديدا للمصرفية الإسلامية من حيث وجودها وزيادة الطلب عليها، كما أننا كصرافين لم تكن لدينا القدرة على مواكبة التطور وتقديم منتجات أكثر مرونة وتنوعا، لكن هذا الأمر تحقق من خلال نظام مصرفي متكامل تمثل في البنك، واستطعنا تقديم منتجات إسلامية تتوافق مع طلب العملاء والظروف التي فرضتها السوق.
كيف كانت مرحلة الدمج؟
- تم اختيار مجموعة من الصرافين الذين تنطبق عليهم معايير محددة، وكنا من الذين وقع عليهم الاختيار لتأسيس البنك وتم إنشاء بنك البلاد، وبدأ نشاطه منذ أربع سنوات، وفي الوقت الحالي يساهم مساهمة فاعلة في الاقتصاد السعودي، ولديه لجنة شرعية من العلماء وأصحاب الفضيلة وهو يخطو بخطى ثابتة في المجال المصرفي بصفة عامة والمصرفية الإسلامية بصفة خاصة.
كيف تنظرون لواقع المصارف بصفة عامة، والمصارف الإسلامية بصفة خاصة، في ظل المتغيرات الدولية؟
- القطاع المصرفي في المملكة يحظى بدعم كبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين، ومن ذلك سن القوانين والتشريعات التي تشجع وتسهل العمل للمصارف بما في ذلك البنية التحتية، إضافة إلى التحرك الملحوظ لهيئة سوق المال، كما لا يفوتنا الإشارة إلى أن المصرفية الإسلامية وتعاملاتها المالية تمر بمرحلة الاعتراف الدولي بقانونيتها. أما فيما يتعلق بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية فإن ذلك من الأمور الإيجابية للاقتصاد السعودي، وكذلك كافة التعاملات الاقتصادية الإسلامية مع المملكة.
يتردد أن بعض البنوك جعلت من الهيئات الشرعية مظلة لتمرير القروض الربوية، كيف ترد على ذلك؟
- الهيئات الشرعية في البنوك تتكون من علماء دين متخصصين في جوانب متعددة، وهم حريصون على تقنين العمل المصرفي وفقا لتعاليم الدين الإسلامي، ويملكون من القوة والجرأة ما يجعلهم يعلنون تحفظهم على بعض المنتجات التي تقدمها البنوك للعملاء ما لم تتم معالجتها، مثل إيجاد طرق تتلاءم مع الضوابط الشرعية، وفي حال وجود مثل هذه الممارسات فإن ذلك ذنب البنك وليس الهيئة الشرعية، ولكن على حد علمي أن البنوك في المملكة حريصة على العمل وفقا لما تضعه الهيئات الشرعية من ضوابط وإجراءات لضمان توافق المنتجات للشريعة الإسلامية.
كيف ترد على قرار مجمع الفقه الإسلامي بتحريم التورق؟
- مجمع الفقه الإسلامي يبذل جهودا كبيرة في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية، ويولي كافة الأمور اهتماما، ولديه عدد كبير من العلماء والخبراء على اختلاف تخصصاتهم، لكن الذي حدث في فتوى تحريم التورق فهمت على أنه التورق بشكل عام، والصحيح أن نوعا واحدا من أنواعه هو الذي تم تحريمه ولكن اللجان الشرعية عملت على تعديل ذلك وجعلته يتوافق مع التورق الإسلامي، لكن أعداء النجاح هم من يحاولون فتح هذه الملفات، وإلا فالأصل في هذا أن التورق مثل البيع والشراء، فهناك بيوع محرمة شرعا وأخرى جائزة، وكما قلت سابقا السوق مفتوحة ولكل من تلك البنوك عملاء يتماشى مع متطلباتهم.
يكثر الحديث عن تجربة ماليزيا باعتبارها عاصمة المصرفية الإسلامية، كيف ترى ذلك؟
- ماليزيا بدأت بشكل متقدم في قطاع المصرفية الإسلامية، لكن مع ذلك يوجد بعض الملاحظات والشبهات، لعدم وجود لجان شرعية متخصصة. وهذا الأمر يجب أن يؤخذ في الحسبان عندما نتحدث عن هذه التجربة، ولكن نحن في المملكة لدينا لجان شرعية متخصصة ولها ضوابط وتتحفظ على بعض المنتجات، وبالتالي فإن لدينا طموحا إلى أن تكون بلاد الحرمين هي منطلق صناعة المصرفية الإسلامية إلى العالم.
هل تؤيد من يطالبون بجعل المملكة عاصمة للمصرفية الإسلامية، وهل تتوقع تحقيق ذلك؟
- المقومات الكبيرة التي تملكها المملكة كبلد إسلامي عريق وأيضا قوة اقتصادية، تجعلها الأقرب إلى أن تكون هي العاصمة التي تخرج منها القرارات والتوصيات المتعلقة بصناعة المصرفية الإسلامية، خاصة أن لديها تجارب مع البنوك التي تحولت واستطاعت أن تفتح فروعا إسلامية، ولكن التحدي الأكبر في هذا الجانب يتعلق بالتسهيلات التي ستقدمها الدولة من مثل عقد الندوات والمؤتمرات وفتح التأشيرات أمام الخبراء والباحثين للمشاركة الفاعلة في هذه الأنشطة، كي تكون القرارات والآراء نابعة من المملكة لتصل إلى كافة الأقطار بدلا من اللجوء إلى عقد الاجتماعات خارج البلاد.
هل نحن مستعدون لنقل التجربة في مجال العمل المصرفي الإسلامي؟
- نحن مستعدون ولكن نحتاج إلى جهود مشتركة مع دول أخرى لها تجربة كبيرة في هذه الصناعة الحديثة مثل ماليزيا وبعض دول الخليج، على أن يكون هذا العمل بشكل مشترك لتحقيق الهدف الرئيسي والترويج لصناعة مبنية على ضوابط ومعايير محددة ومدروسة، وقد يساعد على ذلك القيام بتنظيم لقاءات على مستوى دولي تهتم بدراسة هذه الصناعة وتستعرض تحدياتها، وتتم كذلك الاستفادة من كافة التجارب والخبراء لتوحيد الجهود والبعد عن العمل الفردي.