بين الغويفات والبطحاء

استثمرت إجازة منتصف العام لأجرب السفر برا إلى الإمارات الشقيقة، حيث شاهدت بعيني ما تناقلته وسائل الإعلام عن تكدس مئات الشاحنات. كما أن الصحافة المحلية تناولت كثيرا سوء إدارة الموانئ السعودية, الذي أدى إلى تكدس البضائع, ما أفسد كثيرا منها. ولم يخل الشحن الجوي هو الآخر من تعرض الإعلام لواقعه المتواضع, حيث يرمي كل طرف على الآخر بالمشكلة (إدارة المطار، الجمارك، الناقل الجوي) في إشارة قوية إلى سوء الإدارة وتواضع التكامل بين الجهات المشتركة. الجانب الاقتصادي في هذه الظاهرة يجرنا إلى الحديث عن الواقع المتواضع للصناعة اللوجستية في المملكة من منظورها العام وعلى فروعها الثلاثة, وهي الشحن: الجوي, البري, والبحري. ولو أردنا عرض المقاييس العلمية للفاعلية والجودة في الصناعة اللوجستية فإن عامل الوقت يأتي في مصاف تلك العوامل. حدثني أحد التنفيذيين في شركة سعودية كبرى تعمل في تجارة التجزئة ذات العمر القصير لبضائعها، بأن شركته تستورد البضائع جوا من أوروبا وآسيا إلى مطاري دبي وأبو ظبي ومن ثم يتم نقل تلك البضائع برا إلى مخازن الشركة في مدن المملكة الرئيسة الرياض, جدة, والدمام. وأفاد بأن هذا الاختيار هو الأجدى اقتصاديا وعملياتيا ويأتي بعد تجارب ومقارنات حتى مع الرحلات المباشرة إلى الرياض وجدة والدمام. ولهذا فإنه لا عجب من التواضع الكبير في حجم الشحن الجوي لمطاراتنا الدولية الثلاثة مقارنة بالمطارات المجاورة التي ظلت تنمو رغم الكساد الاقتصادي الذي أصابها. من يتخيل أن حجم حركة الشحن الجوي في مطار دبي الدولي تزيد على مثيلتها في مطار جدة بعشرة أضعاف! الصناعة اللوجستية لدينا تسربت هي الأخرى بسبب العوائق البيروقراطية وعدم وجود مبادرة واضحة إلى الآن لتطوير القطاعات العامة والخاصة التي تعمل في هذه الصناعة. الطريف في هذا الشأن ما يتردد عن الإدارة المستقبلية لميناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وأنه سيكون مغايرا للموانئ الحالية لأنه سيعمل من خلال مظلة مختلفة! ونسوا أن للموانئ والمطارات إدارات سيادية غير قابلة للخصخصة. أتمنى من مجلس الغرف التجارية عقد ملتقى لتدارس تطوير الصناعة اللوجستية في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي