6 ملفات اقتصادية أمام قادة الخليج في الرياض
تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم اللقاء التشاوري الثاني عشر لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يعقد في ظروف إقليمية ودولية ومستجدات بالغة الحساسية نتيجة تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية.
وسيأخذ الجانب الاقتصادي والمالي، نظراً لأهميته البالغة، حيزاً لا بأس به من مناقشات قادة دول المجلس في هذا اللقاء، حيث سيكون لها تأثير مباشر في التعاون الاقتصادي الخليجي بشكل خاص والتعاون العربي بشكل عام، إلى جانب تعزيز موقع هذا التكتل الاقتصادي وزيادة حضوره على المستوى العالمي.
ومن بين الملفات المهمة المتعلقة بالتكامل الاقتصادي والمالي الخليجي التي ينتظر طرحها للمناقشة الاتحاد الجمركي، الاتحاد النقدي، السوق المشتركة، السكك الحديدية، والربط الكهربائي، إلى جانب ما تم بشأن تسهيل حركة انتقال السلع وعبور الشاحنات بين الدول الأعضاء ومعالجة العقبات التي تعترض ذلك، إضافة إلى كل ما يتعلق بإزالة المعوقات وتسريع الأداء بموجب القرارات الصادرة عن القمم السابقة، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن التي تحث على إزالة العوائق كافة المتعلقة بالشأن الاقتصادي.
وسيطرح على طاولة النقاش أمام قادة دول المجلس ما اتفق عليه وزراء المالية من توصيات بشأن الإجراءات اللازمة لتسهيل حركة انتقال السلع والركاب وعبور الشاحنات بين الدول الأعضاء، إلى جانب توصيات ونتائج الاجتماع المشترك لمديري عامي الجمارك ومديري عامي الجوازات بشأن نفسه وذلك في مسعى لتفادي تكرار أزمات تكدس الشاحنات على المنافذ الحدودية، إلى جانب تقارير المتابعة حول الدراسات التي ما زالت قائمة للتوصل إلى الآلية المثلى المتبعة في المنافذ البينية من قبل الجمارك والجوازات وذلك في إطار تعزيز وتسهيل عملية انسياب السلع والركاب وعبور الشاحنات عبر أراضي دول مجلس التعاون وإلى الدول المجاورة بما في ذلك المراقبة الإلكترونية لها.
ومن البنود التي سيناقشها القادة أيضا ما ورد في الجانب الاقتصادي من الرؤية القطرية التي تهدف إلى تفعيل مسارات التعاون بين دول المجلس، وخصوصاً ناحية استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي وما تم التوصل بشأنه من قبل اللجان الوزارية المعنية لاستكمال هذه المتطلبات، تمهيداً للإعلان عن بدء العمل بالوضع النهائي للاتحاد الجمركي في مطلع 2011، الذي سيمكن المواطنين من زيادة الاستفادة من هذا المنجز، إلى جانب ما تم بشأن ملف آلية تحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية المشتركة بعد انتهاء الفترة الانتقالية للاتحاد الجمركي.
أما الاتحاد النقدي الخليجي وما تم بشأن متطلبات المرحلة المقبلة المتمثلة في استكمال البناء المؤسسي والتنظيمي لأعمال المجلس النقدي فمن المتوقع أيضا أن يكون من المواضيع التي سيبحثها القادة، بعد أن أطلقت دول مجلس التعاون الأعضاء بنهاية آذار (مارس) الماضي مجلسها النقدي، وهو الجهة الفنية المعنية باتخاذ جميع الخطوات والإجراءات المتعلقة بالوحدة النقدية ويمهد لإنشاء البنك المركزي المنتظر، وكان واضحا في حينه أن دول الخليج استوعبت العقبات التي واجهت بعض المشاريع المشتركة السابقة، وهو ما دعاها، حسب مراقبين، إلى السير بروية في هذا الملف الحساس.
وباشر المجلس النقدي أول أعماله بتشكيل لجنة تحضيرية عليا لمتابعة إنجاز الخطوات الأولى لاختيار رئيس تنفيذي للمجلس، ووضع اللوائح والبنى التحتية لعمله، وتهيئة العمل المؤسسي بأسرع وقت ممكن. كما أقر المجلس تعيين الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي رئيسا لأول مجلس نقدي لمدة سنة واحدة اعتبارا من 30 آذار (مارس) الماضي، واختيار رشيد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي نائبا للرئيس لمدة عام.
ومعلوم أن تعيين المجلس التنفيذي للمجلس من أبناء الدول الأعضاء في الوحدة النقدية (السعودية، الكويت، قطر، والبحرين)، الذي يتكون من الرئيس التنفيذي الذي سيعمل بدوره على تعيين الكوادر التنفيذية الإدارية وغيرها في المجلس ليقوم بالجوانب الإدارية كافة، بحيث يكون دور مجلس الإدارة إشرافيا، فيما يتولى المجلس التنفيذي وضع الخطط وتنفيذ القرارات المتعلقة بالمجلس النقدي. واستعرض الأعضاء خلال الاجتماع، متطلبات المرحلة المقبلة المتمثلة في تنفيذ المهام الرئيسة للمجلس التي حددها نظامه الأساسي، ومن أبرزها: تهيئة وتنسيق السياسات النقدية، استمرار تطوير الأنظمة الإحصائية، وتهيئة نظام المدفوعات والتسويات. كما ناقشوا أيضا عددا من المواضيع اللازمة لعمل المجلس من بينها استكمال الجهاز التنفيذي للمجلس، وإعداد اللوائح المالية والإدارية والميزانية التشغيلية للمجلس للسنة المالية الحالية، إلى جانب الجهود المبذولة لاختيار مبنى مؤقت للمجلس التنفيذي في مدينة الرياض والمبنى الدائم في مركز الملك عبد الله المالي.
وتعتبر العملة الخليجية الموحدة أحد المشاريع الطموحة التي تتطلع إليها شعوب المجلس التي ستحقق في حال إقرارها مجالاً واسعاً من التعاون والتكامل الاقتصادي وستعطي اقتصادات المجلس قوة لتجعل منها كتلة اقتصادية تواجه التكتلات الاقتصادية الأخرى خاصة في ظل تنوع الأزمات المالية والمنافسة بين الكتل الاقتصادية العالمية، فعلى سبيل المثال الاتحاد الأوروبي زادت قوته بعد إصدار اليورو.
كما ينتظر أن تبحث القمة التقارير المتعلقة بمشروع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي بعد الانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع ودخوله في دراساته التفصيلية وإعداد تصاميمه الهندسية. كذلك استعرض الآليات اللازمة لتفعيل المادة الخامسة من الاتفاقية الاقتصادية بشأن تعزيز بيئة الاستثمار بين دول المجلس وتشجيع إقامة المشاريع المشتركة وزيادة الاستثمارات البينية التي تسهم في التكامل بين الدول الأعضاء.
وستبحث القمة الخليجية أيضا تقارير المتابعة حول استخدامات التقنية النووية للأغراض السلمية في إطار برنامج دول مجلس التعاون المشترك، إضافة إلى ملفات ما ينجز في إطار السوق الخليجية المشتركة، حيث ستناقش القمة تقارير تتصل بما تم إنجازه في إطار هذه السوق خاصة بعد أن قطعت دول المجلس شوطاً كبيراً فيما يتصل بتنفيذ مزاياها وتحقيق تقدم ملموس في مسيرة السوق، وسبل إزالة العقبات التي تعترض مسيرة مجلس التعاون. وكذلك ما تم الاتفاق عليه من قبل وزراء المالية بشأن مقترح الكويت بتأسيس صندوق ائتماني متعدد الأطراف للصرف على البرامج المتعلقة بمعالجة المشكلات البيئية في منطقة الخليج، الذي سيضم إضافة إلى دول المجلس إيران والعراق، وذلك من خلال إنشاء حساب لدى البنك الدولي يكون مفتوحا لمساهمة هذه الدول المذكورة، إضافة إلى دول أخرى وذلك للحفاظ على البيئة وللحد من تلوث البيئة والغازات السامة المنبعثة سواء في المياه أو في الجو.
وكان عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي قد أعلن في وقت سابق أن قادة دول المجلس سيناقشون خلال اللقاء التشاوري تقريراً شاملاً عن التعاون العسكري بما في ذلك إنشاء قوة التدخل السريع في ضوء نتائج الاجتماع التشاوري للجنة العسكرية الخليجية العليا المكونة من رؤساء أركان الجيوش الذي عقد في الكويت أخيرا. وأوضح العطية في حينه أن الاجتماع تم فيه بحث التفاصيل كافة المتعلقة بإنشاء هذه القوة تحت مظلة مجلس التعاون وقوات درع الجزيرة.
وتمثل القمم التشاورية فرصة لقادة دول مجلس التعاون لتبادل الآراء وفقاً للمصالح المشتركة وإعطاء توجيهاتهم لمواكبة المستجدات والتحديات التي تحدث على الساحة الخليجية سواءً كانت أمنية أو اقتصادية أو غيرها ما يستدعي منهم تطوير العمل والارتقاء به. وكثيراً ما أسهمت هذه القمم في إيجاد مواقف تجاه التعامل مع جملة من القضايا المحلية خاصة المتعلقة بمسيرة المجلس حرصاً من القادة على تطويرها وتفعيل وتنشيط آليات عملها وصولاً إلى وحدة الرؤى والمواقف المشتركة، ما يفعل دور المجلس على الساحات الخليجية والعربية والدولية حيال القضايا بالغة الأهمية.