بريطانيا: مجموعة «ضغط» لإقناع الحكومة بإصدار أول صكوك سيادية في العالم
أطلقت مجموعة من البنوك الإسلامية والهيئات الحكومية في بريطانيا مجموعة ضغط (لوبي) تهدف إلى إقناع الحكومة البريطانية المنتخبة حديثا بأن تقوم بإصدار أول سندات إسلامية سيادية في العالم.
وتأتي تلك التطورات بعد أن أصبح زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون رئيسا جديدا للوزراء في بريطانيا عقب استقالة جوردون براون الذي فشلت إدارته في الوفاء بوعدها بإصدار صكوك سيادية لتقليص العجز الهائل في الميزانية البريطانية.
وتضم مجموعة الضغط هذه خبراء في المصرفية الإسلامية.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تطمح جماعة ضغط من المتنفذين في حي المال اللندني إلى إقناع حزب المحافظين بإصدار الصكوك السيادية التي طال انتظارها بعد ما عدلت الإدارة السابقة عن جميع الوعود التي قطعتها حول هذه الأدوات الإسلامية.
أطلقت مجموعة من البنوك الإسلامية والهيئات الحكومية في بريطانيا مجموعة ضغط (لوبي) تهدف إلى إقناع الحكومة البريطانية المنتخبة حديثا بأن تقوم بإصدار أول سندات إسلامية سيادية.
تأتي تلك التطورات بعد أن أصبح زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون رئيسا جديدا للوزراء في بريطانيا عقب استقالة جوردون براون الذي فشلت إدارته في الوفاء بوعدها بإصدار صكوك سيادية لتقليص العجز الهائل في الميزانية البريطانية.
وتظم مجموعة الضغط هذه خبراء المصرفية الإسلامية العاملين حالياً ضمن اللجان التابعة للأجهزة الحكومية، مثل جهاز التجارة والاستثمار، وهو هيئة حكومية بريطانية مهمتها مساعدة الشركات البريطانية على النجاح في الاقتصاد العالمي، وكذلك وزارة المالية وسلطة الخدمات المالية، في سبيل تعزيز وضع بريطانيا لتكون مركزاً تجارياً نشطاً للمصرفية الإسلامية.
وقال جيمس باغشاوي، كبير الإداريين التشغيليين في جيت هاوس Gatehouse، البنك الإسلامي المستقل في بريطانيا، إن الجهاز الجديد سيضم خبراء من البنوك وشركات المحاماة ومحاسبين يمثلون الصناعة أمام السلطات البريطانية في الشؤون التشريعية، والمالية العامة، والتنظيمية والسياسية.
وأوضح باغشاوي لـ ''رويترز'':''سنتصرف على أننا مجموعة ضغط إذا اتفقنا حول بعض القضايا، لكن الهدف الرئيسي هو أن تجتمع جميع الأطراف معاً لتطوير قطاع المصرفية الإسلامية، بمعني أن نكون محطة واحدة ترعى جميع شؤون الصناعة''.
وأضاف: ''جزء من أجندة تطوير الأعمال لدينا يقوم على تشجيع الحكومة البريطانية على إصدار الصكوك. نريد المزيد من اللاعبين حتى تستطيع لندن أن تصبح أكبر أهمية من ذي قبل وأن تستطيع قيادة الآخرين من حيث توحيد معايير المنتجات، وكذلك تطوير الصناعة على المستوى العالمي''.
صكوك حزب المحافظين
تظل بريطانيا أكثر الأسواق الإسلامية تطوراً في أوروبا، على الرغم من أنها لا تزال مترددة في إصدار سندات سيادية إسلامية، وهي إصدارات كان من المتوقع أن تكون بنحو ملياري جنيه إسترليني من خلال سندات ذات آجال قصيرة.
ومن رأي همفري بيرسي، كبير الإداريين التنفيذيين في بنك لندن والشرق الأوسط، وهو أحد خمسة بنوك في بريطانيا لا تتعامل إلا بالمنتجات الإسلامية، أن بريطانيا ستنظر من جديد في مسألة إصدار الصكوك، في سبيل العثور على طرق لتسديد ديونها المتصاعدة.
وأضاف: ''لدينا مباحثات مبدئية مع الحكومة الجديدة (يقصد حزب المحافظين)، وقد أعرب المسؤولون عن اهتمامهم بالمشروع، بل كان اهتمامهم كبيراً تماماً، لأن الأمور تغيرت منذ المباحثات المبدئية في عام 2005 وعام 2006.
حلم الإصدار السيادي الإسلامي
يرى خبراء في صناعة المال الإسلامية أن على باريس ولندن، المركزين الماليين المتنافسين على قيادة أعمال المصرفية الإسلامية في أوروبا، إصدار الصكوك قريباً لإظهار التزامهم بتطوير الصناعة.
وأخفقت سوق السندات الإسلامية في أوروبا في التوصل إلى صفقات نشطة بعد انهيار بنك ليمان براذرز، حين كان من الصعب الحصول على الائتمان، وكانت الشركات تسعى بقوة للحصول على بدائل لأساليب التمويل التقليدي.
وتقول فارميدا بي، الشريك لدى مؤسسة المحاماة نورتون روز، ''قبل 12 شهراً كانت جميع الشركات البريطانية والأوروبية تتحدث إلينا حول الاستفادة من الأسواق الإسلامية، لأن مصادرها التمويلية التقليدية أصيبت بالجفاف''.
عدد من العوامل، بما في ذلك التعقيدات القانونية والسياسية، ساعدت في تعطيل الصفقات المحتملة، على نحو ترك المدينتين (لندن و باريس) تَجهدان في سبيل الصدقية وإعطاء داخلين جدد إلى السوق، مثل تركيا، الفرصة للدخول إلى عالم المصرفية الإسلامية.
حيث تراجعت الشهية في دول البر الأوروبي في أعقاب النزاعات حول سندات دبي، ولم تقم فرنسا ولا بريطانيا بإصدار أي صكوك.
في نيسان (أبريل) الماضي كان يبدو أن فرنسا فازت في السباق على الصكوك، بعد أن قال جيل سانت مارك، وهو عضو في لجنة المصرفية الإسلامية لدى يوروبلاس في باريس، التي تروج للحي المالي في العاصمة الفرنسية، إن إحدى الشركات كانت على وشك إصدار صكوك بقيمة مليار يورو.
لكن بعد أن انقضى قسم لا بأس به من عام 2010، قال سانت مارك إن باريس ما تزال تحاول معالجة القضايا الأساسية، مثل التغيرات الضريبية والقانونية، في سبيل تجنب الضرائب المزدوجة على المنتجات الإسلامية.
الصكوك التركية الفتية
هناك منافس آخر ظهر على الساحة، وهو تركيا. وحيث إن تركيبتها العلمانية كانت تشكل عائقاً أمام تطور المصرفية الإسلامية، فإنها تعطي علامات على التراجع واحتمال فتح الأبواب أمام سوق يوجد فيها 80 مليون مسلم، كما قال إمام غازي، رئيس قسم المصرفية الإسلامية لدى مؤسسة المحاماة برجس سالمون.
وقال غازي إنه إذا تم إصدار صكوك تركية فإنها لن تشكل تهديداً مباشراً لمكانة لندن، لكنها يمكن أن تعزز من موقف المنافسة.
وتابع : ''سيقومون بإصدار الصكوك في نهاية الأمر. إحساسي يقول إن الأفكار الإسلامية الصافية تكتسب الزخم الآن. سيكون هناك بالتدريج المزيد من البنوك الإسلامية على نحو أكبر بكثير من ذي قبل.
يذكر أن المخاوف حول القدرة على تسديد الالتزامات الخاصة بالصكوك، أو السندات الإسلامية، الصادرة عن شركة التطوير العقاري ''نخيل''، التابعة لمجموعة دبي العالمية، وضعت المصرفية الإسلامية على المسرح العالمي وأدت إلى تلويث صناعة كان من المتوقع لها أن تظل في وضع اقتصادي جيد حتى في الوقت الذي تتراجع فيه البنوك التقليدية.
وقال الفقيه محمد داود بكر إنه يتعين على الصناعة أن تضع خطوطاً إرشادية في سبيل الحؤول دون نشوء حالات اللبس التي عانى منها المستثمرون بخصوص هيكلة منتجات المصرفية الإسلامية، وبخصوص الموجودات التي تقوم عليها تلك المنتجات.
وقال بكر: ''نحن بحاجة إلى أن يكون لدينا أجهزة تنظيمية لتحديد ما نعني بالأوراق المالية القائمة على الموجودات والمدعومة بالموجودات. نريد المزيد من الشفافية والتنظيم. هذه هي الحلقة المفقودة في هذا الجزء من العالم''.
هذه ليست مهمة سهلة، بالنظر إلى أن صناعة المصرفية الإسلامية تمتد إلى جميع أنحاء الكرة الأرضية، وهي تقع تحت مناطق اختصاص قضائي لها اجتهادات مختلفة بخصوص الأحكام الشرعية الإسلامية.
على سبيل المثال فإن ماليزيا تعتبر أكثر تحرراً في وجهة نظرها حول التزام المنتجات المالية بالأحكام الشرعية، في حين أن المملكة لديها قواعد أكثر تشدداً بكثير حول ما هو جائز وما هو محرم شرعاً.
وقال بكر إنه ينبغي على كل بلد أن يبدأ حواراً محلياً للإجابة على الأسئلة الأساسية الخاصة بالشفافية قبل التحول نحو إنشاء جهاز تنظيمي للصناعة في البلد.
وأضاف أن وجود جهاز مركزي لتنظيم الصناعة ربما يكون حلاً في مرحلة لاحقة لمساعدة البنوك وجهات الإقراض على أن تكون لديها جهة ترجع إليها بخصوص المسائل المتعلقة بإعادة هيكلة الصكوك. وقال إنه يمكن لهذا الجهاز أن يعمل كذلك كهيئة ''شبه حكومية''، بحيث تكون مهمته هي متابعة شؤون الصكوك التي أصيبت بالإعسار في حالة حدوث ذلك.
يشار إلى أن القوانين التنظيمية في الوقت الحالي موزعة بين البنوك المركزية وهيئات وضع المعايير والفقهاء.