مختصون: إحياء الصكوك بسداد «نخيل» لا يكفي.. والغموض هزّ الثقة بالتمويل الإسلامي
حذر خبراء اقتصاديون في صندوق النقد الدولي من أن احتمال قيام شركة نخيل بسداد سنداتها الإسلامية البالغة 1.7 مليار دولار في الوقت المحدد قد لا يكفي لإحياء سوق الصكوك العالمية هذا العام.
وقال الخبراء ''حالة الغموض المحيطة بمستوى حماية المستثمرين في حال أخفقت الوحدة العقارية التابعة لدبي في سداد دينها ستؤدي إلى هز الثقة بالتمويل الإسلامي.
وأفاد الخبراء إن هذا الإرتباك يُعزى إلى الافتقار إلى إطار تنظيمي فعال للتعامل مع مثل هذه السيناريوهات.
وقال الخبيران الاقتصاديان هايكو هيس وأندرياس جوبست في مقال لشركة التحليل المالي الأمريكية روبيني جلوبال إيكونوميكس ''تأذت مشاعر المستثمرين تجاه إصدارات الصكوك بشدة من تجميد ديون نخيل في البداية، وربما توقف التعافي القوي لسوق الصكوك هذا العام في أعقاب استمرار الغموض الذي يكتنف حماية المستثمرين''.
وأدى استمرار القلق حول سداد نخيل لصكوكها، علاوة على التخلف عن السداد من جانب اثنتين من الشركات في دول مجلس الخليج، إلى إخماد حماس المستثمرين لإصدارات السندات الإسلامية الجديدة في المنطقة هذا العام.
وكانت الشركة الأم لـ «نخيل»، وهي شركة دبي العالمية التي تسيطر عليها حكومة دبي، قد طلبت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مهلة ستة أشهر لسداد ديونها، التي قدرت حينذاك بمبلغ 26 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين عُدلت ديون دبي العالمية إلى 24.8 مليار دولار.
وفي آذار (مارس) الماضي، تم الإعلان عن مقترحات للسداد الكامل وفي الموعد المحدد للمستثمرين في صكين أصدرتهما ''نخيل''، مما استبعد معه أي احتمال تخلف عن السداد. وقد نجم عن الارتفاع في تكلفة التأمين على الدين السيادي وشبه السيادي شبه توقف تام في إصدارات الصكوك الجديدة في المنطقة.
ووفقا لبيانات الأهلي كابيتال، فإن إجمالي إصدارات الصكوك العالمية ارتفع في المقابل بنسبة 114 في المئة في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، ليصل إلى 4.7 مليار دولار ، مدفوعا بالدرجة الأولى بالنمو القوي في ماليزيا وإندونيسيا.
بيد أن الكثير من علماء الشريعة والممارسين يتساءلون عمّا إذا كان التزايد الملحوظ، أخيرا، في إصدارات الصكوك مستدامًا أم لا، حيث قال منوَّر إقبال، أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الإسلامية الدولية في باكستان، إن سوق الصكوك ستظل متوسطة الحال إلى أن تحدث تغيرات فعالة.
وأضاف إقبال في ندوة حول الصكوك أقيمت في دبي قبل أيام ''التعافي قصير المدى الذي حدث أخيراً يرجع إلى فائض في السيولة لا غير. وأعتقد أن القطاع سيظل تحت غمامة قاتمة لبعض الوقت إلا إذا ابتكرت منتجات حقيقية متوافقة مع الشريعة الإسلامية''.
وأوضح إقبال إن الثقة بالقطاع ظلت مهتزة منذ قال عالم الشريعة الإسلامية محمد تقي عثماني عام 2008 إن معظم الصكوك ليست متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وقد تفاقم هذا الشك أكثر نتيجة التخلف عن سداد الصكوك أخيرا.
ومضى يقول ''لكن في حين أن صناعة الصكوك تفتقر إلى التوحيد القياسي، فإنها تحتاج وبشكل ملح للغاية إلى خبراء ماليين يمكنهم الجمع بين المعرفة بالتمويل، والاقتصاد التقليديين والخبرة بالشريعة الإسلامية''.
وأضاف ''إن واحدة من أعظم المشكلات هي توافر المهندسين الماليين الذين يعرفون الاثنين''.
وقال الخبيران هيس وجوبست ''سوف يزيد الجدل الحالي من توقعات مزيد من الشفافية حول هياكل الصكوك؛ حيث إن الحالات التي رأيناها أخيرا من التخلف عن السداد كانت بمثابة تذكِرة مؤلمة بالعديد من الأخطار التي لم يأخذها المستثمرون في اعتبارهم من قبل''.
وأضافا قائلين إنه في المستقبل، سيطلب أصحاب الدين المحتملون على الأرجح مزيدا من الضمانات الصريحة من مصدري الدين شبه السيادي لتشجيعهم على الاستثمار فيه.
وكانت صكوك نخيل مضمونة صراحة من دبي العالمية - ولكن ليس من حكومة دبي- بيد أن الكثير من المستثمرين كانوا يعتقدون أن الصكوك تحظى بدعم ضمنيّ من الحكومة.
وجاء في تقرير للأهلي كابيتال، أكبر بنك استثماري في المملكة، إن أزمة الائتمان التي عصفت باليونان والتوقعات غير المبشرة فيما يتعلق بالأمم الأوروبية عالية الاستدانة مثل البرتغال وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا ظلت أيضا تزيد الوطأة على سوق الصكوك السيادية في دول الخليج.
وقال جيرمو كوتينين، رئيس الدائرة الاقتصادية في الأهلي كابيتال، في التقرير الذي نشر الأسبوع الماضي ''ستستمر حالة الشك على الأرجح في منطقة الخليج في الوقت الحالي، فيما تطلب دبي العالمية موافقة الدائنين على مقترحاتها لإعادة هيكلة ديونها''.
وأوضح كوتينين أن البنك يظل متفائلاً على المدى المتوسط بأن أسواق السندات في دول الخليج في طريقها إلى التعافي. وسيؤدي تخفيض الهوامش على السندات المقومة بالعملات المحلية إلى تسعير أفضل، مما يشجع المصدرين المحتملين على الدخول إلى السوق.